عقب تحقيقات السلطات البريطانية.. «باركليز» يثير الجدل مجددا في السعودية

مختص لـ «الشرق الأوسط» : ارتفاع حجم التحقيقات الجارية حول البنك سيكون مصدر «قلق»

التحقيقات التي تدور حول بنك «باركليز» باتت عاملا مؤثرا في تشويه صورة البنك («الشرق الأوسط»)
TT

أثارت التحقيقات التي تجريها السلطات البريطانية في مزاعم تتعلق بإقراض بنك «باركليز» مستثمرين قطريين للاستثمار إبان الأزمة المالية العالمية، الجدل مجددا حول قضية البنك المتعلقة بكيفية حصوله على الرخصة اللازمة للدخول كمستثمر جديد في السوق السعودية.

وتتلخص ردة فعل المستثمرين السعوديين تجاه القضية الجديدة، التي تحقق بها السلطات البريطانية، في مدى التزام البنك البريطاني بالأنظمة والتشريعات والقوانين اللازمة لمزاولة النشاط المالي والاستثماري، في حين يرى مختص في مجال القطاع المالي والاقتصادي أن جميع هذه المستجدات من الممكن أن تؤثر على أداء شركة «باركليز السعودية» خلال الفترة المقبلة.

وأمام هذه المستجدات، قال فيصل العقاب الخبير الاقتصادي والمالي لـ«الشرق الأوسط» أمس: «يبدو أن بنك باركليز البريطاني يعاني كثيرا من ملفات التحقيق الجارية حاليا من قبل وزارة العدل الأميركية أو السلطات البريطانية. جميع هذه المعطيات تؤثر في نهاية المطاف على ثقة المستثمرين والعملاء في هذا البنك أولا، وفي شركاته التابعة ثانيا، لتصبح بالتالي مصدر قلق لجميع الأطراف».

ولفت العقاب خلال حديثه إلى أن «باركليز السعودية» باتت بحاجة فعلية إلى تنبيه مستثمريها وعملائها حول أثر القضايا التي تدور حول بنك باركليز بكل شفافية ووضوح، وقال: «مثل هذه المواقف تحتاج إلى إدارة أزمات، ومن وجهة نظري، فإن (باركليز - السعودية) ليس لها علاقة مباشرة بقضايا التحقيقات التي تجري حول البنك، ولكن الأثر في نهاية الأمر يتعلق بسمعة هذا البنك أمام المستثمرين والعملاء».

من جهة أخرى، علّق خالد السلطان وهو مستثمر سعودي على قضية «باركليز» قائلا: «ارتفاع حجم التحقيقات التي تجريها السلطات البريطانية والأميركية حول بنك باركليز، يثير الجدل في حقيقة الأمر حول مدى التزام هذا البنك بالأنظمة والقوانين اللازمة»، مؤكدا على أن عنصر «الثقة» يعد الأكثر أهمية في علاقة أي مؤسسة مالية مع العملاء والمستثمرين.

ويشار إلى أن صحيفة «فاينانشيال تايمز» ذكرت أن السلطات البريطانية تحقق في مزاعم بأن بنك باركليز أقرض قطر أموالا للاستثمار في البنك، في إطار حملته لجمع أموال بهدف إنقاذه في ذروة الأزمة المالية عام 2008. وذكرت الصحيفة أن «قطر القابضة» ليست متهمة بارتكاب أي مخالفات. وتحقق هيئة الخدمات المالية ومكتب مكافحة الاحتيالات الخطيرة في بريطانيا، منذ يوليو (تموز) الماضي، في عملية جمع الأموال التي قام بها «باركليز».

واستثمرت قطر القابضة 3.‏5 مليار جنيه إسترليني (4.‏8 مليار دولار) في «باركليز» في يونيو (حزيران) وأكتوبر (تشرين الأول) من عام 2008 لمساعدته على تجنب اللجوء إلى حزمة إنقاذ من الحكومة، على عكس منافسيه؛ مجموعة «لويدز» و«رويال بنك أوف اسكوتلند». ونقلت الصحيفة عن مصدرين مطلعين قولهما إن المزاعم عن تقديم قرض إلى القطريين تمثل خيطا جديدا في التحقيق.

وبحسب «رويترز» قالت متحدثة باسم «باركليز»: «لا تزال تحقيقات هيئة الخدمات المالية ومكتب مكافحة الاحتيالات الخطيرة مستمرة، ومن ثم لا يمكننا الإدلاء بأي تعليقات أخرى». وكانت الصفقة المبرمة مع قطر قد أثارت جدلا منذ البداية. وشعر المساهمون بالغضب لعرض البنك على قطر شروطا للاستثمار، أكثر جاذبية من تلك المعروضة على المستثمرين القائمين، وحققت قطر أرباحا قدرها 7.‏1 مليار جنيه إسترليني من تسييل ضمانات في البنك في نوفمبر (تشرين الثاني) وفقا لتقديرات «رويترز». و«قطر القابضة» هي أكبر مساهم في البنك بحصة نسبتها 7.6 في المائة، وهي شركة تابعة لجهاز قطر للاستثمار، الذي أسسته الدولة عام 2005 لتنويع الاستثمارات، بعيدا عن قطاع النفط والغاز، وضخها في أصول جديدة.

الجدير بالذكر أن مصادر مطلعة ذكرت لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق، أن دول الخليج باتت بشكل رسمي خارج دائرة الاتهامات التي تحقق بها وزارة العدل الأميركية خلال الأيام الحالية، وهي التحقيقات التي تجري حول مدى إمكانية تقديم بنك «باركليز البريطاني» أموالا غير سليمة، بهدف الحصول على خدمات معينة من أطراف ثالثة.

وكان مجلس إدارة شركة «باركليز - العربية السعودية» قد أكد في بيان صحافي، أن الشركة لم تقم بدفع أي مدفوعات غير قانونية إلى هيئة السوق المالية، أو أي من موظفيها فيما يتعلق بمنح الرخصة التنظيمية للشركة في السعودية، مشيرة إلى أنها تأخذ المسائل التي طرحتها وسائل الإعلام بجدية بالغة.

وقالت شركة «باركليز - العربية السعودية» في بيانها الصحافي: «تؤكد شركة (باركليز - العربية السعودية) التزامها تجاه مزاولة العمل في السعودية وفق أعلى المعايير المهنية، وأن تكون جزءا من مسيرة التطور المستمر للقطاع المالي في البلاد». وبينما كانت هيئة السوق المالية السعودية قد أكدت أن ملف قضية بنك باركليز، التي تمت إثارتها مؤخرا في وسائل إعلام أميركية ما زال غامضا، قالت في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» حينها: «نحن ملتزمون مع السوق المالية الأميركية باتفاقية تبادل المعلومات، والسوق الأميركية أيضا متعاونة معنا بشكل كبير في هذا الجانب، إلا أن قضية اتهام جهة مجهولة بالسعودية بقضية الاستفادة المالية غير السليمة، من عملية فتح الباب أمام البنك لفتح شركة إدارة أصول في البلاد، لم يصل إلى طابع الرسمية، أو حتى المباحثات الشفهية».