«الدولرة» تخنق اقتصاد مصر بعد تدهور الاحتياطي الأجنبي

الجنيه المصري فقد 8% من قيمته منذ ديسمبر

TT

تخنق «الدولرة» الاقتصاد المصري مع تدهور الاحتياطي الأجنبي واللجوء المتزايد للمستثمرين ورجال الأعمال للسوق السوداء لتلبية احتياجاتهم. وفقد الجنيه المصري 8% من قيمته مقابل الدولار منذ شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي تقريبا أي خلال أقل من شهرين.

وقال محمد بدر محاسب بـ«الشركة المصرية للصرافة» فرع مدينة نصر بالقاهرة إن هنالك مشكلة كبيرة في السوق المصرية للدولار وقال في تعليقات «الشرق الأوسط» إن أساس المشكلة يكمن في ضعف كمية الدولارات التي تدخل إلى خزينة شركات الصرافة وذلك بسبب قرار البنك المركزي المصري بإلزامنا كشركات صرافة بوقف التعامل بنظام الإنتربنك وتعليق لائحة أسعار البنك الذي اتبعه كشركة صرافة وهو البنك الأهلي. وأضاف أن سعر شراء الدولار على سبيل المثال الذي أعلنه البنك المركزي على اللائحة هو 6.7316 جنيها مصريا وهو سعر أقل من السعر الخارجي في السوق السوداء فينصرف البائعون للدولار عن البيع لنا بحثا عن السعر الأعلى في السوق السوداء. وأوضح بدر أن التراجع عن قرار البنك المركزي بإلغاء الإنتربنك أمر مطلوب وضروري حتى نستطيع العمل كشركات صرافة في السوق المصرية لأن هذا النظام يتيح لنا التحرك في مساحة أكبر من سعر الدولار تتراوح ما بين رقمين أدنى وأعلى بالاتفاق مع البنك لكن إلغاء ذلك أدى إلى فقدان الشركة لتلك الميزة في مواجهة الشركات الأخرى والأفراد الذين يتلاعبون بالأسعار ويستغلون تعطش السوق المصرية للدولار. وطالب بدر الحكومة المصرية بضرورة التحكم أكثر في تلك الشركات التي تعمل خارج السعر القانوني خاصة أن العقوبات المطبقة عليها غير رادعة ولا تتجاوز الغلق لفترة قصيرة ثم تعود وتمارس نشاطها من جديد.

من جهته أشار حسن السبكي الخبير المصرفي بأحد البنوك المصرية إلى عدة أسباب كامنة وراء ظاهرة السوق السوداء للدولار وقال لـ«الشرق الأوسط» إن هناك انخفاضا حادا في الاحتياطي المصري من النقد الأجنبي بعد أن انخفض من 38 مليار دولار إلى حوالي 13 مليار دولار خلال العامين اللذين أعقبا الثورة وهو ما أدى إلى انكشاف الغطاء المصري من العملة الأجنبية وبطبيعة الحال فإن الدولار كعملة قوية يتجه مؤشر سعره باستمرار نحو الزيادة وهو أمر متوقع وكان يحدث على مدار السنوات الماضية لكننا لم نكن نشعر به بسبب السياسة الاقتصادية الخاطئة للحكومة المصرية في دعم سعر الدولار واتباعها نفس أسلوب دعم السلع لخلق استقرار في أسعار العملات لكنه كان استقرارا وهميا. بالإضافة إلى ذلك فإن بعض العاملين في مجال الصرافة ليسوا ملمين بالثقافة الاقتصادية ويمارسون العمل من منطق تحقيق الربح فقط بصرف النظر عن التأثيرات الاقتصادية لقراراتهم وكثير من شركات الصرافة يعملون كتجار عملة فقط على عكس البنوك التي تعمل في إطار نظام اقتصادي وسياسة اقتصادية محددة ومن ثم ظهرت الفجوة في الأسعار لصالح شركات الصرافة على حساب السيولة بالبنوك ساهم في تعميقها الثقافة السائدة بين المصريين في التكالب على التربح من تجارة الدولار وظهور ما نسميه «الدولرة». وأكد السبكي أن هناك مؤشرات تكشف عن وجود أزمة حقيقية في البنوك بسبب نقص الدولار وقال إن أحد أهم تلك المؤشرات هو اضطرار البنك لإضافة هامش أو نسبة تضاف إلى السعر الرسمي لبيع الدولار تحت بند «عمولة تدبير عملة» وذلك حتى يستطيع تضييق الفجوة بينه وبين شركات الصرافة. وطالب السبكي بضرورة تغيير القوانين المالية التي تمنع دخول الدولارات مع المسافرين إلا بحد معين حتى تتاح الفرصة لضخ مزيد من العملات الأجنبية وتقليص الفجوة.

من جانبه قال الدكتور أحمد الغندور الخبير الاقتصادي ونائب وزير الاقتصاد الأسبق ورئيس البنك العربي الأفريقي سابقا إن ظاهرة السوق السوداء للدولار في مصر حاليا هي وضع طبيعي نتيجة لأن البنوك في شرائها للدولار لم تصل إلى ما يعتبر في نظر المتعاملين «ثمن توازن».