قرصنة «تويتر» تثير المخاوف على أمن العلامات التجارية

«ماكدونالدز» و«جيب» أشهر الشركات التي قرصنت الأسبوع الماضي

لقطة لحساب بيرغر كينغ على تويتر بعد أن قرصن بأنباء كاذبة حول شراء ماكدونالدز (نيويورك تايمز)
TT

ما إن عاد غالبية الأميركيين إلى مباشرة عملهم الاثنين الماضي، عقب انتهاء عطلة نهاية الأسبوع، بدأت الهواتف في مقر شركة «هوت سويت» في فانكوفر، لإدارة الإعلام الاجتماعي، في الرنين.

تعرض حساب سلسلة محلات «بيرغر كنغ» على «تويتر» للقرصنة، وتم استبدال شعار الشركة بشعار «ماكدونالدز»، وبدأ بيانات كاذبة في الظهور، قالت إحداها إن «بيرغر كنغ» بيعت إلى شركة منافسة.

وصرح ريان هولمز، الرئيس التنفيذي لشركة «هوت سويت»، المتخصصة في تقديم منتجات إدارة وأمن حسابات «تويتر»، من بينها منع الأفراد من الدخول إلى حساب مواقع التواصل: «في كل مرة يحدث فيها هذا يدق هاتف مبيعاتنا. لأن هذا يشكل عبئا كبيرا على العلامات التجارية الكبرى. فما حدث لـ(بيرغر كنغ) - وشركة (جيب) للسيارات في وقت متأخر من ذلك اليوم، كان بمثابة كابوس لمدراء العلامات التجارية الكبيرة». كانت مواقع التواصل الاجتماعي في بادئ الأمر وسيلة يمكن من خلالها للمستخدمين العاديين مشاركة صور العطلات وتحديث المعلومات الشخصية، إلا أنها تحولت إلى وسيلة إعلانية رئيسية بالنسبة للشركات العالمية، التي يمكنها إنشاء حسابات مجانية، لكنها تضطر إلى إنفاق المال لشراء المزيد من المنتجات الإعلانية الأكثر تطورا.

لم يكن حسابا «بيرغر كنغ» و«جيب» المملوكتين لشركة «كرايسلر» ضحايا القرصنة الوحيدين، فقد وقعت حسابات شهيرة أخرى ضحية القرصنة مثل مواقع «إن بي سي نيوز»، وصحيفة «يو إس إيه توداي»، وصفحة «دونالد ترامب»، وموقع «كنيسة ويستبرو» المعمدانية، وحتى مجموعة «أنونيموس» للقرصنة.

أثارت هذه الأحداث تساؤلات بشأن أمن كلمات المرور لمواقع التواصل الاجتماعي وسهولة الدخول إلى حسابات الشركات الكبرى، فالدخول إلى حساب «تويتر» لا يتطلب سوى الاسم وكلمة المرور سواء أكان المستخدم شركة أو مستخدم عادي،.

قد حرص «تويتر»، على غرار «فيس بوك»، على تقديم عدد من الخيارات الإعلانية المدفوعة، رافعا حجم المخاطر بالنسبة للمعلنين. فالعلامات التجارية الكبيرة التي تدفع للإعلان على «تويتر» يتم تخصيص ممثل مبيعات لمساعدتها في إدارة حساباتها، لكنها لا تحظى بأي حماية أمنية إضافية عدا تلك التي توفر للمستخدم العادي.

ويعتقد إيان سكافر، مؤسس والمدير التنفيذي لشركة «ديب فوكس»، شركة الإعلان الرقمي التي تلقت عددا من الاتصالات الهاتفية من عملاء قلقين بشأن الهجوم الذي تعرضت له صفحة «بيرغر كنغ»، أن «تويتر» تتحمل قدرا من المسؤولية في ذلك. ويقول سكافر: أعتقد أن «تويتر» بحاجة إلى تفعيل دورها في تقديم خدمة أمنية أفضل. وطالب في مذكرة إلى موظفيه بشأن مثل هذه الهجمات قيام شبكات التواصل الاجتماعي مثل «فيس بوك» و«تويتر» وبنترست وأي شخص قلق آخر بشأن ما حدث لهذه العلامات التجارية الكبيرة باستثمار المزيد من الوقت في فهم أفضل لكيفية عمل هذه العلامات التجارية على أساس يومي. وكتب: «حان الوقت كي تستخدم هذه المنصات نفوذها لصياغة المعايير الأمنية على الشبكات». المخاطر التي تواجه «تويتر» هي الإضرار بشركاء التجارة المحتملين خلال سعي الشركة لزيادة عائداتها من الإعلان والتي تشكل أكبر نسبة من عائداتها. ففي عام 2012 زادت عائدات الشركة بنسبة 100 في المائة لتجني 288.3 مليون دولار من عائدات الإعلان العالمية بحسب موقع «إي ماركتر».

وقدم «تويتر» يوم الأربعاء منتجا يسمح للمعلنين بإنشاء وإدارة الإعلانات من خلال طرف ثالث مثل «هوت سويت»، و«أدوبي» و«Salesforce.com» ويقدر دخل الشركة من الإعلان بنحو 90 في المائة من عائداتها. ويقول جيم بروسر، المتحدث باسم «تويتر» في مقابلة معه الشهر الماضي: «لا يمكننا الاستخفاف بمثل هذا الأمر». لكن الشركة رفضت التعليق على ما تعرض له موقع «بيرغر كنغ» من القرصنة. وأوضح بروسر أن «تويتر» قادرة على التحكم يدويا وآليا في تحديد المحتوى الضار والحسابات المزيفة، لكنه اعترف أن الممارسة فن أكثر منها علم. وأشار بوسر إلى أن «تويتر» قامت بدور فاعل في محاربة مصادر المحتوى الضار، حيث أقامت الشركة دعاوى قضائية ضد المسؤولين عن خمسة من أكثر الأدوات الضارة على الموقع، وقالت في بيانها: «نأمل في أن تشكل هذه الدعاوى القضائية رادعا لأصحاب المحتوى الضار وإظهار لمدى التزامنا بإبعادهم عن (تويتر)».

لكن الخبراء الأمنيين أشاروا إلى أنه رغم الهجمات الأخيرة التي تعرضت لها صفحات «بيرغر كنغ» و«جيب» والعلامات التجارية الأخرى فإن «تويتر» قادر على القيام بما هو أكثر من ذلك. ويقول مارك ريشر، الرئيس التنفيذي في «إمبرميوم»، شركة ناشئة تهدف إلى تطهير الشبكات الاجتماعية: الحسابات على موقع «تويتر» ومواقع التواصل الاجتماعية الأخرى تغري المراهقين والقراصنة ومجرمي الإنترنت الخطرين على السواء. وبسبب سهولة الوصول وسياسات المحتوى المتحررة، تشكل للحسابات على هذه الشبكات وسيلة إغراء لا تقاوم.

في حالة «جيب» قام القراصنة باستبدال شعار الشركة بشعار سيارة «كاديلاك» «جيب» تابعة لشركة «كرايسلر» و«كاديلاك» شركة تابعة لـ«جنرال موتورز». وتم استبدال الصورة الخلفية لصفحة «جيب» على «تويتر» بصورة رجال في سيارة تحمل شعار «ماكدونالد» وبدأت تعليقات تهكمية في التدفق على الحساب.

قد تعني القرصنة على مواقع الشركات الكبرى - أو انهيار الإعلام الاجتماعي، كما يصفها هولمز من «هوت سويت» - زيادة في مبيعات منتجات إدارة الشبكات الاجتماعية لهوت سويت. «جيب» و«بيرغر كنغ» ليستا من عملاء »هوت سويت». لكن الهجمات أثارت تساؤلات بشأن سهولة اختراق الحسابات على «تويتر» وما يمكن للعلامات التجارية القيام به للحيلولة دون وقوع المزيد من هذه الهجمات.

ويقول هولمز: إذا كنت علامة تجارية منافسة لـ«بيرغر كنغ»، فسوف تفكر في الحال بشأن كيفية حماية علامتك التجارية والحيلولة دون تعرضك لمثل هذا الأمر. عندما تعرضت «بيرغر كنغ» للقرصنة عملت الشركة مع «تويتر» لوقف الحساب بشكل مؤقت إلى حين إصلاح العطل. قد يكون القراصنة أكثر ذكاء، ففي ديسمبر (كانون الأول) اقتحمت حركة أنونيموس، جماعة من القراصنة المتحررين، حساب «كنيسة ويستبورو» المعمدانية على «تويتر»، وقامت بنشر بعض المعلومات مثل عناوين منازل وأرقام هواتف أعضائها ومواقع غرف الفنادق التي يقال إن الكنيسة كانت تنسق المظاهرات التي تشتهر بها.

وردا على ذلك قام الموقع بوقف حساب @YourAnonNews أحد الحسابات الرئيسة بجماعة أنونيموس. لكن القراصنة شرعوا في الحال في إنشاء حساب احتياطي @YANBackUp إلى حين استعادة الحساب الأصلي. وعندما عاد الحساب الأصلي إلى العمل لم يعد كما كان وفقط بل انضم إليه أكثر من 100,000 متابع.

* خدمة «نيويورك تايمز»