مسؤول: تأجيل تطبيق قانون الامتثال الضريبي الأميركي إلى عام 2015

قال إن مصارف بالدول العربية ستطبق الضريبة دون التزام من البنوك المركزية

TT

قالت مصادر مصرفية ومالية في مصر ولبنان إن هناك اتجاها لتأجيل تنفيذ قانون الامتثال الضريبي الأميركي (فاتيكا)، من منتصف العام الحالي إلى يناير (كانون الثاني) من العام المقبل، مع تأجيل تحصيل الضريبة من بضع العملاء التي ينطبق عليها القانون إلى 2015.

وقالت مصادر مصرفية رفيعة المستوى لـ«الشرق الأوسط» إن السلطات الضريبية الأميركية والمتمثلة في مصلحة الضرائب (IRS)، أقرت تأجيل تطبيق قانون الامتثال الضريبي الأميركي (FATCA)، وأدخلت عدة إصلاحات وبيانات وصيغ جديدة عليه في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وأشارت المصادر إلى أن من أهم التعديلات الجديدة التي أدخلت على القانون ما يتعلق بتأجيل استقطاع الضريبة الخاصة بتعاملات الأفراد ذات القيمة العالية، وهو ما يعد القطاع الأكبر في بنوك الدول العربية ومنها مصر ولبنان، حيث تم تأجيل القسم المتعلق بالحسابات الفردية من 30 يونيو (حزيران) 2014 إلى 31 ديسمبر (كانون الأول) 2014، مع تأجيل الحسابات الفردية الأخرى من 30 يونيو 2015 إلى نهاية عام 2015.

ومن المقرر حسب المعلومات تأجيل تحصيل الضريبة على الشركات الكبرى «الكيانات» إلى نهاية عام 2015، مع تأجيل محتمل لقيمة «ضريبة الاستقطاع العقابية» على عائدات المبيعات الأميركية الإجمالية للأصول ذات المصدر الأميركي، التي يمكن أن تنتج عنها أرباح من يناير 2015 حتى مطلع عام 2017.

وأرجعت المصادر تأجيل تطبيق القانون، الذي يلزم البنوك في العالم بإبلاغ مصلحة الضرائب الأميركية عن الحسابات المصرفية للذين يحملون الجنسية الأميركية عند تعاملهم مع أي بنك خارج الولايات المتحدة لمنعهم من التهرب الضريبي، لمدة جديدة بسبب عدم استعداد الكثير من البنوك على مستوى العالم لتطبيق القانون في تلك الفترة.

وقال مصدر مطلع على المباحثات المتعلقة بتطبيق القانون إن الاتجاه في الغالب في مصر يميل إلى الموافقة على تطبيق القانون، لكنه قد يتم في مرحلة متأخرة من المدة المقررة للتطبيق. وأكد على أن تأجيل الإدارة الأميركية تطبيق القانون في صالح البنوك المصرية حتى تنتهي من الإجراءات وتحصل على موافقة البنك المركزي المقرر أن يوقع نيابة عن البنوك العاملة في السوق المصرية على هذا القانون.

وأرسل محافظ البنك المركزي المصري (المستقيل) فاروق العقدة قبل خروجه من منصبه قبل أسابيع إخطارا إلى وزارة المالية المصرية، يشير من خلاله إلى تعين سمير الشاهد، رئيس وحدة غسل الأموال كمندوب عن المركزي في قانون «FATCA» الأميركي المقرر تطبيقه بعد عام من الآن.

ويتيح القانون لمصلحة الضرائب الأميركية توقيع العقوبات على غير الملتزمين في جميع الدول بفرض ضريبة عليها 30% تخصم من أي حسابات بين الجانبين.

ويختلف تعامل الدول العربية مع القانون الأميركي، ففي مصر يتولى المركزي التوقيع نيابة عن البنوك، وفي دول أخرى مثل لبنان تركت سلطات النقد الحرية للبنوك للتعامل مع القانون، وهو ما فسره مصرفي لبناني بأن المركزي اللبناني رفع الحرج عن نفسه وتحمله عقوبة في حالة عدم التزام أحد المصارف العاملة على أرضه.

وطلبت البنوك المصرية من لجنة الالتزام باتحاد البنوك الاستعانة بمواقف الدول في أوروبا، خصوصا فرنسا وإنجلترا وإسبانيا، التي وافقت على الامتثال للقانون الأميركي، لكن مع «معاملة تفاضلية» وتصل إلى المعاملة بالمثل، حسبما تمت مناقشته على أكثر من مستوى خلال الفترة الماضية.

ويخول هذا القانون للسلطات الضريبية الأميركية والمتمثلة في مصلحة الضرائب (IRS) ملاحقة الأميركيين المكلفين بسداد الضرائب خارج حدود الدولة، باستخدام النظام المصرفي العالمي. وفي حالة عدم تنفيذ البنوك العربية لقانون الفاتيكا أو عدم تعاونها مع السلطات الأميركية، يسمح القانون لمصلحة الضرائب باقتطاع 30% من التحويلات الجارية بواسطة المصارف الأميركية من حسابات المصرف العربي، الذي لا يلتزم بالتصريح عن عميله حامل الجنسية وفق لوائح الخزانة الأميركية. ولا يسري هذه القانون على حسابات الأشخاص أو الشركات التي تقل أرصدتهم عن 50 ألف دولار.

وأشارت المصادر إلى أن المركزي المصري ومصلحة الضرائب قد يوافقون على القانون الأميركي، بينما تجرى دراسة ما إذا كان هناك تعارض مع اتفاقيات الازدواج الضريبي الموقعة عليها مصر من عدمه، بالإضافة إلى عدم اصطدام ذلك مع قواعد سرية حسابات العملاء، خصوصا بعد موافقة غالبية الدول المعارضة، وفي مقدمتها الصين وإنجلترا واليابان. وتساوم تلك الدول بقوة وتطالب في حال التزامها بالقانون أن تعاملها البنوك الأميركية بالمثل بالكشف عن حسابات لمواطنين لها في الولايات المتحدة.

وقال متحدث باسم الخزانة في تصريحات صحافية قبل يومين، رافضا التعليق على نقاط محددة: «الولايات المتحدة ملتزمة بالشفافية والمعاملة بالمثل - على نحو ملائم - لتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التهرب».

وقد طالبت البنوك، قبل دخول العام المالي الجديد في مصر، باستعلام جديد لعدد من عملائها وإخطارهم بالقانوني الأميركي الجديد مما يحملون الجنسية الأميركية، وهو ما جعل عددا منهم يغيرون في حساباتهم لصالح أفراد قريبين منهم، لا يحملون الجنسية الأميركية.

من جانبه أشار وسام فتوح، أمين اتحاد المصارف العربية، إلى أن الاتحاد يحاول توحيد مواقف الدول العربية بشأن تعاملها مع قانون الضرائب الأميركي المعروف باسم «الفاتكا» والخاص بضرورة إبلاغ البنوك خارج الولايات المتحدة عن أي ودائع خاصة بأشخاص يحملون الجنسية الأميركية بمجرد إيداعها في أي مصرف أو بنك خارج الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن هذا القانون ليس له أي نفع على الدول العربية، ووصف فتوح الموقف الحالي من القانون الأميركي بـ«المرتبك»، وقال إن هناك عدم فهم لكثير من النقاط في القانون المتعلقة بتنفيذ القانون.

في السياق ذاته اعتبر الأمين العام لاتحاد المصارف العربية، الخيار الأوروبي هو الأنسب لبنوك دول المنطقة للتعامل مع قانون الضرائب الأميركي الجديد، مشيرا إلى أن القانون الأميركي قوي من منطلق هيمنة صانع القرار على مجريات الأحداث السياسية والاقتصادية.

وأضاف فتوح أن الخيار الأنسب للتعامل مع قانون الضرائب الجديد هو الخيار الأوروبي الذي يحض المؤسسات المصرفية على إقامة علاقة تعاقدية مباشرة مع مصلحة الضرائب الأميركية، وهو خيار محدد المعالم لأن عدة دول أوروبية بدأت بتنفيذه، وهو ما أوصى به اتحاد المصارف العربية قبل عدة أشهر.

وقال فتوح إن هناك بنوكا مركزية في المنطقة العربية رأت أن توقع البنوك العاملة بها بشكل مباشر مع الإدارة الأميركية على تطبيق القانون يرفع الحرج عن البنوك المركزية التي تمثل الدول.