محافظ مؤسسة النقد السعودي: مستويات التضخم مقبولة ويتوقع نمو الاقتصاد بمعدل 4.2%

د. فهد المبارك أكد أن المجلس النقدي الخليجي يسير كما خطط له

د. فهد المبارك (تصوير: خالد المصري)
TT

وصف الدكتور فهد المبارك محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي - البنك المركزي - مستويات التضخم في البلاد بـ«المقبولة»، مشيرا إلى توقعات النمو الاقتصادي في المملكة ستكون عند 4.2 في المائة خلال عام 2013، و3.8 في المائة في عام 2014.

وتوقع المبارك أن يكون مجمل أو غالبية ذلك النمو مقبلا من القطاعين الخاص والعام، إذا تم الافتراض أن مستوى الإنتاج النفطي سيستمر على ما هو عليه منذ بداية العام.

ولفت محافظ مؤسسة النقد الذي كان يتحدث للصحافيين يوم أمس على هامش الإعلان عن التقرير السنوي لمؤسسة النقد، إلى نظام مراقبة شركات التمويل منح الشركات والمؤسسات العاملة التي تمارس نشاط التمويل، قبل نفاذ النظام، مهلة سنتين لتسوية أوضاعها، أو الخروج من السوق بما يتوافق مع أحكام النظام، وتزويد المؤسسة خلال الـ9 الأشهر الأولى من تاريخ سريان النظام.

وتوقع أن يكون لتفعيل أنظمة التمويل أثر إيجابي في تنمية وتطوير نشاط التمويل في المملكة، وتحسين مستوى الخدمات المقدمة، وذلك عن طريق الاستفادة من الأصول ورؤوس الأموال المتوافرة، لإيجاد مصادر جديدة لتمويل أنشطة شركات التمويل من خلال السوق الأولية والثانوية. مما ينعكس إيجابا على النشاط الاقتصادي ويخلق المزيد من فرص العمل. وأكد أن كثيرا من الخطوات تم اتخاذها، منذ صدرت الأنظمة واللوائح، حيث تم وضع تفاصيل لكل جوانب العمل في الرهن العقاري، وتم إنشاء إدارة متخصصة يعمل بها ما يفوق 60 موظف، ويجري تجهيز نماذج طلبات لإنشاء شركات التمويل الجديدة، والموافقة على منتجات جديدة.

وأضاف: «المؤسسة الآن بدأت العمل، وسنستقبل الطلبات لإنشاء شركات جديدة أو لأخذ الموافقة على المنتجات، حيث وضعت اللائحة إطارا تنظيميا لإعادة التمويل العقاري بما يؤسس لقيام سوق ثانوية تساهم في توفير السيولة اللازمة، وتخفض تكلفة التمويل على المستهلك، وسيقوم صندوق الاستثمارات العامة بالمساهمة في ملكية الشركة السعودية لإعادة التمويل برأسمال قدره 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار)».

ويُذكر أن اللائحة التنفيذية لنظام الإيجار التمويلي تضمنت الأحكام المتعلقة بعقود الإيجار التمويلي، وحددت الالتزامات والحقوق الأساسية لكل من المؤجر والمستأجر، ومن ذلك تحديد مقدار حق التملك واستحقاقات كل من المستأجر والمؤجر في حالات فسخ العقد وانفساخه. كما نظمت اللائحة عملية تسجيل عقود الإيجار التمويلي وفق أفضل الممارسات في هذا المجال، من خلال شركة تؤسس لهذا الغرض.

وبالعودة إلى المبارك، الذي أشار إلى أن الاقتصاد السعودي واصل نموه للعام الـ13 على التوالي، حيث إن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للمملكة نما في عام 2012م بنسبة 6.8 في المائة، وهي نسبة تزيد عن ضعف معدل نمو الاقتصاد العالمي في العام نفسه. وتوقع أن ينمو القطاع الخاص بنسبة 7.5 في المائة، حيث يعزى النمو الذي تحققه المملكة إلى زيادة الإنفاق الحكومي، خاصة على مشاريع البنية التحتية، وكذلك المتحقق من إنجازات في مجال تحديث وتطوير الأنظمة، الأمر الذي أسهم في تحسين بيئة الأعمال وعزز الاستثمارات المحلية والأجنبية، إضافة إلى ما قدمته المصارف المحلية من تمويل لمختلف الأنشطة الاقتصادية في المملكة.

وبين أنه في الوقت الذي تشهد فيه عدد من الدول الصناعية تراجعا في تصنيفها الائتماني، فقد حافظت المملكة على تصنيفها الائتماني المرتفع «- AA» بنظرة إيجابية للمستقبل مما يعزز الثقة في الاقتصاد الوطني ويجعله أكثر جاذبية للاستثمار.

وأوضح أن الائتمان المصرفي الممنوح للقطاع الخاص في عام 2012 ارتفع بنسبة 16.4 في المائة ليبلغ نحو تريليون ريال (266 مليار دولار)، كما حافظت المصارف المحلية على ملاءتها المالية الجيدة، حيث بلغ معدل كفاية رأس المال في نهاية عام 2012م، نحو 18.8 في المائة، وبلغت أرباح المصارف أكثر من 33 مليار ريال (8.8 مليار دولار) بزيادة نسبتها 8.4 في المائة عن أرباح عام 2011.

وحسب محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي، فإنه لم تتقدم رسميا أي من الشركات للحصول على رخصة مزاولة التمويل العقاري، مشيرا إلى وجود عدد من الشركات تتشاور من خلال استيضاح جوانب تنفيذية لتقديم الطلبات، كاشفا أن المؤسسة ستنشر قريبا على موقعها نماذج التقديم.

وقال: «بالنسبة لمزاولة البنوك لنشاط تمويل العقاري، فإن معظم البنوك تقوم بهذا النشاط حاليا، والأنظمة الحالية تسمح لها بمواصلة التمويل العقاري المباشر، دون الإلزام بعمل شركات تابعة لها، ولكن إذا شاءت البنوك إنشاء شركات تابعة لها، يجوز لها ذلك، وفي كلا الحالتين؛ سواء قامت بهذا النشاط داخليا أو من خلال الشركة، فإن كل أعمال التمويل العقاري خاضعة لمراقبة المؤسسة وإدارة مراقبة شركات التمويل وهذه الأنشطة».

ودعا المبارك شركات التأمين المتعثرة إلى التفكير في إمكانية الاندماج والحد من المصاريف وانتشار الخدمة، وقال: «نعمل من خلال عدة سياسات لمساعدة هذه الشركات، للخروج من الخسائر إلى الأرباح، من خلال التعاون والنقاش معهم لأفضل السبل».

وأكد أن 33 شركة تعمل في قطاع التأمين، حيث إن بعض هذه الشركات رابحة والأخرى تعاني، وأضاف: «المؤسسة تعمل بجهد مع كل الشركات لدراسة أسباب إخفاقها، في تنمية إيراداها وأرباحها ومعالجة هذه القضايا، ونرجو لهذه الشركات أن تستطيع أن تعاود الربحية والقوة».

وشدد على أنه غير قلق حيال نسبة النمو الحالية للإقراض المصرفي، مؤكدا أن نوعية محافظ القروض المصرفية قد تحسنت في الأعوام الأخيرة، مما أدى إلى تراجع القروض الرديئة.

ولفت الدكتور فهد المبارك إلى أن مجلس الاستقرار المالي المنبثق من مجموعة الـ20، يؤكد على 3 أمور، وهي حماية وتوعية المستهلك في الأمور المالية، والشمول المالي، الذي يتضمن توفر كل الخدمات المالية لجميع شرائح المجتمع. وشدد على أهمية توعية المستهلك، حيث تتجه المؤسسة لتوعية المستهلكين، من خلال برنامج تتعاون فيه مع كل البنوك، لرفع الوعي وزيادة المعرفة.

ورحب بالشركات الأجنبية ذات رؤوس الأموال الضخمة والخبرات للعمل في قطاع التمويل، وقال: «حسب الأنظمة قد يتطلب أن يكون بشراكة مع مستثمر سعودي، وأتوقع أن يكون هناك انعكاس إيجابي لقطاع التمويل»، مشيرا إلى أن الحجم الحالي للإقراض يظل في حدود 2 في المائة، على أن يسجل نموا كبير ولكن ببط، مؤكدا في الوقت ذاته أن ذلك النمو لن يكون سريعا، كونه يحتاج إلى تأسيس الشركات وتدريب الكوادر، وزاد: «سيكون نموا هادئا ومتزنا ومبنيا على دراسة المخاطر».

وعن ربط الريال بالدولار، أكد أن ذلك يأتي في صالح المملكة، حيث خدم ذلك الربط الاقتصاد السعودي منذ سنين طويلة، وبناء على عوامل معينة، وهي التجارة والاستثمار والاستقرار وقوة الدولار في الوقت الحالي، وزاد: «متى ما تغيرت أي من الظروف التي أدت إلى إيجابيات هذه السياسة.. ننظر لها في المستقبل».

وأبدى امتعاضه عن كثرة الأعطال في شبكة المدفوعات الإلكترونية في البلاد، وقال: «تقوم المؤسسة بمراقبة الأجهزة المرتبطة بشبكة المدفوعات، في الوقت الذي تبذل فيه البنوك والرفع من مستوى كل أجهزة الصرف، وهذا من الأمور التي توليه المؤسسة اهتماما كبيرا».

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن أحد دوافع تطوير القطاع الخاص في البلاد هو تعزيز الدعم للشركات الصغيرة والمتوسطة، حيث إن المؤسسة تأخذ هذه الأمر بكل جدية، وطلبت من البنوك إيجاد إدارات للعناية بهذا النوع من المستثمرين. وتابع: «الحقيقة أن البنوك متشجعة جدا، وبدأت العمل، وأصبحت نسبة الإقراض للشركات الصغيرة والمتوسطة في نمو، وبالتعاون مع شركة المعلومات الائتمانية (سمة) تم الاستطاعة على التعرف على مستوى المخاطر لهذا النوع من الشركات وإقراضها، كما يتناسب مع حجم أعمالها وحجم المخاطر».

وزاد: «كذلك هناك منظومة أخرى من وزارة المالية تدعم هذا القطاع من خلال صندوق التنمية الصناعي، وعدد من البرامج التي تصب في دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، وفي تصوري أن هذا جانب مهم جدا من اقتصاد البلد. وأتوقع أنه ينمو في المستقبل».

وبما يتعلق بمجلس النقد الخليجي، قال المبارك إنه يعمل حسب الخطة، التي وضعت له مؤخرا، وتم تعيين مدير للمجلس، وهو الكويتي الدكتور خالد السعد، وتم البدء في بناء الكوادر الذاتية للجهاز، ويتم تطوير الإجراءات والسياسات الداخلية، والاستعداد لتنفيذ هذه المشروع الكبير في المستقبل.

وأوضح أن الإقراض الفردي وصل إلى 300 مليار ريال (80 مليار دولار) وهي تشكل 30 في المائة من محافظ البنوك، وتوجد نسب تحصيل عالية، وقال: «نحن نعتبرها مناسبة، والإقراض يتم لأفراد وأشخاص لديهم الملاءمة والانضباط في التعامل مع البنوك، حيث يشكل ذلك الإقراض 11 في المائة من الاقتصاد المحلي، مما يجعله من المعدلات المعقولة، حيث تشكل في دول أخرى إلى 20 و30 في المائة». وعن ظاهرة القروض البديلة والممارسات المخالفة. قال محافظ مؤسسة النقد: «إنها غير صحية ولا ننصح بالتعامل معها ونحذر كل من يقوم بها، وهي مخالفة لكل أنظمة السعودية، وإذا وردت حالات فهي تحال إلى لجنة في وزارة المالية تعتني بهؤلاء المخالفين والعقاب صارم على من يقوم بهذه الأنشطة من غير المرخصين».