هذه الأموال المسمومة: من الأحق بها؟!

سعود الأحمد

TT

تردني على بريدي الإلكتروني الشخصي الكثير من رسائل نصابين ومحتالين يدعون أنهم من ورثة شخصيات سياسية ومليارديرات عالمية، ويطلبون المساعدة لتحويل أموالهم لهم. ومثل هذه الرسائل بدت مألوفة، ولعلي من أوائل من كتبوا عن هذا الأمر، إن لم أكن أول من كتب عنه في الصحافة العربية. وللمعلومية: فأول مقال كتبته عن هذا الموضوع كان في عام 2004 وأعقبته بالكثير من المقالات عن نواحي ومستجدات هذا الشأن محليا ودوليا. لكن الجديد في هذا الأمر وأود أن أكتب عنه هنا هو أهمية وجود جهة تتولى مسألة تنظيم صرف هذه الأموال لأصحابها.

وعليه فإن الذي أدعو إليه أن تكون هناك منظمة دولية تدافع عن مصير هذه الأموال؛ فهذه الأموال في كمها وتراكمها لا يستهان بها. إذا استذكرنا ما يعلن من أرقام عن ممتلكات الرموز السياسية من الأرصدة النقدية والأسهم والسندات بالمحافظ الاستثمارية بالبنوك العالمية، حتى إن بعض الرموز السياسيين يكاد يسيطر على ملكية بنوك أوروبية مشهورة! ومهما يكن فهذه الأموال يجب ألا يسمح للبنوك العالمية بأن تستولي عليها، وربما تترك لتحول لعصابات غسل الأموال وتهريب المخدرات، ودعم الإرهاب الدولي، ومشاريع زراعة المخدرات وترويجها، ودعم تجارة البشر، وتمويل منتجات أعداء الفضيلة ودعاة التحلل والتفسخ والأفكار الهدامة، ومؤسسات الدعارة وإنتاج صور وأفلام الخلاعة، والمتاجرة بالأجساد والسلاح والمخدرات.

وفي تقديري: المسألة لا تحتاج إلا لمن يعلق الجرس، من المشاركين في الاجتماعات المالية العالمية أو من قبل أحد الصحافيين المشاركين في تغطيات هذه المناسبات الدورية. فلا أحد ينكر حقيقة وخطورة هذه المشكلة، لكنهم ومع الأسف لا أحد منهم (وبالأخص من الدول النافذة) له مصلحة فيها. فلو كان لأميركا فيها أو أوروبا، لفعل بها مثلما فعلت أميركا بالبنوك السويسرية التي أخفت بعض الحقائق عن مواطنين أميركان أخفوا أرصدتهم في هذه البنوك السويسرية بقصد التهرب الضريبي. حتى وصل الحال بالمحاكم الأميركية أن فرضت تصفية نشاط أحد هذه البنوك المعروفة (بالكامل) وإغلاقه في بلده عقوبة له على فعلته. وبالتالي فإن الكرة في مرمى الدول العربية لتنادي بمثل هذه المصلحة، لتضمن عودة هذه الأموال إلى خزائن دول شعوبها الأصلية، من باب عودة المال لأصحابه. وحتى يغلق باب واسع للفساد المالي العالمي الذي قد لا يدرك البعض أضراره.

وختاما.. أقول إنه وبصرف النظر عن احتمال كذب غالبية هذه الرسائل التي تطلب المساعدة مدعية أنها ضحايا وأنها من ورثة بعض الرموز السياسية، لكن يبقى لهذه الأسر حقوق مالية وإنسانية حول العالم؛ يجب أن ترعى وتصان. فمن الممكن أن يوجد حالات كثيرة لنساء وأطفال من أسر الرموز السياسيين في الأنظمة البائدة يعانون الأمرين من الفاقة والعوز. وأموالهم في بنوك عالمية محجوزة بأرقام سرية لا يعرف مصيرها. والكلام هنا موجه بوجه خاص لمن يعتلون كراسي المسؤولية اليوم ويتسيدون المنابر في المناصب السياسية والمالية العليا، فمن يدري قد يكون من هذه المجهودات ما ينفع أبناءهم أو أحفادهم.

[email protected]