مسؤول بصندوق النقد يحذر من تقاعس السلطات المصرية لإبرام اتفاقية قرض قيمته 4.8 مليار دولار

مدير منطقة الشرق الأوسط: التحدي ضرورة لإعادة الثقة في الاقتصاد

TT

حذر مسعود أحمد مدير منطقة الشرق الأوسط بصندوق النقد الدولي، من تباطؤ السلطات المصرية في إبرام اتفاق حول قرض بمبلغ 4.8 مليار دولار، مشيرا إلى تزايد الضغوط على الاقتصاد المصري، وتزايد الانخفاض في الاحتياطي الأجنبي، وزيادة العجز في الموازنة، مما يجعل معالجة تلك المشكلات أكثر صعوبة بمرور الوقت.

وقال أحمد في مؤتمر صحافي بمقر الصندوق صباح أمس: «الصندوق ليس متباطئا، وقد عملنا منذ اليوم التالي لنجاح الثورة المصرية على مد يد العون للسلطات المصرية، وتوصلنا في مايو (أيار) 2011 إلى خطوات نهائية حول اتفاق لقرض بقيمة 2.6 مليار دولار، لكن المجلس العسكري الحاكم في ذلك الوقت قرر التراجع عن الاتفاق. وتواصلنا مع الحكومة المصرية، وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2012 تم الاتفاق على قرض بمبلغ 4.8 مليار دولار، وكنا على وشك إقرار الاتفاق أمام مجلس المحافظين في صندوق النقد في النصف الثاني من ديسمبر (كانون الأول) 2012، لكن الحكومة المصرية طلبت في يناير (كانون الثاني) الماضي تأجيل اتفاق القرض وتعليقه لأجل غير محدد».

وأشار إلى أن التحدي الذي تواجهه السلطات المصرية هو ضرورة التحرك بسرعة لإعادة الثقة إلى الاقتصاد المصري وتحسين مناخ الاستثمار، وقال: «نؤمن بأنه من المهم التحرك بسرعة؛ لأنه من الضروري إعادة الثقة في الاقتصاد المصري لدي المصريين أنفسهم أولا».

وأوضح أحمد أن السلطات المصرية مهتمة باستئناف المفاوضات، وقال: «هناك اتصال مستمر بين مسؤولي صندوق النقد والمسؤولين المصريين، وهم مهتمون باستئناف المفاوضات؛ لأنهم يعتقدون أن برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري إذا سانده صندوق النقد الدولي ستكون له تأثيرات إيجابية لدى المؤسسات المالية والمستثمرين، وزيادة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد».

وأوضح أن مبلغ 4.8 مليار دولار هو المبلغ الذي طلبته السلطات المصرية من مصر نتيجة حسابات الاحتياجات المالية لها حيث يلزم السلطات المصرية إعادة المبلغ والذهاب إلى مبلغ أكبر، لن يساعد في حل الأزمة المالية، بل قد يزيدها؛ لأن في نهاية الأمر عليهم إعادته للصندوق.

وأبدى أحمد تخوفه من حالة عدم الاستقرار السياسي التي تشهدها مصر، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية، وقال: «السلطات بالطبع تضع عينيها على الانتخابات البرلمانية المقبلة، وهو عنصر يلعب دورا كبيرا في هذا التوقيت لدى كثير من المصريين، لكن على السلطات المصرية أن تخرج ببرنامج إصلاحي اقتصادي ترتاح إليه، وتجد المساندة الشعبية القوية له، لأن البرنامج لن يتم تنفيذه خلال شهر أو عام، بل سيستغرق فترة طويلة».

وحول تأثيرات عنصر عدم الاستقرار السياسي في ضمان القرض لمصر، ركز مسؤول إدارة الشرق الأوسط في صندوق النقد الدولي على ضرورة حساب تأثيرات الوضع السياسي في حسابات وإجراءات برنامج الإصلاح الاقتصادي لخلق الثقة لدى المستثمرين من القطاع الخاص، وأوضح أن على برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري أن يعالج المشكلات التي تواجه المستثمرين، وإزالة العراقيل التي تواجه الاستثمار الأجنبي، الذي تستهدف الحكومة المصرية جذبه، وفي الوقت نفسه تقليل التأثيرات السلبية لبرنامج الإصلاح على الفقراء. وشدد مسعود أحمد أن تحقيق هذا التوازن أمر ليس سهلا.

وفي سؤال عن تعديل برنامج دعم الغذاء والوقود في مصر والصعوبات الاجتماعية التي تواجه ذلك، قال أحمد: «من المهم إدراك أن عجز الموازنة وارتفاع معدلات الاقتراض تضع ضغوطا على الميزانية، وعلى السلطات المصرية إيجاد طرق لمواجهة ذلك؛ بشرط ألا تؤثر على معدلات النمو، مع تقليل آثارها السلبية على الفقراء، وقد طلبنا من السلطات المصرية إعادة هيكلة الدعم، بحيث يركز على الفقراء؛ فوفقا للأبحاث التي قام المسؤولون المصريون بها فإن جزءا كبيرا من الدعم المخصص للفقراء يذهب إلى الأثرياء ولا يستفيد منه محدودو الدخل». وأضاف: «طلبنا من السلطات المصرية إعادة هيكلة الدعم المخصص للوقود والغذاء، لكن الطريقة التي يقومون بها بإعادة الهيكلة وميكانيزم هذة الهيكلة أمر يرجع لهم». وأشار إلى ارتفاع الوعي لدى قطاعات كبيرة من المصريين بأن الدعم لا يصل إلى مستحقيه، وأن هناك أفكارا لدى المسؤولين المصريين باستبدال كروت ذكية بالدعم، لكن هذا سوف يستغرق وقتا في إعداد الكارت وتوزيعه.

وأكد مسؤول صندوق النقد على «مرونة الصندوق في مشاوراته مع السلطات المصرية، وتفهمه أن مصر تمر بمرحلة انتقالية صعبة، وتواجه عدم توازن في الاقتصاد»، وقال: «طلبنا أن يقدموا برنامجا لإصلاح تدريجي، لكن يجب أن يكون برنامجا صالحا للتنفيذ، وله مساندة شعبية، وندرك أن مشكلات ثلاثين عاما لا يمكن حلها في وقت قصير».

من جانب آخر، أوضح مسعود أحمد أن الصندوق يتفاوض مع السلطات التونسية حول تطوير برنامج لمساندات مالية، وقال: «السلطات التونسية لا تحتاج مساندة مالية للعام المالي الحالي، لكنهم يريدون نوعا من التأمين بإبرام قرض مع الصندوق؛ تحسبا لأي تأثيرات ناتجة عن عدم استقرار سياسي أو تغييرات خارجية في الأسواق العالمية».

وأضاف: «أن السلطات التونسية ترى أن وجود برنامج لصندوق النقد يعطي ثقة للمستثمرين». وأوضح أنه كان من المقرر إبرام الاتفاق خلال الأسابيع المقبلة، لكن بعد الأحداث الدامية في تونس بعد مقتل شكري بلعيد قد يستغرق وقتا أطول.