نحتاج لبوصلة تفكير.. لكي ننجح وظيفيا!

سعود الأحمد

TT

ما أكثر ما نقابل من معارفنا وأصدقائنا وأقاربنا (الناجحين وغير الناجحين في حياتهم) الذين يتمنون لو أنهم سلكوا في حياتهم العملية طريقا آخر غير الذي سلكوه!.. وما أكثر ما نقابل البعض من زملاء الدراسة النابغين الذين لم يحالفهم الحظ لإكمال تعليمهم، أو أنهم تخصصوا في تخصصات لا تحتاجها سوق العمل، أو لم يجدوا فرصا وظيفية إلا في مجالات بعيدة كل البعد عن التخصصات التي أحبوها ودرسوها!.. ولعل هذا الأمر شائع في جميع دول العالم، وربما في الدول النامية بوجه خاص.

وأغلب الظن أن هناك أكثر من سبب وراء هذا الفشل، من ذلك محدودية المقاعد الدراسية في الجامعات، إضافة إلى شح الفرص الوظيفية وقلة الخيارات أمام خريجي الجامعات والمعاهد المتخصصة، وعدم احترام مبدأ التخصص في الدراسة والتدريب والعمل.. إضافة إلى ثالوث ما يسمى بـ«الواسطة والجهة والمحسوبية» التي تمنح حقوق بعض إلى بعض دون وجه حق!.. لدي بعض الأصدقاء، عسكريين ومدنيين، وصلوا إلى مناصب عليا وبعضهم أخذوا يتقاعدون (بقوة النظام)، تجد بعضهم نادما على ما مضى من عمره، لأن أمانيه كانت في مجال آخر غير هذا! مثل هذا الوضع والمحدودية والممارسات الخاطئة أجبرت البعض على دراسة خاطئة، ويتخرج في مجال عمل خاطئ، فيعمل بجد واجتهاد في مجال عمل خطأ!.. وقد يستمر به الحال على هذا النحو، فلا يُبدع، ولا يُقدم ما لديه من مهارات، لينهي حياته الوظيفية.. وإلى أن يتقاعد وهو ينتظر ويتصبر ويحلم بالتغيير!.. وبهذا نحن نقتل الإبداع في مواردنا البشرية ونعطل المواهب والمهارات والملكات الوراثية والفطرية في عقول المجتمع.

وحل هذه المشكلة ممكن باختبار الرغبات الحقيقية للطالب، أو ما يسمى بوصلة التفكير التي دعا لها العالم هيرمان والتي تسمى «Herman test». وتتلخص فحوى نظرية هيرمان في يعرف الشخص ميوله أو طريقة تفكيره أو بصمته الفكرية، وهل يفكر بطريقة التحليل والأرقام والمال أم بطريقة الإبداع والتركيب والاستراتيجيات، أم بطريقة الانضباط والتنفيذ والدقة واحترام الوقت، أم بطريقة المعاني الإنسانية والعلاقات والمشاعر.. لأنه متى عرف الشخص أين يجد نفسه كان ذلك أدعى لخدمة مجال عمله والتطور والنجاح فيه. وهذا ما يدعو له العلماء.. أن يبحث المرء في سن مبكرة عن الأقسام والتخصصات التي يميل إليها، ويختار الوظيفة التي تتناسب مع طريقة وبصمة تفكيره.

وكل ما نحتاج إليه أن نطبق اختبارات بوصلة التفكير في مدارسنا في المراحل المبكرة، ونوعي أبناءنا ومدارسنا وأسرنا بأهمية اكتشاف ميول الشباب ونقاط القوة فيهم وتوجيههم لما يناسبهم في مستقبل حياتهم العملية.

[email protected]