المفوضية الأوروبية تطالب الدول الأعضاء باتخاذ إجراءات لمكافحة البطالة

بعد أن وصلت إلى معدلات قياسية في منطقة اليورو

أسبان ينظاهرون ضد النظام البنكي امام مصرف «كتالونيا كابكسا» في برشلونة (أ.ب)
TT

وصلت معدلات البطالة في منطقة اليورو إلى أرقام قياسية، حسبما جاء في تقرير صدر عن مكتب الإحصاء الأوروبي، وفي رد فعل من جانب الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي (المفوضية) على هذه المعدلات المرتفعة من البطالة، وخاصة بين الشباب، التي بلغت 11.7 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قالت المفوضية الأوروبية إنها أخبار مؤسفة، وخاصة أن الأمر يتعلق بشباب تقل أعمارهم عن 25 عاما، ويأتي ذلك بعد يومين فقط من اقتراح رئيس المفوضية الأوروبية مانويل باروزو، تخصيص أموال في موازنات أعوام 2014 - 2020 بدول الاتحاد الأوروبي لمكافحة البطالة، وبخاصة بين الشباب. وتزامن ذلك مع اختتام النقاشات داخل مقر البرلمان الأوروبي ببروكسل حول ما يعرف بالفصل الدراسي الأوروبي، بمشاركة نواب من البرلمانات الوطنية يصل عددهم إلى مائة برلماني، وذلك للبحث في ترتيبات واسعة لتنسيق السياسات الاقتصادية قبيل انعقاد القمة الأوروبية المقررة في السابع من شهر فبراير (شباط) الجاري، وستركز على ملف الإطار المالي المتعدد السنوات، أو ما يعرف بموازنة 2014 - 2020، وهي نقاشات جاءت بعد أن عبر رئيس مجلس النواب الأوروبي مارتن شولتز عن شكوكه في إمكانية الاتفاق حول ميزانية الاتحاد الأوروبي للسنوات السبع المقبلة خلال قمة زعمائه. جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي عقده شولتز في بروكسل، وقال فيه: «أتمنى أن يحصل اتفاق. فهذا سوف يزيد الثقة بتخطيطنا. ولكن يجب أن تكون التسوية، إذا حصلت، مقبولة للبرلمان. لدي الانطباع بأن المواقف بين الدول الأعضاء بعيدة عن بعضها، وبحسب ما أسمع فخطوط التسوية ما زالت بعيدة جدا عما نريده في البرلمان».

والخلاف حول الميزانية بين عامي 2014 و2020 يتمحور حول مطالب عدد من الدول الأوروبية، أبرزهم بريطانيا، بأن يتم تخفيضها، وهو ما يرفضه البرلمان الأوروبي بشدة.

وقال جوناثان توود المتحدث باسم المفوضية: «إن 24 في المائة من الشباب الذين تقل أعمارهم عن 25 عاما يعانون من البطالة في منطقة اليورو، في حين يبلغ عدد العاطلين عن العمل من نفس الفئة العمرية 23 في المائة في عموم الدول الأعضاء في التكتل الموحد». وطالب المتحدث الدول الأعضاء بالعمل من أجل اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لمعالجة مشكلة البطالة، منوها بأن «المفوضية قدمت توصيات خاصة بكل بلد على حدة؛ من أجل معالجة مشكلة البطالة، وما زلنا نأمل أن تطبقها الدول الأوروبية للحد من هذه الظاهرة».

ورأى أن على الدول الأعضاء في منطقة اليورو الاستفادة من التجربة المطبقة في كل من النمسا وفنلندا، والقاضية بتأمين فرصة تدريب وتأهيل للشباب بعد عدة أشهر من إنهائهم الدراسة، و«في هذا المجال يتم العمل على تحسين كفاءات الشباب المهنية من أجل تعزيز فرصهم للحصول على عمل»، وأوضح أن المفوضية تسعى لإعداد اقتراحات قانونية من أجل مساعدة الشباب في الحصول على عمل، خاصة تسهيل البحث عن وظيفة في بلد أوروبي آخر، إلا أنه رأى «أن هذا ليس هو الحل بالنسبة لجميع العاطلين عن العمل».

وقبل يومين اقترح رئيس المفوضية الأوروبية مانويل باروزو تخصيص أموال في موازنات أعوام 2014 - 2020 بدول الاتحاد الأوروبي لمكافحة البطالة، وبخاصة بين الشباب، وقال باروزو في مؤتمر اقتصادي بالبرلمان الأوروبي: «منذ نهاية 2012 بدأ الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو الخروج من الركود. مؤشرات الأسواق المالية تحسنت بشكل ملحوظ. الجهود على المستوى الوطني تستحق العناء، لا تضيع هباء». وأضاف: «لكن لا يوجد على الإطلاق مكان للرضا عن النفس. الوضع الاجتماعي خطير للغاية. البطالة، وبخاصة بطالة الشباب، مصدر قلق كبير. في 12 من الـ27 دولة الأعضاء، البطالة بين الشباب تتجاوز 25 في المائة، وبعض دولنا الأعضاء تواجه حالة اجتماعية حقيقية طارئة». واعتبر أن غالبية الدول الأعضاء تعترف بالحاجة الملحة لمواجهة مشكلات البطالة على المستوى الأوروبي أيضا. وقال: «نعرف أن الكثير من الوسائل لمكافحة الفقر تظل على المستوى الوطني، ولكن بصراحة لا يمكن تفادي مناقشة هذا الموضوع على المستوى الأوروبي».

وأكد رئيس المفوضية الأوروبية أنه «من الواضح أن علينا اتخاذ تحركات أكثر ديناميكية للتصدي للبطالة، وبخاصة البطالة بين الشباب، وأثق في حدوث ذلك»، خلال القمة الأوروبية في السابع والثامن من فبراير، الذي ينبغي أن يتفق فيه القادة على ميزانية 2014 - 2020 بالاتحاد الأوروبي.

يذكر أنه خلال قمة ديسمبر الماضي في بروكسل، اتفق قادة الاتحاد الأوروبي على تعميق الوحدة الاقتصادية والنقدية لهذا التكتل الذي يعاني من أزمة مالية تهدد مستقبله، ويتفقون على مبدأ اتخاذ تدابير موحدة لتطهير الأوضاع المالية للاتحاد وإنقاذ البنوك المتعثرة.

رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي وعد من جهته بتقديم مذكرة في يونيو (حزيران) المقبل حول جدول الإصلاحات التي سيقوم بها الاتحاد لتعميق تكامله الاقتصادي والنقدي.

يذكر أنه في ختام القمة توصل القادة إلى اتفاق بشأن المضي قدما على طريق إنقاذ منطقة اليورو، مع التركيز على عدة أمور، ومنها تعزيز النظام المصرفي، ووصف ما تحقق من اتفاق على إنشاء آلية مراقبة البنوك، بأنه انفراجة سوف تعزز القطاع المالي وتكسر الحلقة المفرغة بين البنوك والسلطات السيادية، كما تساعد على ضمان الاستقرار وتحسين شروط الإقراض، وخاصة ما يقف وراءها من أهداف تتعلق بالنمو وخلق فرص العمل، وأشار فان رومبوي إلى أن الشهور الأخيرة شهدت عملا كبيرا لإنجاز أمور كثيرة لم تكن موجودة حتى يونيو الماضي، وفي غضون عدة أشهر أصبح هناك آلية مراقبة مالية في الموعد المطلوب؛ أي قبل نهاية ديسمبر 2012، وهذا يظهر قدرة الاتحاد الأوروبي على اتخاذ الإجراءات الحاسمة في الوقت المناسب، والآلية ستخلق توازنا جيدا؛ لأنها تخدم حاجة منطقة اليورو وأيضا تبقى مفتوحة للجميع، وتعرف الآلية تقسيم معقول للعمل بين المصرف المركزي الأوروبي والسلطات الوطنية، وبالنسبة للمصرف المركزي الأوروبي ستضمن فصلا واضحا بين السياسة النقدية والمهام الإشرافية، كما أضاف فان رومبوي أن الاتفاق سيحافظ على سلامة السوق الموحدة للخدمات المالية.

وأشار المسؤول الأوروبي إلى أن القادة اتفقوا على إنشاء إطار تنفيذي في النصف الأول من العام 2013؛ حيث إنه بعد إنشاء آلية المراقبة البنكية سوف يكون هناك إمكانية لإنشاء آلية لإعادة رسملة البنوك، وسوف تكون هناك حاجة إلى آلية واحدة للقرار مع الصلاحيات اللازمة وتوفير الضمانات المطلوبة، وسوف تقدم المفوضية الأوروبية مقترحات حول هذا الصدد في عام 2013، والهدف من ذلك هو الحد من المخاطر على الاقتصاد والمودعين ودافعي الضرائب، بحيث يكون هناك آلية للتعامل مع الأمور في حالة فشل أي من البنوك في عملها، على أن تتم هذه الأمور بصورة سريعة وعملية، وفي مصلحة الجميع، أما بالنسبة للموضوع الثاني، وهو تعزيز الوحدة الاقتصادية، سيقوم رئيس المجلس الأوروبي بتقديم التدابير المطلوبة والمحددة زمنيا في قمة يونيو من العام الجاري 2013، بالتعاون مع المفوضية الأوروبية، والدول الأعضاء، ويتعلق الأمر بأربعة أمور، وهي تنسيق الإصلاحات الاقتصادية الرئيسية، وثانيا البعد الاجتماعي لآلية الإنقاذ الأوروبية، وثالثا ما يتعلق بالقدرة التنافسية والاتفاقات بين الدول الأعضاء والمؤسسات الاتحادية حول هذا الصدد، ورابعا آليات التضامن التي يمكن أن تعزز الجهود التي تبذلها الدول الأعضاء من أجل تحقيق النمو وخلق فرص العمل.