شكاوى من ارتفاع أسعار حديد التسليح في مصر

دعوى قضائية ضد قرار الرسوم الوقائية

TT

في خطوة من شأنها زيادة الأعباء على قطاع البناء في مصر عقب رفع أسعار حديد التسليح في البلاد، وهو الإجراء الذي أعاد إلى الأذهان الحقبة التي ارتفعت فيها أسعاره عام 2008، وتجاوزت وقتها نحو 10 آلاف جنيه، ألقى تجار ومراقبون اللوم على قرارات اتخذتها وزارة التجارة الخارجية والصناعة ساهمت في قيام المصنعين برفع أسعار منتجاتهم بشكل متوالٍ، على الرغم من تراجع أسعار المواد الرئيسية التي تدخل في الإنتاج وفقا للسعر العالمي.

وبدأت المصانع أول من أمس تطبيق الزيادة الجديدة في أسعار حديد التسليح بنحو 450 جنيها (الدولار يساوي 6.7 جنيه)، وحددت سعر البيع بما يتراوح بين 4850 جنيها و4950 جنيها، ليباع للمستهلك بنحو 5050 جنيها.

وقال إبراهيم نوار المتحدث الإعلامي لوزارة التجارة والصناعة المصرية لـ«الشرق الأوسط» إن أسعار تكاليف الإنتاج والخامات المستوردة في السوق زادت نتيجة ارتفاع أسعار الدولار وهو ما يفسر زيادة سعر الحديد.

لكن مراقبين للسوق المحلية يرون أن ارتفاع الأسعار زاد بمعدلات أكبر من زيادة معدلات تكلفة الإنتاج والارتفاع في أسعار العملة الأجنبية، وطالبوا بإلغاء الإجراءات الوقائية التي اتخذتها الحكومة بعد فرضها رسوما وقائية على واردات حديد التسليح بنسبة 6.8% لمدة 200 يوم، وأكدوا أن هذا القرار كان سببا رئيسيا في ارتفاع الأسعار.

وانخفضت أسعار المعادن التي تدخل في صناعة الحديد في السوق العالمية وفقا لما جاء في التقرير الصادر عن غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات، حيث انخفاض سعر طن البيليت الخام، العنصر الأساسي في صناعة الحديد، إلى 555 دولارا في نهاية الشهر الماضي، مقارنة بسعره في 22 يناير (كانون الثاني) الماضي، والتي بلغت 560 دولارا بانخفاض قدره 5 دولارات للطن. وانخفض سعر طن الخردة المقطعة ليصل إلى 389 دولارا في 29 يناير 2013، مقارنة بأسعار الأسبوع الماضي، والتي بلغت 397 دولارا بانخفاض 8 دولارات للطن، في حين استقر سعر طن لفائف الزهر عند 495 دولارا، بنفس أسعار الأسبوع الماضي. ووصل سعر طن حديد التسليح إلى 610 دولارات بنهاية الشهر الماضي. ووصل سعر طن حديد التسليح في السوق العالمية إلى 610 دولارات.

لكن نوار يرى أن الرسوم الوقائية التي تم فرضها جاءت بعد تحقيقات، تبين تضرر المنتجين المحللين من الواردات، وأكد أنه إذا طلبت إحدى الجهات المتضررة من هذا القرار إعادة التحقيق بعد أن تقدم دلائل على تضررها قد تعيد الوزارة تقييم الموقف، مشيرا إلى أن جهاز مكافحة الإغراق في البلاد اتخذ خطوات مماثلة عندما فرض رسوم إغراق على مادة البولي بروبلين ثم تم إلغاؤها.

وعن الخروج من تلك الأزمة، يرى نوار أن الحل الوحيد يكمن في وجود اتفاق طوعي بين المنتجين وبعضهم البعض لتحديد هامش الربح وتقليل العبء على المستهلك خصوصا أن القطاع العقاري الذي يعاني من مشكلات كبيرة في الوقت الحالي سيكون من أكثر القطاعات تأثرا بهذا القرار.

واشتكى رجال أعمال أتراك يعملون في مجال الحديد من فرض الرسوم الوقائية في مصر، وقالوا خلال اجتماع عقد في مصر مؤخرا إن هذا الإجراء يضر بمناخ المنافسة في البلاد، إلا أن نوار أكد أنه لم يتقدم أي من المستوردين بشكاوى من القرار حتى الآن.

وأكد أن مصر وتركيا عضوان في منظمة التجارة العالمية، وهناك قواعد وشروط محددة لفرض مثل الرسوم لا تستطيع مصر تجاوزها بأي شكل من الأشكال، لأن هذا يتناقض مع التزاماتها وفقا للاتفاقية الدولية.

وقال محمود عسقلان وهو رئيس جمعية «مواطنون ضد الغلاء» لـ«الشرق الأوسط» إن ما اعتمد عليه جهاز مكافحة الإغراق لاتخاذ قراره بفرض رسوم إغراق على واردات حديد التسليح خاطئ، مؤكدا أنه أقام دعوى قضائية من المنتظر النظر فيها يوم السبت المقبل، تطالب بإلغاء القرار الذي يضر بالمستهلكين بشكل كبير.

وأضاف عسقلان أنه منذ صدور قرار فرض الرسوم الوقائية على الحديد وحتى الآن ارتفع سعر الطن بنحو 1050 جنيها، ليصل إلى 5050 جنيها، وهو أعلى من السعر العالمي للحديد الذي يصل إلى 4200 جنيه تقريبا.

وأشار إلى أن قرار فرض الرسوم الوقائية تم اتخاذه بناء على معلومات لدي الجهات الحكومية بأن هناك زيادة في واردات الحديد المستورد وهذا غير صحيح، إلى جانب أن فرض تلك الرسوم يتطلب إثبات أن المنتجين في الخارج يقومون ببيعه بأقل من سعر التكلفة وهذا لا يحدث أيضا.

وقال عسقلان إن مصر استوردت عام 2009 نحو 206 ملايين طن من حديد التسليح، وفي عام 2011 وصل ما تم استيراده إلى 430 ألف طن، وفي عام 2012 تم استيراد نحو 333 ألف طن، ما يعني أن هناك تناقصا مستمرا في عمليات الاستيراد، ووفقا لتلك البيانات فإن الحديد المستورد مثل 5% مما يتم إنتاجه في مصر، وتلك الكمية بالطبع لا تؤثر على السوق المحلية.