مسؤولة أبحاث الطاقة بـ«تشاتام هاوس»: بإمكان السعودية توفير 23.8 مليار دولار سنويا من ترشيد الطاقة

غلايدا لان لــ«الشرق الأوسط»: الأهداف السعودية للترشيد كبيرة ويبقى التنفيذ

غلايدا لان
TT

قالت غلايدا لان التي تتولى إدارة الدائرة المستديرة لخبراء للطاقة في المعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتام هاوس) إن المملكة العربية السعودية تستطيع توفير ما يكافئ 238 مليون برميل نفط سنويا وهو ما يعادل 23.8 مليار دولار سنويا بحساب سعر 100 دولار للبرميل من خلال تنفيذ برنامج ترشيد الطاقة الذي يهدف إلى رفع كفاءة استهلاك الكهرباء وإدخال بدائل الطاقة المتجددة والنظيفة لتوليد الطاقة لتحل مكان توليد الكهرباء من النفط. ويرأس الأمير عبد العزيز بن سلمان مساعد وزير البترول الثروة المعدنية اللجنة المشرفة على البرنامج الوطني لترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة في المملكة. وقد دشنت المملكة مؤخرا أكبر محطة في العالم لتحلية المياه باستخدام الطاقة الشمسية في الخفجي بطاقة 10 ميغاوات وسعة 30 ألف متر مكعب لتغذي كامل احتياجات مدينة الخفجي وتعتزم بناء ثلاث محطات تحلية مماثلة في كل من حقيل وضباء وفرسان.

وقالت الباحثة غلايدا لان في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن تقديرات توفير 230 مليون برميل سنويا مبنية على أساس دراسة بحثية ستصدر قريبا مستوحاة من النمو الاستهلاكي للطاقة في السعودية يجريها «تشاتام هاوس» حول ترشيد الطاقة في المملكة العربية السعودية. وأضافت أنها مبنية على افتراض تطبيق المملكة للوائح التنظيمية لمعايير العزل الحراري في 30 في المائة من المباني القائمة والمباني الجديدة وفي الأجهزة الكهربائية والمكيفات وكذلك إجبار الشركات على بيع المكيفات والأجهزة الكهربائية الخاصة بكفاءة استهلاك الطاقة فقط في الأسواق السعودية في عام 2025.

وقالت غلايدا لان لـ«الشرق الأوسط» إنها تتابع وتثمن البرنامج الطموح الذي تعكف السعودية على تنفيذه لترشيد الطاقة، مشيرة إلى أن كفاءة الاستهلاك المحلي أصبحت على أجندة أعلى مستويات الدولة في السعودية ولكن تبقى تحديات ترجمة هذه الأهداف السامية إلى واقع ملموس. وتوقعت الباحثة أن تعلن السعودية خلال العام الحالي برنامجا شاملا لترشيد الطاقة. وقالت إذا حدث ذلك فإنه سيكون البرنامج الأول من نوعه في كفاءة استهلاك الطاقة بمنطقة الخليج. وأشارت إلى أن الحكومة السعودية تأخذ مسألة الاقتصاد في الاستهلاك المحلي للنفط والغاز بجدية كبيرة لأن النفط يشكل النمو الاقتصادي بالمملكة. وأشارت إلى أن التقدم الذي حدث في كفاءة استخدام الطاقة في أوروبا أظهر أن ذلك تطلب تعاونا بين المؤسسات الحكومية المختلفة والمواطنين في التقيد بإجراءات الترشيد وحصد الفوائد. وحسب التقديرات الرسمية السعودية فإن السعودية تستهلك نحو 2.5 مليون برميل نفط يوميا في توليد الطاقة. وكانت شركة «أرامكو» قد حذرت من سرعة النمو الاستهلاكي النفطي في توليد الكهرباء.

وتعكف السعودية في تنفيذ برنامج ترشيد الطاقة على ثلاثة محاور رئيسية وهي ترشيد استهلاك الكهرباء والاستثمار في الطاقات النظيفة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وإنشاء مفاعلات نووية لتوليد الكهرباء. وفي هذا الصدد تخطط المملكة لإنشاء 16 مفاعلا نوويا لتوليد الطاقة الكهربائية بحلول عام 2030.

وحسب التصريحات التي أدلى بها الأمير عبد العزيز بن سلمان مساعد وزير البترول والثروة المعدنية ورئيس اللجنة المشرفة على البرنامج الوطني لترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة الأخيرة فإن قطاع المباني في السعودية يستهلك 80 في المائة من الطاقة الكهربائية يذهب 70 في المائة منها للتكييف. ويذكر أن الباحثة غلايدا لان تعكف حاليا على إعداد دراسة حول كفاءة استخدام الطاقة في السعودية ستصدر قريبا. وكانت قد أصدرت في عام 2011 مع البروفسور بول ستيفنز الزميل في «تشاتام هاوس» دراسة عن الطاقة في السعودية بعنوان «أزمة الطاقة المستترة في السعودية» قالت فيها: «إن السعودية ستعو مستوردا للنفط بحلول عام 2038»، مشيرة إلى أن هذا ليس الاحتمال الأقرب، لكنها أوردته للتذكير بضرورة التغيير في توليد الطاقة..إلى ذلك، قال مصرف «ميريل لينش بنك أميركا» الاستثماري الأميركي في تقريره الصادر الأسبوع الماضي إن استهلاك دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للنفط في توليد الطاقة يعد الأسرع نموا بين دول العالم. وحسب التقرير الصادر الأسبوع الماضي فإن استهلاك النفط في توليد الطاقة بالمنطقة العربية نما بنحو 250 ألف برميل يوميا في المتوسط وبنسبة بلغت 4.1 في المائة سنويا. وبهذه النسبة في النمو الاستهلاكي للنفط في توليد الكهرباء تصبح منطقة الشرق الأوسط في المرتبة الثانية بعد الصين. ولاحظ المصرف الاستثماري الأميركي أن نمو الاستهلاك النفطي في السعودية لتوليد الطاقة ينافس ويتفوق على دول مثل الهند والبرازيل وروسيا.

وحسب التقرير فإن دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا باتت تستهلك 8.3 في المائة من إجمالي الطلب العالمي على النفط رغم أن إجمالي ناتجها المحلي لا يزيد على 3.0 في المائة من إجمالي الناتج المحلي العالمي وهو أكبر من دول ناشئة حققت نموا اقتصاديا سريعا. ويذكر أن دول «بريك» وهي البرازيل وروسيا والهند حققت نموا اقتصاديا كبيرا مقارنة بدول الشرق الأوسط.