ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب «يرعب» قادة الاتحاد الأوروبي

خصصوا 6 مليارات يورو لمحاربتها.. وتصل إلى 50% في إسبانيا

TT

وضع قادة دول الاتحاد الأوروبي أولويات السياسات الاقتصادية الأوروبية للعام المقبل، في ظل قناعة بضرورة وجود استراتيجية اقتصادية شاملة، وجرى ذلك في ظل توافق واسع وفي أجواء هادئة ومركزة، حسب ما جاء على لسان هيرمان فان رومبوي رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، في ختام قمة انعقدت ببروكسل على مدى يومين.

وناقش القادة كيفية الاستمرار في إجراءات معالجة عجز الموازنة، وبحث الطرق المؤدية إلى العودة إلى النمو، وفى هذا الموضوع صرح رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي «نحن نعي تماما حالة الإحباط الشعبي في أوروبا، لكننا نعرف أن حل الأزمة لن يكون سهلا»، وركز فان رومبوي على ضرورة الإسراع في العمل من أجل تحفيز الاستثمارات وخلق فرص عمل للشباب ومعالجة مشكلة البطالة المتفشية في عموم أوروبا. وجاءت القمة على وقع مظاهرات للنقابات العمالية في بروكسل ضد الإجراءات التقشفية وتقليل الرواتب وإغلاق شركات والاستغناء عن موظفين وعمال. وبحسب العديد من المراقبين في بروكسل، فإن سبل تصحيح الماليات العامة من أجل إنعاش النمو الاقتصادي ومكافحة البطالة كانت موضوع قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل، في ظل إجراءات تقشفية تواجه باحتجاجات شعبية متزايدة.

وتحدث رئيس المجلس الأوروبي عن مرونة في تصحيح وضبط المالية العامة لتحريك النمو وإحداث مواطن الشغل. وقال رئيس مجلس أوروبا هيرمان فان رومبوي «سحبنا ستة مليارات يورو، وهي مخصصة لمكافحة البطالة في أوساط الشباب. وهذه المبادرة هي أحد الأسباب التي آمل من ورائها أن يتم التوصل إلى اتفاق في وقت قريب بين المجلس والبرلمان الأوروبي بشأن إطار التمويلات السنوية».

ويصل معدل البطالة في أوساط الشباب دون الـ25 عاما بين دول التكتل إلى 22 في المائة، ويصل في بلد مثل إسبانيا إلى 50 في المائة. وخلال المؤتمر الصحافي الختامي أمس، قال فان رومبوي إن مناقشات اليوم الثاني تركزت على ملف العلاقات مع الشركاء الاستراتيجيين، وجرى تبادل وجهات النظر في هذا الصدد مع التركيز على ملف العلاقات مع روسيا بعد أن ناقش القادة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي العلاقات مع الصين، وفي وقت لاحق من العام الحالي سيكون النقاش حول العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية. وفي ما يتعلق بالعلاقات مع روسيا قال فان رومبوي إن هناك إدراكا لأهمية الشراكة الاستراتيجية مع روسيا، وجرى نقاش حول المصالح والتحديات الكثيرة. وأضاف أنه من أجل تطوير أكبر للعلاقات بين الجانبين لا بد من إيجاد الحلول للخلافات واحترام القواعد والقيم الأساسية.

وقال رئيس مجلس الاتحاد إن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أطلع القادة على استعدادات لندن والأعمال التحضيرية لقمة مجموعة الثماني المقررة في يونيو (حزيران) المقبل. ولمح رئيس الاتحاد إلى أنه جرى استعراض الملفات المطروحة على أجندة قمة دول منطقة اليورو التي انعقدت على هامش القمة العادية للاتحاد، وأشار إلى أن ماريو دراغي، رئيس المصرف المركزي الأوروبي، تحدث أمام القادة حول العديد من الموضوعات، ومنها ما يتعلق بمسألة حصول الشركات على القروض باعتبارها أحد المحركات الرئيسية للنمو، وأيضا القدرة على المنافسة وأداء سوق العمل ومواجهة البطالة بين الشباب، وأنه أثناء القمة طرح السؤال: من أين يأتي النمو؟ وكان الجواب: من خلال الثقة والائتمان والقدرة على المنافسة.

ولمح المسؤول الأوروبي إلى الاستراتيجية الاقتصادية الأوروبية، وأنها تعتمد على أربعة أمور، وهي الاستقرار المالي والمالية العامة المستدامة، وتدابير مكافحة البطالة خاصة بين الشباب، والإصلاحات الهيكلية للقدرة التنافسية، والنمو. وتحدث القادة أيضا حول الطريق نحو وحدة اقتصادية ونقدية حقيقية، وجرى تقييم الوضع الحالي وملف الموازنة والتدابير التي اتخذت في هذا الصدد والقواعد الجديدة المتعلقة بهذه الأمور، مشيرا إلى أن القرارات اتخذها القادة، والآن جاء دور التنفيذ، وهو التحدي الكبير الآن. ونوه بالتقدم الذي جرى إحرازه في مجال السياسات المصرفية خاصة في قمتي يونيو وديسمبر (كانون الأول) الماضيين، خاصة قرارات بشأن الآلية الإشرافية الموحدة لجميع البنوك في منطقة اليورو، وأنه يجب الحفاظ على آلية قرار موحد.

من جانبه، قال مانويل باروسو، رئيس المفوضية الأوروبية، إنه جرت مناقشة موضوعية لأزمة منطقة اليورو وتحليل للوضع الاقتصادي. وأشار إلى التقارب الكبير بين التقرير الذي قدمه رئيس المركزي الأوروبي والتقرير الذي قدمه باروسو نفسه لقادة الاتحاد على هامش القمة خاصة ما يتعلق بملف تحقيق النمو المستدام، وجرى فيه التأكيد على ضرورة زيادة القدرة التنافسية وأفضل الوسائل للاهتمام بالقضايا الإنتاجية، وبالطبع ملف الشغل وهو أمر مهم للجميع خاصة أن هناك بطالة مرتفعة بين الشباب، منوها بأن «المفوضية الأوروبية تعمل منذ يناير (كانون الثاني) من العام الماضي مع فريق عمل من مجموعة الثماني حول سبل مواجهة البطالة بين الشباب وتمويل دعم فرص العمل والشركات الصغيرة والمتوسطة للحصول على تمويل، وكانت النتائج جيدة للغاية. وبحلول العام الحالي جرى تخصيص 16 مليار يورو من الاتحاد الأوروبي لتمويل مشروعات، وحسب المخطط سوف تستفيد من ذلك 55 ألف شركة من الشركات الصغيرة والمتوسطة، ونرمي إلى توظيف 800 ألف شخص خلال المرحلة القادمة».

واعترف باروسو بأنه على الرغم من كل هذا فالأمور تسير في الاتجاه المعاكس وتزداد معدلات البطالة بين الشباب خلال الشهور الأربعة الأخيرة، ولكن أيضا الجهود مستمرة من جانب الاتحاد الأوروبي، الذي أقر مؤخرا مقترحا للمفوضية يتضمن ضمان فرص عمل للشباب، وجرى توفير 6 مليارات يورو إضافية لهذا الغرض. وشدد باروسو على أن منع التهرب الضريبي يشكل أولوية للجميع، وهناك عمل مشترك مع منظمة التعاون والتنمية ومجموعة الثماني بشأن نهج عالمي في هذا الصدد. وفي ما يتعلق بالتجارة كرر باروسو الالتزام الأوروبي بنظام تجاري متعدد الأطراف وقوي. وعن روسيا لمح إلى أنها شريك مهم للاتحاد الأوروبي والعكس صحيح أيضا حيث تشكل بروكسل الشريط التجاري الأكبر خاصة في مجال الاستثمار المباشر. وقال إنه سيتوجه الأسبوع المقبل إلى روسيا لاستكشاف مجالات التعاون ذات الاهتمام المشترك.