السعودية: نقص الوقود يعوق مصانع الإسمنت عن الوفاء بحاجة السوق.. ويرفع الأسعار

وسط مخاوف من تعثر مشاريع المقاولات

أحد مصانع الإسمنت في مدينة جدة (تصوير: غازي مهدي)
TT

أرجع مختصون في قطاع الإسمنت أسباب الأزمة التي تشهدها السوق في السعودية إلى نقص الوقود عن المصانع؛ ما أدى إلى عدم تمكنها من العمل بكامل طاقتها الاستيعابية؛ ما نجم عنه شح في الكميات، وظهور سوق سوداء لبيع المنتج بأسعار مرتفعة.

وقال فهد الحمادي رئيس اللجنة الوطنية للمقاولين لـ«الشرق الأوسط»: إن الأسباب الحقيقية لنشوب هذه الأزمة المتكررة في كل عام تعود إلى عدم تمكن مصانع الإسمنت المحلية من الحصول على الوقود الذي يمكنها من العمل بالطاقة الكلية للمصنع؛ ما يؤدي إلى استقرار السوق ووفرة المنتج.

وأشار الحمادي إلى أن اللجنة بحثت أسباب الأزمة مع المختصين في لجنة الإسمنت في مجلس الغرف السعودية، وأفادوا بأن نقص الوقود يعد السبب الرئيسي وأن المصانع طالبت وزارة التجارة والمسؤولين بإيجاد طرق لحل أزمة الوقود وإيصاله إلى المصانع لتعمل بكامل طاقتها.

وأضاف الحمادي إلى أن أزمة الإسمنت ستؤدي إلى تعثر مشاريع المقاولات في البلاد، وتعرض المقاولين لخسائر؛ بسبب المواعيد المحددة لتسليم المشاريع، لافتا إلى أن اتهام المقاولين بتعطيل المشاريع غير منطقي في ظل حدوث مثل هذه الأزمة - على حد قوله.

من جانبه أوضح عبد الله رضوان رئيس لجنة المقاولين في غرفة جدة لـ«الشرق الأوسط» أن الأزمة التي تعيشها السوق تعود إلى أسباب تتعلق بصعوبة حصول المصانع على الوقود، وكذلك تكلفة النقل، خصوصا أن كثيرا من المصانع تفصلها مسافة كبيرة عن مواقع البيع؛ ما يدفع كثيرا من الباعة إلى بيع الإسمنت بسعر مرتفع عن التسعيرة المحددة من قبل وزارة التجارة، مشيرا إلى أن أسعار الإسمنت ارتفعت هذه الأيام بشكل ملحوظ؛ حيث ارتفع طن الإسمنت من 250 إلى 400 ريال، وارتفع سعر الإسمنت المكيس من 14 ريالا إلى 25 ريالا.

وأشار وزير التجارة الدكتور توفيق الربيعة مؤخرا إلى أنه سيتم مع بدايات شهر مايو (أيار) الحالي استكمال توفير وإيصال الوقود اللازم لجميع شركات الإسمنت التي كانت قد طلبت إمدادها بكميات إضافية لتشغيل بعض خطوط إنتاجها الجديدة، والأخرى التي توقفت نتيجة عدم توفير ما تحتاجه من الوقود.

وأشار عاملون في سوق الإسمنت إلى أن السوق تشهد أزمة نقص حادة في كميات الإسمنت مقابل ارتفاع الطلب على المنتج، سواء من المواطنين الذين شرعوا في بناء مساكنهم الخاصة بفعل توسع الحكومة في دعم صندوق التنمية العقاري، وكذلك المشاريع التنموية العملاقة التي تستهلك كميات كبيرة من الإسمنت في الوقت الذي تعتذر فيه المصانع عن الوفاء بالكميات التي تحتاجها السوق؛ ما تسبب في نشوب الأزمة، وارتفاع الأسعار في الكثير من مناطق البلاد.

وأصدرت وزارة التجارة أخيرا قرارا بتحديد سعر بيع الإسمنت عند 12 ريالا (3.2 دولار) للعادي، و13 ريالا (3.4 دولار) للمقاوم، وتعمل على إلزام المصانع بالعمل بطاقتها الإنتاجية كاملة لتغطية السوق، وتأمين إمدادات إضافية للمناطق التي تحتاج إلى دعم في المعروض من الإسمنت.

يشار إلى أن مخزون الشركات السعودية للإسمنت من مادة «الكلنكر»، وهي المادة الأساسية التي تدخل في تصنيع الإسمنت انخفض بما نسبته 28 في المائة خلال شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، مقارنة بالمخزون في الشهر نفسه في 2011.

في الوقت ذاته أشارت الإحصائيات الأخيرة في السعودية لتحقق الاكتفاء الذاتي في مجال إنتاج الإسمنت منذ عام 1989، ثم دخلت مرحلة التصدير عام 1990، كما شهد إنتاج الإسمنت طفرة كبيرة وارتفاعا مفاجئا في كميات الإنتاج؛ نظرا لتوافر طاقات إنتاجية جديدة قابلها ارتفاع كبير في حجم الطلب على المخزون من الإسمنت بسبب التوجه إلى مشاريع البناء التي تعتمد على هذا المنتج بشكل أساسي.

وشهد استهلاك الإسمنت في السعودية نموا كبيرا في السنوات الماضية؛ حيث ارتفع من 16 مليون طن عام 2000 إلى أكثر من 48 مليون طن عام 2011، كما بلغ معدل النمو السنوي المركب للفترة من 2000 إلى 2011 نسبة 12.3 سنويا، في حين أن معدل النمو السنوي المركب لاستهلاك الإسمنت لفترة الخمس سنوات من 2006 إلى 2011 بلغ 15.7 في المائة سنويا.