تراجع معدل البطالة الأميركي إلى 7.7%

«وول ستريت» تسجل أرقاما قياسية تاريخية وتطمح لدفع الاقتصاد الحقيقي

بيانات البطالة الأميركية جاءت مخالفة لتوقعات المحللين منخفضة 0.2% (رويترز)
TT

قال مكتب إحصاءات العمل الأميركي إن معدل البطالة في الولايات المتحدة تراجع إلى 7.‏7 في المائة شهر فبراير (شباط) الماضي في أدنى مستوى له منذ خمس سنوات، استنادا لدراسة شهرية على الأسر، وتراجع المعدل بعدما ارتفع إلى 9.‏7 في المائة في يناير (كانون الثاني).

جاءت بيانات البطالة مخالفة لتوقعات المحللين الذين استطلعت وكالة بلومبرغ للأنباء رأيهم، حيث كانوا يتوقعون استمرار معدل البطالة عند مستوى 9.‏7 في المائة خلال الشهر الماضي.

وأشار مكتب إحصاءات العمل إلى أن معدل البطالة سجل حركة بسيطة منذ سبتمبر (أيلول) الماضي.

وكشفت دراسة منفصلة عن أرباب العمل عن أن الوظائف غير الزراعية نمت بمعدل 236 ألف وظيفة في فبراير، وتم تسجيل النمو في قطاعي التشييد والرعاية الصحية.

في الوقت نفسه تم خفض عدد الوظائف الجديدة التي تم توفيرها في يناير الماضي من 157 ألف وظيفة وفقا للتقديرات الأولية إلى 119 ألف وظيفة وفقا للتقديرات الصادرة اليوم، ولكن عدد الوظائف التي تم توفيرها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي ارتفع من 196 ألفا إلى 219 ألف وظيفة.

وبلغ إجمالي عدد العاطلين في الولايات المتحدة الشهر الماضي نحو 12 مليون عاطل، في حين ظل عدد العاطلين لفترة طويلة عند مستوى 8.‏4 مليون عاطل.

من ناحيته رحب البيت الأبيض بتحسن أرقام البطالة ونمو الوظائف، مشيرا إلى أنه تمت إضافة وظائف جديدة كل شهر طوال السنوات الثلاث الماضية.

وقال ألان كروجر رئيس مجلس المستشارين الاقتصادي للرئيس باراك أوباما: «رغم أنه ما زال هناك الكثير مما يجب عمله، فإن تقرير الوظائف اليوم يقدم دليلا على أن التعافي الذي بدأ منتصف 2009 يكتسب المزيد من القوة». يأتي ذلك في الوقت الذي حذر فيه الرئيس باراك أوباما من تداعيات الخفض التلقائي للإنفاق العام بمقدار 85 مليار دولار، وهو ما بدأ مطلع الشهر الحالي.

وفي الوقت نفسه حطمت بورصة نيويورك أرقاما قياسية تاريخية هذا الأسبوع، وتأمل في الاستمرار بهذا الدفع الذي قد يبدو منفصلا عن الاقتصاد الحقيقي، إلا أنه قد يبشر برأي الخبراء بانتعاش اقتصادي معمم. وحقق مؤشر «داو جونز» الصناعي لأكبر ثلاثين شركة صناعية أميركية خلال جلسات التداول الخمس الأخيرة تقدما بنسبة 2.18 في المائة إلى 14397.07 نقطة، مسجلا رابع سعر إغلاق قياسي له على التوالي عند إغلاق البورصة منذ الثلاثاء.

أما «الناسداك» المؤشر الرئيسي للسوق التكنولوجية الأميركية، فتقدم بنسبة 2.35 في المائة إلى 1551.18 نقطة ليغلق على أقل من 15 نقطة دون سعر إغلاقها القياسي في 9 أكتوبر (تشرين الأول) 2007.

وسجلت «وول ستريت» تقدما كبيرا هذا الأسبوع بعدما تحررت مؤقتا على الأقل من ضغط الاستحقاقات المقلقة المتعلقة بالميزانية الأميركية، فحطمت أرقاما قياسية تعود إلى ما قبل الأزمة المالية وانهيار سوق العقارات.

وقال كريس لوو من شركة «إف تي إن فايننشيال»: «إنه منعطف، لكنه في الوقت نفسه تذكير بأن الرقم القياسي الأخير للبورصة يعود إلى عام 2007». ورأى غريغوري فولوكين من شركة «ميسشيرت نيويورك» أن «وول ستريت» «صامدة في توجهها في الوقت الحاضر، وقد تأكد تفاؤلها على ضوء الإحصاءات الاقتصادية» على صعيدي الوظائف والعقارات، وهما الركنان الأساسيان لانتعاش الاقتصاد.

ومع تراجع نسبة البطالة إلى 7.7 في المائة وارتفاع أسعار العقارات وانتعاش قطاع البناء وتسارع وتيرة النشاط التصنيعي بصورة خاصة، لم يتفاجأ المحللون بهذا الازدهار في السوق المالية الأميركية.

وأوضح إيفاريست لوفيفر من شركة «ناتيكسيس» أن «أسعار السوق بعيدة عن أعلى المستويات التاريخية» فيما يتعلق بأرباح الشركات المدرجة في البورصة، وهو لا يعتبر أن أسعار البورصة «مبالغ بها». ومن المتوقع أن تظهر انعكاسات الزيادات الضريبية التي دخلت حيز التنفيذ في يناير، والتخفيضات في النفقات العامة التي بدأ تطبيقها في مطلع مارس (آذار) «اعتبارا من نهاية مارس أو مطلع أبريل (نيسان)» ما قد يؤدي إلى تصحيح طفيف لأسعار السوق. إلا أن «التوجه على المدى البعيد يبقى إلى الارتفاع» برأي هوغ جونسون من شركة «هيوغ جونسون للاستشارات».

وقال فولوكين إن «المواطن الأميركي الذي يستثمر في البورصة يرى محفظته المالية تكسب 10 في المائة من قيمتها في حين أن مرتبه لم يرتفع (أو بالكاد)، وأن نفقاته ازدادت مع الزيادات الضريبية».

وأضاف أنه بفعل هذا التباين بين الزيادة في البورصة ومراوحة الدخل «لا يشعر المواطنون بالضرورة» بهذا الازدهار في الحياة الحقيقية، كما أن «الأسر لا تشعر بارتفاع في قدرتها الشرائية».. الأمر الذي يهدد الاستهلاك، أحد المحركات الأساسية للاقتصاد الأميركي.

ولم تتخط الزيادة في متوسط الرواتب الأسبوعية 1.8 في المائة على مدى عام في القطاع الخاص، وهو مستوى قريب من نسبة التضخم التي بلغت 1.6 في المائة في يناير.

وأقر لوفيفر بأن «حجم الرواتب بالنسبة إلى رقم أعمال» شركات تحقق أرباحا عالية وتملك سيولة طائلة، يبقى «منخفضا جدا» في الوقت الحاضر، لكنه أضاف أنه إذا ما تأكد الانتعاش فإن الأوضاع قد تتغير شيئا فشيئا.

ودعا ستيفان فنتيلاتو من شركة «بنكا آي إم آي سيكيوريتيز» إلى التحلي «ببعض الصبر»، وقال إن «الحياة الحقيقية هي الآن، في حين أن السوق هي آلية تستبق الأمور: المؤشران (مؤشرا البورصة والرواتب) مبنيان على آفاق زمنية مختلفة».

وحده الوقت يمكنه ردم الهوة بين بورصة نشطة ومستهلك لا يزال مترددا، وقال المحلل إن «الأهم من ارتفاع الرواتب في الوقت الحاضر هو استحداث وظائف»، وهو بنظره عامل «أهم بكثير» ينعكس على الاستهلاك.