«موديز» تجرد بريطانيا من تصنيفها الائتماني الممتاز.. وحكومة الظل تعتبرها «إهانة»

بينما أكد وزير الخزانة البريطاني التزام بلاده ببرنامج التقشف

TT

أكد جورج أوسبورن وزير الخزانة البريطانية أن بلاده لن تحيد عن برنامجها التقشفي حتى بعد تخفيض وكالة موديز العالمية للتصنيف الائتماني لبريطانيا. في المقابل اعتبرها وزير الخزانة في حكومة الظل للحزب العمل المعارض ايدي بولز «إهانة».

جاء ذلك بعد أن خفضت موديز مساء أول من الجمعة التصنيف الائتماني للديون السيادية البريطانية من (آيه. آيه. آيه) وهو ما يوصف بالتصنيف الممتاز إلى (آيه. آيه 1) وعزت الوكالة ذلك إلى «ضعف» آفاق النمو في بريطانيا حيث وصل حجم الدين إلى نحو 90 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للبلاد بالإضافة إلى تباطؤ النمو الاقتصادي، لأول مرة منذ عام 1978. وأضاف أوسبورن أن هذه الخطوة من قبل موديز تعتبر بمثابة تذكير واضح بمشاكل الديون التي تحيق ببريطانيا.

وأكد أوسبورن أن حكومة بلاده ستظل متمسكة ببرنامجها التقشفي: «فهذا القرار لن يضعف عزيمتنا بل إنه ضاعفها لمواصلة الخطة لتحقيق التعافي الاقتصادي».

وجاء خفض التصنيف في وقت تواجه فيه بريطانيا خطر العودة إلى الانكماش مجددا، بينما لم يبق من اقتصادات متقدمة بالتصنيف الممتاز إلا كندا وألمانيا. وكانت موديز وجهت تحذيرا أول للندن قبل عام واحد لكنها التفتت بعد ذلك إلى دول منطقة اليورو التي تواجه صعوبات بسبب أزمة الدين. وفي تلك الالتفاتة حرمت موديز فرنسا من تصنيفها الممتاز الذي يسمح لها بالاستدانة بأفضل الشروط في أسواق المال. ويومها بدت بريطانيا المتمسكة بعملتها القوية والسوق المالية المزدهرة فيها، في منأى نسبي عن خفض تصنيفها قبل أن تلتفت إليها وكالات التصنيف المالي مجددا بعد انتكاسة جديدة لاقتصادها في نهاية 2012.

وأشارت موديز في بيانها إلى «الضعف المتواصل لآفاق (النمو) في الأمد المتوسط» لبريطانيا. وقالت: إنها تتوقع أن يستمر تباطؤ النشاط الاقتصادي في البلاد إلى «النصف الثاني من العقد» الحالي. وقطع الاقتصاد البريطاني خطوة أولى باتجاه الركود من خلال انكماش بنسبة 0. 3 في المائة في الفصل الرابع من 2012 بعد أن خرج في الصيف من ثاني ركود له منذ بداية الأزمة. وإذا تأكد الانكماش في الأشهر الثلاث الأولى من العام، فإن بريطانيا ستشهد ثالث ركود منذ بدء الأزمة المالية في 2008 - 2009.

وقالت كبيرة المحللين في موديز سارا كارلسون لوكالة الصحافة الفرنسية إن «عدة عوامل تجتمع لكن هناك عملية تخفيف ديون للقطاعين العام والخاص خنقت النمو بالتأكيد». وتحدثت أيضا عن نسبة «تضخم مرتفعة» تؤثر على العائلات. وقالت موديز إن تدهور الوضع في منطقة اليورو التي تعد من الشركاء التجاريين الرئيسيين لبريطانيا كان له «انعكاسات سلبية» عليها.

وبينما بدأت حكومة رئيس الوزراء المحافظ ديفيد كاميرون خطة تقشف واسعة، عبرت الوكالة نفسها عن قلقها من حجم الدين البريطاني وشددت على «التحدي» الذي تشكله خطة ضبط الميزانية. وذكر صندوق النقد الدولي أن الدين العام البريطاني سيرتفع في 2013 ليبلغ 93. 3 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي. وأكدت كارلسون أن «اتجاه الدين لن يتغير قبل 2016». إلا أن موديز حرصت على التأكيد على متانة الاقتصاد البريطاني الذي يتمتع «بقدرة تنافسية كبيرة» و«متنوع بشكل جيد»، بينما تبقى «الملاءة المالية لبريطانيا عالية جدا»، على حد قولها.

وأكدت كارلسون أن «خطر العدوى (من منطقة اليورو) محدود بفضل السياسة النقدية المستقلة (لبريطانيا) وباستفادة الجنيه الإسترليني من وضعه كعملة احتياطي دولية».

من جهته، قال هاورد آرتشر المحلل في مجموعة «آي اتش إس غلوبال أينسايت» إن قرار موديز يضع الحكومة البريطانية في «وضع مربك» لكن يفترض أن لا يكون له سوى «تأثير محدود» على اقتصاد البلاد. وأضاف آرتشر في مذكرة «لأن القليل من الدول ما زالت تتمتع بالدرجة الممتازة (أيه أيه أيه)، لا يشكل خسارة هذا التصنيف مشكلة كبرى ولا يشكل تهديدا للثقة بالأسواق التي ما زالت كبيرة كما من قبل إلا أنه على لندن أن تتوقع تحرك الوكالتين الكبيرتين الأخريين للتصنيف الائتماني.»