لوائح «الشورى» تنذر بخروج 10 آلاف مكتب عقاري من السوق السعودية

نائب رئيس اللجنة الوطنية العقارية: تقلص أعداد المكاتب أمر صحي

تنظيم قطاع المكاتب العقارية السعودي سيقضي على عشوائية السوق («الشرق الأوسط»)
TT

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن أكثر من 10 آلاف مكتب عقاري مهددة بالخروج النهائي من السوق السعودية خلال الفترة المقبلة، يأتي ذلك بسبب اللوائح الجديدة المتعلقة بتنظيم المكاتب العقارية، وهي اللوائح التي وافق عليها مجلس الشورى في البلاد خلال جلسته المنعقدة يوم أول من أمس.

وأمام هذه المستجدات، تبلغ عدد المكاتب العقارية في السوق السعودية خلال الفترة الحالية نحو 30 ألف مكتب، إلا أن اللوائح الجديدة لتنظيم المكاتب العقارية والتي اشترطت توظيف السعوديين لإدارة هذه المكاتب ينذر بخروج نحو 30 في المائة من السوق بشكل نهائي، يأتي ذلك في وقت كشف فيه مختصون، عن ارتفاع أعداد الأجانب الذين يديرون المكاتب العقارية الموجودة في السوق المحلية خلال الفترة الحالية.

وفي هذا الصدد، اشترطت اللائحة الجديدة لممارسة أعمال المكاتب العقارية، والصادرة عن مجلس الشورى السعودي أول من أمس، أن يحصل صاحب المكتب على سجل تجاري مخصص لممارسة النشاط العقاري، وأن يمارس النشاط صاحب المكتب أو مديره السعودي، بالإضافة إلى اشتراط أن لا يكون صاحب المكتب قد ارتكب جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة، ما لم يرد إليه اعتباره.

وفي ظل هذه التطورات، أكد المهندس محمد الخليل نائب رئيس اللجنة الوطنية العقارية في مجلس الغرف السعودية لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن السوق العقارية السعودية ما زالت بحاجة إلى مزيد من التنظيم، وقال: «اللوائح المعتمدة من قبل مجلس الشورى في شأن تنظيم مكاتب العقارات جيدة لتنظيم السوق من العشوائية التي يعاني منها، إلا أنه كان من المهم إضافة شرط أن يكون صاحب المكتب أو من يعمل فيه لديه شهادة تأهيل من المعاهد المتخصصة، للعمل في هذا النشاط».

وأضاف الخليل: «ليس من المعقول أن يدير المكتب العقاري شخصا غير مؤهل لا يعرف طريقة إدارة الأملاك أو التسويق، الهدف ليس فقط توظيف السعوديين، ولكن إيجاد مكاتب عقارية مؤهلة ومن خلالها يكون السوق أكثر تنظيما، ولذلك أتمنى من وزارة التجارة والصناعة أن تصدر لائحة تنفيذية يمكن العمل عليها خلال الفترة المقبلة». وأشار نائب رئيس اللجنة الوطنية العقارية في مجلس الغرف السعودية إلى أن عدد مكاتب العقارات في السوق السعودية يصل إلى 30 ألف مكتب خلال الفترة الحالية، وقال: «لا أستبعد خروج حجم كبير من هذه المكاتب عقب اللوائح الجديدة الصادرة عن مجلس الشورى، وأعتقد أن حدوث مثل هذا الأمر صحي للغاية»، متمنيا في الوقت ذاته أن يتم تصنيف المكاتب العقارية وفقا لأنشطتها التشغيلية.

من جهة أخرى، قال الدكتور عبد الوهاب أبو داهش عضو اللجنة العقارية في الغرفة التجارية والصناعية في الرياض لـ«الشرق الأوسط» أمس: «تعاني مكاتب العقارات في السوق السعودية من سيطرة العنصر الأجنبي، واشتراط اللائحة الجديدة بضرورة أن يدير المكتب صاحبه أو مدير سعودي، سيقود إلى تنظيم السوق بشكل أكبر وتقليل عمليات التلاعب التي قد تحدث».

ولفت الدكتور أبو داهش، إلى أن شرط توظيف السعوديين في المكاتب العقارية سيخلق آلاف الفرص الوظيفية الجديدة، وقال: «تنظيم القطاع العقاري يحتاج إلى إشراف وتنظيم، ولا بد أن يكون هنالك عملا جادا في هذا الجانب، وإصدار اللوائح التنظيمية لممارسة أعمال المكاتب العقارية ستكون هي البداية المتعلقة في تنظيم هذا القطاع».

الجدير بالذكر أن السعودية بدأت خلال الآونة الأخيرة بعقد خطوات متقدمة نحو تنظيم ودعم قطاع العقارات في البلاد، يأتي ذلك عقب إقرار أنظمة الرهن العقاري قبل نحو 8 أشهر، وهي الأنظمة التي من المتوقع العمل بها خلال العام الميلادي الجديد.

وكان قد نفى مسؤول رفيع المستوى باللجنة الوطنية العقارية في السعودية احتكار الأراضي البيضاء في السوق المحلية من قبل مجموعة من تجار القطاع، مطالبا خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» قبل نحو 3 أشهر، البنوك التجارية في البلاد بالتوجه خلال الفترة المقبلة نحو توفير السيولة النقدية اللازمة لتمويل شراء المساكن للمواطنين عقب إقرار أنظمة الرهن والتمويل العقاري، بدلا من التوسع في القروض الاستهلاكية.

وقال المهندس محمد الخليل نائب رئيس اللجنة الوطنية العقارية السعودية في حينها: «نتمنى أن توازن أنظمة الرهن والتمويل العقارية التي تم إقرارها مؤخرا بين مستويات العرض والطلب في السوق السعودية، وهو الأمر الذي يحتاج إليه القطاع العقاري خلال الفترة الحالية والمقبلة أيضا».

وأوضح نائب رئيس اللجنة الوطنية العقارية في السعودية، أن أنظمة الرهن العقاري ستنجح في ضبط العلاقة وحفظ الحقوق ما بين المالك والبائع والممول، مشيرا إلى أن إقرار هذه الأنظمة سيعزز من فرصة نمو القطاع العقاري خلال السنوات المقبلة بشكل جيد.

يشار إلى أنه كان قد قالت شركة «جدوى» للاستثمار في وقت سابق، إن جني الفوائد الكاملة لنظام الرهن العقاري سيستغرق بعض الوقت، مشيرة إلى أن الأثر المباشر قد يكون محدودا على المدى القصير.

وأشارت «جدوى» في تقريرها عن نظام الرهن العقاري الذي صادق عليه مجلس الوزراء السعودي بتاريخ 2 يوليو (تموز) إلى أنه يعتبر خطوة مهمة في توسيع المقدرة على امتلاك المساكن والتعاطي مع إحدى القضايا الاجتماعية الملحة للكثيرين في السعودية فضلا عن فوائده الكثيرة للاقتصاد. وقالت: «إن إجازة قانون الرهن العقاري استغرق عدة سنوات وكان من بين أسباب ذلك أن القانون اقتضى تشريعا معقدا، فبدلا عن قانون واحد تمت المصادقة على حزمة من 5 قوانين لا توفر الإطار العام لتطبيق عقود الرهن العقاري فحسب، بل تعالج مسألة التسجيل العقاري وإنشاء شركات التمويل». وأكد تقرير «جدوى» للاستثمار أن التقديرات حول ملكية المساكن تتباين في السعودية، لكن تشير بصفة عامة إلى أن أقل من نصف سكان المملكة يملكون مساكن خاصة بهم، ويعزا ذلك في الأساس إلى أنه ليس في مقدور المواطنين من ذوي الدخل المنخفض والمتوسط تحمل تكلفة امتلاك مسكن خاص، مما ساهم في خلق عجز في المساكن لهذه الشرائح من السكان.