طربيه: لا موقف موحدا للبنوك المركزية العربية في التزام القانون الضريبي للأميركيين في الخارج

يفرض كشف حسابات حاملي الجنسية الأميركية في جميع المصارف العالمية

TT

لاحظ رئيس رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب الدكتور جوزيف طربيه وجود تحديات كبرى وصعوبات حقيقية للمؤسسات المالية والحكومات العربية في التعامل مع قانون الامتثال الضريبي الأميركي (FATCA) الذي يفرض كشف حسابات حاملي الجنسية الأميركية في جميع المصارف العالمية تحت طائلة فرض غرامات على عمليات وتحويلات المصارف غير الملتزمة في السوق الأميركية.

وأكد أنه «يتعين على المصارف المركزية التعاون في إبلاغ وزارة الخزانة الأميركية عن المؤسسات المالية غير المتعاونة في بلدانها. وقد توجه اتحاد المصارف إلى البنوك المركزية العربية للوقوف على رأيها بهذا الموضوع، حيث أكد معظمها الالتزام به ورفضه البعض الآخر، لكن من المؤكد أنه لا يوجد حتى الآن موقف موحد من البنوك المركزية العربية حول كيفية تطبيق هذا القانون كما فعلت أوروبا».

وأشار إلى أن هناك «بعض الدول مثل فرنسا وألمانيا والصين تقوم بمفاوضات مع الولايات المتحدة بخصوص هذا القانون، وأعلنوا أنهم إذا كان يتوجب على مصارفهم إعلام السلطات الضريبية الأميركية بالحسابات السرية للأميركيين، فإنه يتوجب كذلك على المصارف الأميركية الإفصاح عن المعلومات حول حسابات مواطنيهم. وبناء عليه، تشير المعلومات إلى أن الإدارة الأميركية الحالية قد تطلب من الكونغرس إعطاءها الإمكانية للطلب من المصارف الأميركية المزيد من الإفصاحات حول معلومات عن حسابات زبائنهم الأجانب إلى حكومات دول هؤلاء الزبائن، وذلك كجزء من محاربة التهرب الضريبي».

وفي إشارة ضمنية إلى صعوبة عدم الالتزام، صنف القانون ضمن «القرارات الدولية والقوانين الملزمة والتي يمكن أن ينتج عن عدم تطبيقها عقوبات مالية أو غير مالية». فيما يظهر اتجاه إلى تأجيل البدء بتنفيذ القانون من منتصف العام الحالي إلى بداية العام المقبل، مع تأجيل تحصيل الضريبة إلى عام 2015. وذلك بسبب عدم استعداد الكثير من المصارف على مستوى العالم لتطبيق القانون.

وأوضح أنه بموجب التشريعات الجديدة، سيفتح التسجيل في القانون بحلول منتصف يوليو (تموز) من العام الحالي، والحد الأقصى للتسجيل والحصول على رقم التعريف العالمي سيكون في 25 أكتوبر (تشرين الأول)، وذلك لتفادي العقوبات في العام التالي. حيث ستقوم السلطات الأميركية بنشر قائمة بالمؤسسات المالية الأجنبية المتعاونة في تنفيذ القانون في بداية ديسمبر (كانون الأول).

وتتضمن اللوائح الخاصة بالقانون إعطاء خيارين للمصارف الأجنبية في الامتثال للقانون. النموذج الأول تم تطبيقه من قبل دول مثل بريطانيا وآيرلندا وهناك 60 دولة تتفاوض للدخول فيه، ويتطلب أن تقوم الحكومات المحلية بلعب دور أساسي في تطبيق القانون من خلال قيام الحكومات نفسها وليس المصارف، بتوقيع اتفاقيات تعاون مع الحكومة الأميركية.

أما النموذج الثاني، فيكون في حال عدم قيام حكومات البلدان بتوقيع اتفاقيات مباشرة مع الحكومة الأميركية للامتثال للقانون، وفيه يتوجب على المصارف الدخول في اتفاقيات مباشرة مع إدارة الضرائب الأميركية ضمن المواعيد المحددة في القانون.

ولفت طربيه، في منتدى نظمه الاتحاد أمس في بيروت بالتعاون مع البنك المركزي اللبناني، إلى أن القانون أثار «حفيظة وريبة المسؤولين في المصارف والمؤسسات المالية في بلدان عدة أوروبية وآسيوية وعربية، واعتبروا أن تنفيذ القانون قد يكون مكلفا من الناحية المالية، إضافة إلى أن أحكام هذا القانون تخالف السرية المصرفية المعمول بها في بلدان كثيرة».

كما تواجه الجهات الحكومية وخاصة السلطات المشرفة على القطاع المالي والسلطات الضريبية، تحديات لناحية احترام الالتزامات التي تفرضها القوانين أو الاتفاقيات الدولية. في حين تواجه السلطات الضريبية تحديات على المستوى القانوني تتعلق بوجود نصوص تمنع الكشف عن المعلومات المصرفية وتبادلها. يضاف إلى كل ما سبق وجود تساؤلات بشأن مدى قانونية اقتطاع ضريبة لمصلحة حكومة أجنبية. فيما يحتاج الكثير من المؤسسات المالية العربية، خاصة تلك التي تزاول أنشطة إقليمية ودولية، إلى إجراء تغييرات على أنظمتها وآلياتها لتتمكن من تطبيق القانون الجديد.

بدوره أعلن نائب حاكم مصرف لبنان الدكتور محمد بعاصيري «أن لبنان كان البلد العربي الأول الذي بادر إلى مناقشة موضوع الفاتكا مع السلطات الأميركية وأجرى أول اتصال مباشر مع مصلحة الضرائب الأميركية منذ سنة تقريبا، وأن التوجه الذي اتخذته الدولة هو الذهاب لعلاقة مباشرة مع مصلحة الضرائب الأميركية من خلال مصرف لبنان».

وقال: إن الهدف الأساسي من طلب البنك المركزي من المصارف إنشاء دائرة الامتثال هو «تأكيد التزام لبنان بالقوانين المصرفية الدولية والتعاون مع المصارف والمؤسسات المالية الدولية واحترام القوانين في دول المصارف المراسلة. والهدف من التعميم رقم 318 وتعاميم أخرى ذات صلة زيادة حماية القطاع المصرفي اللبناني من مخاطر السمعة وتعزيز الحوكمة والإدارة الرشيدة للمصارف وتأكيد التزام لبنان بالقوانين والأنظمة المالية والمصرفية الدولية».

ووفق قرار مصرف لبنان، فإن على المصارف والمؤسسات المالية العاملة في لبنان إنشاء دائرة امتثال تتألف من وحدة الامتثال القانوني، وعليها أن تقوم باستشعار المخاطر القانونية والتحوط لها باتخاذ التدابير اللازمة للإحاطة بهذه المخاطر والحد منها. ووحدة التحقق المولجة بالتحقق من تطبيق الإجراءات والقوانين المرعية المتعلقة بمكافحة غسل (تبييض) الأموال وتمويل الإرهاب.