11 مليار دولار.. قيمة البضائع المقلدة في تركيا

الظاهرة تثير قلق شركات «الماركات الفاخرة»

TT

مع ظاهرة تقليد البضائع، المتنامية في قطاعات النسيج والسلع الفاخرة وكذلك في مجال السيارات والصيدلة، تبقى تركيا، بعد الصين الأولى عالميا دون منازع، ملتقى الطرق الأوروبية في التقليد على مرأى ومسمع من الحكومة المتهمة بالتساهل، وذلك حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

والتساهل أمر يتكرر في تركيا ويحتل رأس اهتمامات الشركات الأجنبية التي تنشط على الأراضي التركية. وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، جاء دور رئيس لجنة «كولبير» التي تضم نخبة الصناعات الفرنسية الفاخرة، ليغتنم جولة له في إسطنبول للتنديد بتساهل السلطات أمام «قرصنة» من كل الأنواع. وأعرب ميشال برناردو رئيس شركة الخزف الصيني الشهيرة التي تحمل الاسم نفسه، عن أن «تركيا جزء من الدول التي نواجه فيها أكبر قدر من القلق»، وأضاف أن «علاماتنا التجارية تنفق الكثير من الأموال في مجال الابتكار، وما من شيء أكثر إحباطا من رؤية كل هذه الجهود تذهب هدرا بسبب التقليد».

أهو إحباط؟ إنه أكثر من ذلك، إنه أمر مثير للقلق الشديد لأن التقليد في تركيا له مكانته في السوق. فجولة صغيرة في شوارع سوق إسطنبول الكبيرة تكفي لتكوين قناعة بذلك. وتعرض واجهات المتاجر الصغيرة من دون خجل حقائب أو ساعات تحمل أسماء علامات تجارية راقية بأسعار بعيدة جدا عن الأسعار الرسمية. وفي عام 2011، قدرت غرفة التجارة الدولية قيمة المنتجات المقلدة المستوردة أو المنتجة في تركيا بنحو 11 مليار دولار. لكنها تأتي في مرتبة بعيدة خلف الصين وهي الأولى عالميا من حيث القرصنة في مجال تقليد وتزوير البضائع مع رقم أعمال يقدر بـ8 في المائة من إجمالي ناتجها الداخلي، أي أكثر من 500 مليار دولار.

لكن تركيا جزء من هذه الدول مع ذلك. وأشار تحقيق لغرفة التجارة الدولية إلى أن التقليد يحرم العائدات الضريبية للدولة التركية سنويا من 2.4 مليار دولار، وهو المسؤول عن فقدان 135 ألف شخص لعملهم. ويختصر سلجوق غوزنجي مؤسس الجمعية التركية لتجارة النسيج، الوضع قائلا: «إنها آفة حقيقية»، وقال: «هنا، كل العلامات التجارية الكبيرة في قطاع الألبسة أو الحقائب مقلدة. وبين وقت وآخر، تقوم الشرطة بعمليات تفتيش استعراضية أمام الكاميرات فقط، وتصادر بضائع وتقفل محلات، لكن هذه التجارة تعود إلى النشاط بعد ثلاثة أسابيع وكأن شيئا لم يكن».

ويكمل رئيس الجمعية التركية لمنتجي النسيج جيم نغرين أن «التقليد في قطاع النسيج يشمل خصوصا الورشات الصغيرة التي تتكيف بسرعة كبيرة مع الموضة ومع عمل الشرطة»، وقال: «من الصعب جدا تفكيكها».. فالألبسة الجاهزة والجلديات والعطور تشكل الهدف الرئيسي للتقليد في تركيا. والأكثر إثارة للدهشة، أن أنشطتها تمتد أيضا إلى الصيدلة والغذاء وقطع غيار السيارات.. إنه اقتصاد مواز حقيقي مرتبط في غالب الأحيان بشبكات إجرامية.

وبهدف صدها، تقوم الشركات الأجنبية بتحريك مجموعات من المحامين، لكن معركتهم غير مضمونة النتائج، فقد وقعت أنقرة على كل الاتفاقيات الدولية التي تحمي الملكية الفكرية، إلا أن حرية عمل شرطييها ورجال الجمارك لا تزال محدودة جدا في هذا الإطار.

وأوضحت المحامية يسرة دوندار - لوازو من مكتب محاماة «أوزديريكجان – بيلجيش -دوندار» وهو يتعامل مع مكتب المحاماة الفرنسي «جيد – لويريت - نوفيل»، أنه «يتعين في تركيا إقامة دعوى أمام محكمة للحصول على إذن بالحجز»، وأضافت: «يوجد أيضا قضاة متخصصون، لكن عددهم ليس كبيرا» للاستعجال في بت الشكاوى، موضحة: «إنها تشكل صعوبة أن المقلدين ينشطون حيث لا توجد مثل هذه السلطات القضائية».

وتنتهي الشكاوى أحيانا بعقوبات بالسجن مع النفاذ، خصوصا في حالات تكرار المخالفة، لكن غالبا ما تقتصر العقوبة على دفع غرامات، إلا أن الإجراءات تأخذ وقتا طويلا.

وأعرب أرزو سويتورك من مؤسسة «رينو - ميه» عن أسفه، وقال: «لقد تقدمنا بأول شكوى في 2007 ولم يتم بت الملف نهائيا بعد». وتقدر الشركة الفرنسية لتصنيع السيارات حجم السوق السنوية لسيارتها في تركيا بنحو نصف مليار يورو. وأسف سويتورك لأن «جزءا مهما يفلت منا، لكن مكافحة هذا الأمر تتطلب جيشا».

والأمر يتعلق بتساهل الحكومة التي يشار إليها بأصابع الاتهام، أكثر منه بعجز القانون. واختصر دبلوماسي أوروبي الوضع بالقول إن «تركيا تملك ترسانة (قانونية) كبيرة في مجال حماية الملكية الفكرية، لكن إرادتها السياسية مقصرة»، وردا على أسئلة وكالة الصحافة الفرنسية، لم يشأ وزيرا الاقتصاد والجمارك التحدث عن هذا الموضوع. وذكر ميشال برناردو المتشكك دوما: «عندما التقينا وزير الاقتصاد (التركي) ظافر كاغليان، عبر لنا عن إلى أي حد تثير هذه الظاهرة قلقه». ويريد آخرون الاعتقاد بحصول تغيير. ولفت سلجوق غوزنجي: «هذا صحيح، التقليد هو قبل أي شيء وظائف، لكنه بدأ يطال علامات تجارية تركية، وهذا سيجبر السلطات على التحرك».