مصر ترفض قرضا سريعا من صندوق النقد الدولي بقيمة 750 مليون دولار

وسط تضارب تصريحات الوزراء

TT

قال وزير المالية المصري الدكتور المرسي حجازي أمس إن بلاده رفضت عرضا قدمه صندوق النقد الدولي للحصول على قرض سريع بقيمة 750 مليون دولار، وأشار إلى أن الحكومة المصرية أنجزت ما عليها من إعداد وبدء تنفيذ برنامج إصلاحي اقتصادي واجتماعي، وتابع: «من حقنا كدولة مؤسسة وعضو في صندوق النقد الدولي الحصول على قرض بقيمة 300 في المائة من حصة مصر في الصندوق، أي نحو 4.8 مليار دولار». ولدى صندوق النقد الدولي أداة تسمى «التمويل السريع»، وهي مصممة لتقديم مساعدة سريعة لكن محدودة للدول الأعضاء التي تحتاج دعما عاجلا لميزان المدفوعات.

يأتي هذا عقب تصريحات متضاربة بين الوزارات الاقتصادية المصرية حول تقديم الصندوق عرضا لتمويل سريع، فيما يراه خبراء دليلا على عدم التنسيق والتخبط بين أعضاء الحكومة المصرية.

ونفى وزير التخطيط والتعاون الدولي المصري الدكتور أشرف العربي، قيام صندوق النقد الدولي بإبداء أي ملاحظات سلبية على البرنامج المصري للإصلاح الاقتصادي، مشيرا إلى أن الانطباع المبدئي للصندوق حول البرنامج يتميز بالإيجابية.

وقال العربي إن مصر وجهت الدعوة رسميا إلى الصندوق لزيارتها، لعرض برنامجها للإصلاح الاقتصادي، ومناقشته، وإبداء الملاحظات عليه، إن وجدت، خلال الزيارة المتوقعة لها خلال الأيام القليلة المقبلة.

وأكد أن مصر حريصة على استكمال الإجراءات الخاصة بالحصول على قرض صندوق النقد البالغ 4.8 مليار دولار، مشيرا إلى أن مصر ليست في حاجة إلى قرض سريع وعاجل من الصندوق، الذي يعرضه على الدول الأعضاء لديه في حالات الضرورة، موضحا أن علاج عجز الموازنة يحتاج إجراءات هيكلية واسعة، لا إعانات عاجلة من صندوق النقد. وحول إمكانية إرجاء قرض الصندوق لتأجيل الانتخابات البرلمانية، قال وزير التخطيط والتعاون الدولي إنه لا توجد علاقة بين تأجيل الانتخابات البرلمانية وحصول مصر على قرض الصندوق، مشيرا إلى أن البرنامج الاقتصادي هو المحور الرئيسي للقرض.

وحصلت مصر على مساعدات في صورة قروض ومنح وودائع تقدر بنحو 10 مليارات دولار، إلا أن هذا لم يُضفِ أي تحسن على اقتصادها الذي يواجه تحديات ضخمة خلال الفترة الحالية.

وقدر مسؤولون مصريون حجم الفجوة التمويلية التي تحتاجه مصر حتى نهاية العام المالي المقبل، بنحو 19 مليار دولار، وقال هاني قدري مساعد وزير المالية في تصريحات سابقة إن بلاده تستطيع أن تغطي أغلب تلك الفجوة التمويلية بعد الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وقد تلجأ إلى «الدول الشقيقة» لتغطية باقي تلك الأموال التي تحتاجها الحكومة لإنعاش اقتصادها الذي حقق معدل نمو بلغ 2.4 في المائة خلال النصف الأول من العام المالي الجاري (2012-2013).

وقال أيضا وزير التخطيط والتعاون الدولي أشرف العربي في تصريحات سابقة لـ«الشرق الأوسط» إن بلاده لم تطلب مساعدات من دول بعد أن حصلت على 10 مليارات دولار من السعودية وقطر وتركيا، ولكنه قال إنها قد تلجأ إلى طلب مساعدات إذا احتاجت إلى ذلك خلال الفترات المقبلة.

وبلغ عجز الموازنة المصرية في العام المالي الجاري نحو 119.7 مليار جنيه خلال الأشهر السبعة المنتهية في يناير الماضي، وهو ما يمثل ‏6.7‏ في المائة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل عجز بقيمة ‏88.2‏ مليار جنيه في الفترة ذاتها من العام المالي الماضي تمثل ‏5.7 ‏في المائة من الناتج المحلي‏.

وقال المتحدث الرسمي باسم رئاسة الوزراء المصرية السفير علاء الحديدي أمس إنه لم يتم بعد الاتفاق على موعد وصول بعثة صندوق النقد الدولي لمصر، لافتا إلى أن خطة الحكومة والإجراءات والبرامج التي يتم اتخاذها ليست مرتبطة بالصندوق، فالحكومة ماضية في طريقها بغض النظر عن الصندوق، خاصة أن الأوضاع الاقتصادية الحالية تتطلب معالجات لا بد من النظر إليها؛ لأن الوضع الاقتصادي به صعوبات، لافتا إلى أن تكلفة الانتظار أكبر بكثير من تكلفة الإصلاح.

وأضاف الحديدي أنه لن يتم التوقيع على قرض مع صندوق النقد الدولي إلا في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، موضحا أن البرنامج يخضع لاعتبارات مصرية، خاصة أنه برنامج وطني يراعي البعد الاجتماعي ويدخل في أهداف الحكومة وخطتها التي تم التحاور بشأنها في إطار الحوار المجتمعي.

ووضعت الحكومة المصرية تصورات كارثية في حال عدم تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري الذي يتضمن ترشيد دعم الوقود، وزيادة الضرائب على بعض السلع، وقالت إنه في حال عدم تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي فإن الفجوة التمويلية التي ستحتاج إليها الحكومة ستصل خلال العام المالي الجاري حتى يونيو (حزيران) إلى 14.5 مليار دولار، وسترتفع إلى 22.1 مليار دولار خلال العام المالي المقبل 2103 - 2014.

وأوضحت المؤشرات الحكومية أن الفجوة التمويلية ستصل إلى 21.8 مليار دولار بنهاية العام المالي 2014-2015 حال عدم تطبيق البرنامج الاقتصادي، أي بإجمالي 85.3 مليار دولار خلال ثلاثة أعوام مالية، مقارنة بفجوة تمويلية تصل إلى 19.5 مليار دولار خلال ثلاثة أعوام حتى 2014-2015 إذا تم تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي.

وأشارت تقديرات الحكومة إلى أنه في حال عدم تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي، فإن العجز الكلي بالموازنة سيصل إلى 212.9 مليار جنيه بنهاية العام المالي الجاري 2012 - 2013 لتصل نسبته إلى 12.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. بينما سيصل العجز بحلول العام المالي المقبل إلى إلى 307.4 مليار جنيه، ما يمثل 14.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، فيما سيصل بحلول عام 2014-2015 إلى 334.6 مليار جنيه، ما يمثل 14 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك حال عدم تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي.