السعودية تفتح باب المنافسة بين البنوك والشركات على التمويل العقاري

في أعقاب صدور اللوائح التنفيذية لأنظمته

منع الأشخاص الذين سبق أن أشهروا إفلاسهم من عضوية شركات التمويل العقاري («الشرق الأوسط»)
TT

باتت السوق العقارية السعودية أمام مرحلة تاريخية جديدة تتضمن دخول شركات تمويل متخصصة على خط المنافسة أمام البنوك التجارية، وذلك وفقا اللوائح التنفيذية لأنظمة التمويل العقاري التي أصدرتها مؤسسة النقد السعودي (ساما) أمس، وهو ما يعني فتح قنوات تمويلية حديثة.

وعلى الرغم من ارتفاع معدلات عدم تملك المساكن من قبل المواطنين في السوق السعودية، فإن الخطوات الحالية التي تشير إلى ارتفاع حجم قنوات التمويل، وتنظيم قاعدة سوق التمويل العقاري، وإنشاء وزارة «الإسكان»، ورصد 250 مليار ريال (66.6 مليار دولار)، لبناء 500 ألف وحدة سكنية جديدة، تشير إلى انفراج قريب للأزمة الحالية.

وأفادت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أمس بعزم رجال أعمال سعوديين يعملون في قطاع التسويق والتطوير العقاري إنشاء شركة جديدة تعنى بقطاع التمويل العقاري، وهو ما يعني أن أول شركة من المتوقع الترخيص لها في نشاط التمويل العقاري قد ترى النور قبل شهر أغسطس (آب) المقبل، على أن يكون طرحها للاكتتاب العام حسب النظام عقب مرور عامين ماليين على بدء نشاطها. يأتي ذلك في الوقت الذي توقع فيه مختص عقاري أن تقل فوائد شركات التمويل الجديدة عما هي عليه من الفوائد البنكية الحالية. وفي السياق ذاته أصدرت مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) أمس اللوائح التنفيذية لأنظمة التمويل، وذلك بعد إصدار الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية اللائحة التنفيذية لنظام التمويل العقاري، وإصدار الدكتور فهد المبارك محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي، اللائحة التنفيذية لنظام التأجير التمويلي. جاء ذلك عقب الاتفاق مع الدكتور محمد العيسى وزير العدل السعودي. وشملت اللائحة المعتمدة لنظام التمويل العقاري السماح للبنوك بمزاولة التمويل العقاري بتملك المساكن من أجل تمويلها، بالإضافة إلى الترخيص لشركات التمويل العقاري، والترخيص لإنشاء شركات مساهمة لإعادة التمويل العقاري وفقا لاحتياجات السوق، والترخيص لشركات التأمين التعاوني بتغطية المخاطر المتعلقة بالتمويل العقاري، وإصدار المعايير والإجراءات المتعلقة بالتمويل العقاري، ونشر البيانات المتعلقة بسوق التمويل العقاري، بالإضافة إلى تحديد مبادئ الإفصاح عن معايير تكلفة التمويل وطريقة احتسابه.

وفي ما يتعلق بنظام مراقبة شركات التمويل، أظهرت اللائحة أن الشركات المرخص لها بموجب هذا النظام تزاول أعمال التمويل بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية، وبناء على ما تقرره لجان شرعية تختار أعضاءها تلك الشركات، وبما لا يخل بسلامة النظام المالي وعدالة التعاملات، كما نصت اللائحة على حظر مزاولة أي نشاط من أنشطة التمويل المحددة وفقا للنظام.

واشترطت لائحة نظام مراقبة شركات التمويل العقاري في أحكام الترخيص الأولية أن لا يقل رأسمال الشركة عن المبلغ الذي تحدده مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما)، بما لا يقل عن رأس المال المحدد في نظام الشركات، كما تضمنت اللائحة أن لا تزيد الحصة الأجنبية في حال وجودها على النسبة التي تحددها «ساما».

وكفت اللائحة المعتمدة أمس أيدي الأشخاص الذين سبق أن شهروا إفلاسهم، أو انتهكوا أحكام نظام السوق ولوائحها التنفيذية، أو أخلوا بأي التزام تجاه دائنيهم، من الدخول في عضوية الشركات الجديدة المرخص لها بنشاط مزاولة التمويل العقاري.

ونصت اللائحة على منع شركات التمويل العقاري المرخص لها من ممارسة أي نشاط آخر غير التمويل، أو امتلاك أي منشأة تزاول نشاطا آخر غير التمويل، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، بالإضافة إلى منعها من المتاجرة في العملات أو الذهب أو المعادن النفيسة أو الأوراق المالية، أو المتاجرة في العقار.

إلى ذلك، أوضحت مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) أنها نشرت مطلع العام الهجري الحالي مشاريع اللوائح التنفيذية لأنظمة التمويل على موقعها الإلكتروني، ودعت العموم إلى الاطلاع عليها وإبداء الملاحظات والمرئيات في شأنها قبل إقرارها، مشيرة إلى أنها تلقت خلال تلك الفترة ما يزيد على 2000 ملاحظة ومقترح قدمها عدد من المختصين والمواطنين تمت دراستها بعناية، وأجرت ما يلزم من التعديلات على مشاريع اللوائح التنفيذية.

ومن أبرز ما تناولته اللائحة التنفيذية لنظام التمويل العقاري تنظيم نشاط التمويل العقاري، ووضع المعايير والشروط الواجب مراعاتها في ممارسة هذا النشاط، ومن ذلك وضع الحدود الدنيا لعقود التمويل العقاري، واشتراط الحصول على عدم ممانعة المؤسسة على منتجات التمويل العقاري قبل طرحها للتأكد من تحقيقها المتطلبات النظامية والفنية، بما يوفر الحماية الواجبة للمستهلك والمستفيد.

وتضمنت اللائحة التنفيذية لنظام الإيجار التمويلي الأحكام المتعلقة بعقود الإيجار التمويلي، وحددت الالتزامات الأساسية للمؤجر والمستأجر، ومن ذلك تحديد ما يستحقه كل من المستأجر والمؤجر في حالات فسخ العقد.

كما تضمنت اللائحة التنفيذية لنظام مراقبة شركات التمويل الأحكام الإشرافية والرقابية لقطاع التمويل، بما في ذلك متطلبات الترخيص وشروطه وإجراءاته، وقواعد عمل شركات التمويل والمعايير التنظيمية الواجب مراعاتها في ممارسة النشاط والتعامل مع المستفيد، آخذة في الاعتبار التجارب الدولية، وأفضل الممارسات المتعارف عليها، بما يحقق أهداف النظام، ويسهم في المحافظة على سلامة واستقرار النظام المالي وعدالة التعاملات فيه، والارتقاء بمستوى الحوكمة والشفافية وإدارة المخاطر في قطاع التمويل.

وأوجبت اللائحة التنفيذية لنظام مراقبة شركات التمويل على الشركات والمؤسسات العاملة التي تمارس نشاط التمويل قبل سريان النظام تزويد المؤسسة خلال 9 أشهر من تاريخ سريان النظام بخطة لتسوية أوضاعها وفق أحكام نظام مراقبة شركات التمويل خلال مهلة السنتين المنصوص عليها في المادة 36 من النظام أو خطة للخروج من السوق.

من جهة أخرى، أكد محمد الهملان، وهو مسوق عقاري في العاصمة الرياض، لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن السوق العقارية السعودية بحاجة إلى مزيد من قنوات التمويل الجديدة، التي ستقود في نهاية المطاف إلى تحقيق نوع من الاتزان بين عمليات الطلب والشراء، وقال: «من المتوقع أن تكون الفوائد الجديدة التي تقرها شركات التمويل العقاري أقل مما هي عليه الفوائد البنكية الحالية».

وقال محمد القحطاني المستثمر العقاري في المنطقة الشرقية: «شركات التسويق والتطوير والتثمين ومزودي البيانات والتمويل ستتيح وظائف كثيرة للمواطنين في السعودية»، مشيرا إلى أن العمل في مثل هذه الشركات مناسب للموطنين على غرار ما يحدث في البنوك السعودية، التي تشهد نسبة توطين عالية في المستويات كافة.