48% من شركات النفط والغاز السعودية تؤكد عدم تأثرها بالعوامل السلبية

خبير: 105 دولارات متوسط سعر برميل النفط المتوقع للعام الحالي

23% من شركات النفط والغاز السعودية قلقة من عدم توفر العمالة الماهرة («الشرق الأوسط»)
TT

في الوقت الذي يرجح فيه أن يبلغ متوسط سعر برميل النفط خلال العام الحالي نحو 105 دولارات للبرميل، كشف تقرير اقتصادي حديث عن ثقة 48 في المائة من الشركات السعودية العاملة في قطاع النفط والغاز بعدم تأثر أنشطتها بأي عوامل سلبية خلال الربع الأول من عام 2013، يأتي ذلك رغم تأزم الأوضاع الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط.

وعلى أعقاب التوقعات التي تشير إلى ارتفاع حجم الطلب العالمي على النفط خلال هذا العام بمعدل 800 ألف برميل يوميا، عن مستوياته التي كان عليها في العام الماضي، أكدت مصادر مطلعة في قطاع النفط لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن السعودية ستلعب دورا مهما في تحقيق التوازن بين العرض والطلب في السوق النفطية خلال هذا العام، وهو التأكيد الذي يدعمه تقرير حديث صادر عن «البنك الأهلي» في البلاد أمس.

وفي ظل هذه المستجدات، بات توفر العمالة الماهرة مصدر قلق أساسي لنحو 23 في المائة من الشركات السعودية العاملة في قطاع النفط والغاز، إلا أنه يعزز ارتفاع ثقة الشركات العاملة في هذا القطاع في عدم تأثر قطاعاتها بالعوامل السلبية الممكن حدوثها خلال الربع الأول من العام الحالي، من قدرة السعودية على تحقيق التوازن بين معدلات العرض والطلب في السوق العالمية، وهو الأمر الذي سبق أن أكده مسؤولون رسميون في البلاد خلال أوقات سابقة.

وفي هذا السياق، أكد فيصل العقاب، الخبير الاقتصادي والمالي لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن متوسط أسعار النفط من المتوقع أن يستقر عند مستويات 105 دولارات خلال هذا العام، وقال: «يمثل هذا الرقم فرصة كبرى لزيادة حجم الدخل السعودي من مبيعات النفط، خصوصا في ظل التقديرات التي تشير إلى ارتفاع معدلات الطلب عما كانت عنه في العام الماضي، وهو ما يعني زيادة معدلات الإنتاج والمبيعات».

من جهة أخرى، توقع مؤشر تفاؤل الأعمال للربع الأول من عام 2013 والذي أطلقه «البنك الأهلي التجاري» بالتعاون مع «دان آند براد ستريت» أمس، أن يكون 2013 عاما آخر من النمو المتباطئ للاقتصاد العالمي، وقال: «الكثير من دول المنطقة الأوروبية ستظل في حالة ركود اقتصادي ليواصل تأثيره السلبي على نمو الاقتصاد العالمي، وسيشهد اقتصاد منطقة اليورو عاما آخر من التراجع، حيث إن الضوابط والسياسات المالية المتشددة في دول الجزء الجنوبي ستلقي بثقلها على النمو الاقتصادي بدول الجزء الشمالي من المنطقة».

وأضاف تقرير «البنك الأهلي»: «الدول الأوروبية التي تكابد أزمات الديون السيادية قد توغلت أكثر في خضم الركود الاقتصادي، وأضحت تعاني من تفاقم أزماتها والتي تتمثل في البطالة، وضعف الطلب الكلي الذي ازداد سوء نتيجة التقشف المالي الصارم، إضافة إلى ارتفاع أعباء الدين العام، وهشاشة القطاع المالي، ووفقا للبنك المركزي الأوروبي، سيتراجع نمو اقتصاد المنطقة بمعدل 0.3 في المائة في عام 2013».

وأشار التقرير إلى أنه من المتوقع أن يبدي اقتصاد الولايات المتحدة الأميركية بعض النمو في عام 2013، إلا أنه قال: «لكن هذا النمو سيكون مرهونا بنتائج الجدل حول السياسات المالية، حيث سيتم اتخاذ بعض الإجراءات لخفض الإنفاق ورفع الضرائب، وفي الطرف الآخر من شرق آسيا، يبدو أن الصين نجحت في تفادي الهبوط الحاد الذي توقعه لها الكثيرون، بل وعلى النقيض من ذلك، يتوقع أن ينمو اقتصادها بمعدل 8 في المائة في عام 2013».

وأكد التقرير أنه امتدت آثار المحن الاقتصادية التي تعاني منها الدول المتقدمة إلى الدول النامية والاقتصادات الناشئة، من خلال ضعف الطلب على الصادرات والتقلبات الحادة في تدفقات رأس المال وأسعار السلع، مضيفا: «كما تنشأ المخاوف إزاء النمو الاقتصادي بهذه الدول من تباطؤ نمو الاستثمار محليا، غير أن الدول المصدرة للنفط في غرب آسيا حققت معدلات نمو مرتفعة، مدعومة بسياسات مالية توسعية وأوضاع نقدية ملائمة، وتمكنت هذه الدول من الاستفادة من العائدات المتحققة بفضل ارتفاع أسعار النفط للمحافظة على النمو الاقتصادي في بيئة اقتصادية عالمية ضعيفة».

وحول سوق النفط العالمي قال التقرير: «أسهم ضعف نمو الاقتصاد العالمي في تقلب أسعار النفط الخام خلال العام الماضي، وفي أوائل عام 2012. قفزت أسعار النفط إلى مستويات عالية نتيجة للتوتر المتزايد في منطقة الشرق الأوسط، بيد أن الأسعار تراجعت جراء تزايد المخاوف من تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، ومن ثم ارتفع الطلب ثانية، حيث إن آفاق الاقتصاديات الكلية مهدت الطريق لآمال بطرح تدابير محفزة وتدخلات أخرى من قبل البنوك المركزية».

وأضاف تقرير «البنك الأهلي»: «نظرا لتوقع استمرارية المخاوف المتعلقة بنمو الاقتصاد العالمي خلال هذا العام أيضا، يبقى نمو الطلب على النفط أمر يكتنفه الغموض والالتباس». ومن ناحية أخرى، يتوقع للتوتر الجيوسياسي، وعلى نحو خاص بمنطقة الشرق الأوسط، أن يوفر دعما للطلب على النفط الخام وأسعاره، كما أنه توقعت «أوبك» بأن ينمو الطلب على النفط بمقدار 0.8 مليون برميل يوميا في عام 2013. وذلك أساسا بفضل تحسن الأوضاع الاقتصادية في الولايات المتحدة الأميركية والصين.

وأوضح مؤشر التفاؤل بالأعمال في السعودية تحسن مستوى التفاؤل لقطاع النفط والغاز للربع الأول من عام 2013، حيث تحسنت كافة مكونات المؤشر للقطاع مقارنة بربع السنة السابق، وزاد مؤشر تفاؤل الأعمال لمستويات أسعار البيع بمقدار 8 نقاط ليبلغ 13 نقطة في الربع الأول من عام 2013، مقارنة مع 5 نقاط في الربع الرابع من عام 2012. وسجل مؤشر تفاؤل الأعمال لصافي الأرباح 58 نقطة، أي بزيادة 10 نقاط عنه في الربع الرابع من عام 2012.

وأبدت 48 في المائة من الشركات السعودية العاملة في قطاع النفط والغاز بحسب التقرير، ثقتها بأن أعمالها بمعزل عن أي عوامل سلبية خلال الربع الأول من عام 2013، كما مثل توفر العمالة الماهرة مصدر قلق أساسي لنسبة 23 في المائة من المشاركين، في حين أشار 13 في المائة إلى أن النظم واللوائح الحكومية تشكل تحديا أساسيا أمام هذا القطاع، في حين جاءت الضغوط التضخمية كمصدر قلق أساسي آخر بنسبة 5 في المائة من المشاركين في قطاع النفط والغاز.

وأضاف التقرير: «بلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للسعودية 6.8 في المائة لعام 2012، مدعوما بنمو بمعدل 7.6 في المائة في قطاع التصنيع، و10.3 في المائة في قطاع الإنشاء، و8.3 في المائة في قطاع التجارة والضيافة، و10.7 في المائة، في قطاع النقل والاتصالات، و4.4 في المائة في نشاط الخدمات المالية والتأمين والعقار والأعمال».

وبحسب التقرير، سجلت 4 من بين 5 قطاعات في القطاع غير النفطي مستويات تفاؤل أعلى، في حين أبدى القطاع الخامس تراجعا طفيفا، ويتمتع قطاع «الإنشاء» بأفضل توقعات من حيث التفاؤل من بين القطاعات المختلفة التي تم مسحها في الربع الأول من عام 2013، وذلك لربع العام السادس على التوالي، في حين سجل قطاع النقل أدنى مستوى آفاق تفاؤل للربع الأول من عام 2013.

وأضاف تقرير «البنك الأهلي»: «أبدى 40 في المائة من المشاركين في المسح لقطاع غير النفط والغاز عدم توقعهم لظهور أي عوامل سالبة تؤثر على أعمالهم خلال الربع الأول من عام 2013، مقارنة مع نسبة 25 في المائة في الربع الرابع من عام 2012، وأشار 22 في المائة من بين المشاركين في المسح إلى قلقهم إزاء عدم توفر العمالة الماهرة، في حين أبدى 10 في المائة من المشاركين قلقهم فيما يتعلق بالعوامل التضخمية، ويرى 9 في المائة منهم أن الحصول على التمويل بات مصدر قلق».

إلى ذلك، قال الدكتور سعيد الشيخ، نائب أول الرئيس وكبير الاقتصاديين لمجموعة الأهلي: «يشير مؤشر التفاؤل للربع الأول من عام 2013 إلى زيادة أعداد الشركات التي تتوقع تحسن الأعمال في المدى القريب، حيث إن كل المكونات للمؤشر شهدت ارتفاعا، إلا أنه كان بمستويات مختلفة ما بين القطاعات غير النفطية، كما أن توقعات المشاركين في المسح للقطاعات غير النفطية لحجم المبيعات اتسم بالقوة مع اتساع التوقعات لأسعار البيع».