الاتحاد الأوروبي يبرم اتفاقا «تاريخيا» للحد من مكافآت «القطط السمان»

بريطانيا المعارض الوحيد لخفض علاوات كبار المصرفيين خوفا على مركزها المالي

TT

في حين اعتبر اتفاقا تاريخيا تم التوصل إليه في بروكسل أمس يواجه المصرفيون في أوروبا احتمال خفض مكافآتهم مع بداية العام المقبل.

يتضمن الاتفاق أكبر قيود على المكافآت في العالم في خطوة يأمل الساسة أن تهدئ سخط الرأي العام من جشع المصرفيين الكبار و«القطط السمان» الذين يتهمون بالتسبب في الأزمة المالية.

وتعني الاتفاقية المؤقتة التي أعلن عنها دبلوماسيون ومسؤولون عقب محادثات جرت في وقت متأخر الليلة قبل الماضية بين ممثلين عن دول الاتحاد والبرلمان الأوروبي، ودامت ثماني ساعات، أن المصرفيين يواجهون خفضا تلقائيا في مكافآتهم بحيث لا يتجاوز الحد الأقصى لها مستوى رواتبهم السنوية.

وإذا ما صوتت غالبية من مساهمي البنوك لصالح الاتفاقية يمكن رفع هذا السقف إلى المثلين لراتبهم السنوي مما يضع حدا إلى القوانين السائدة حاليا، حيث بإمكان مديري البنوك الحصول على مكافآت تساوي أضعاف راتبهم السنوي.

وقد كانت بريطانيا المعارض الوحيد للاتفاق بين دول الاتحاد الـ27، وذلك خشية من تأثيره على حيها المالي الذي يعتبر أكبر مركز مالي في أوروبا، واحتمال هجرة المصرفيين الكبار إلى مراكز مالية أخرى خاصة في نيويورك وسنغافورة.

وفي هذا السياق قال لـ«الشرق الأوسط» البروفسور إيان بيغ الباحث في الشؤون الأوروبية في معهد «تشاتهام هاوس» والأستاذ بـمدرسة لندن للاقتصاد والعلوم السياسية: «هذه القضية ليست جديدة لأنها تعود حتى القرن 19 ومساعي باريس للإطاحة بلندن أكبر مركز مالي في أوروبا، وإن باريس في اعتقاده هي من وراء الدفع بهذا الاتفاق». واعتبر بيغ أن «لندن لا تريد أن يملي عليها الاتحاد الأوروبي قواعده، خاصة فيما يخص قطاعها المالي، وتوقع أن تكون هناك توسعات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي يتم بموجبها تخفيف الاتفاق بما لا يضر بالحي المالي بلندن».

ويجمع المراقبون أن على أن هذا الاتفاق، والذي من المقرر أن يندرج في القانون الأوروبي ضمن عملية إصلاح أوسع لقواعد رأس المال بهدف حماية البنوك يحظى بقبول شعبي في قارة تصارع للتغلب على تداعيات الأزمة المالية التي بدأت عام 2008.

وفي ردود الأفعال حول هذا الاتفاق وقال أوتمار كاراس المشرع النمساوي الذي ساعد في التوصل للاتفاق «للمرة الأولى في تاريخ القواعد المنظمة للسوق المالية الأوروبية سنضع قيودا على مكافآت المصرفيين».

من جهته، قال المفوض الأوروبي لشؤون السوق الداخلية ميشال بارنييه أمس، إن اتفاقا للاتحاد الأوروبي يهدف إلى تقييد علاوات المصرفيين سيجلب مبادئ أخلاقية أكبر للقطاع ويقلل المخاطر.

وأضاف بارنييه: «إنه نهاية لفترة العلاوات الجنونية غير المبررة التي تزيد من تحمل المخاطر.. وأيضا بداية حقيقية لمتابعة أشد وشفافية أكبر في القطاع المصرفي الأوروبي».

من ناحيته، رحب رئيس البرلمان الأوروبي مارتين شولتز بالقواعد الجديدة المقترحة للقطاع المصرفي قائلا إنها «ستسهم في تجنب خطر تجدد الأزمة المالية الكارثية التي ضربت الاقتصاد العالمي في عام 2008 ودفعت الملايين في فقر وبطالة».

بدوره، قال أوتمار كاراس كبير مفاوضي البرلمان الأوروبي: «للمرة الأولى في التاريخ سنضع ضوابط للمكافآت في القطاع البنكي، وسوف يترتب على البنوك، ابتداء من عام 2014، تخصيص كمية أكبر من الاحتياطات النقدية للمحافظة على استقرارها وتمويل اقتصاد حقيقي من المشاريع الصغيرة والمتوسطة».