قبرص تسابق الزمن لتفادي الانهيار المالي

روسيا تعيد الكرة إلى ملعب الاتحاد الأوروبي لإنقاذ الجزيرة من الإفلاس

TT

سابقت قبرص الزمن أمس لإيجاد طريقة للخروج من أزمتها المالية وتلبية شروط حزمة قروض الإنقاذ المالي الدولية حتى لا تسقط في فخ الإفلاس.

وتحاول قبرص، عضو الاتحاد الأوروبي، الحصول على مليارات اليورو قبل الاثنين المقبل، لكي تصبح مؤهلة للحصول على قروض الإنقاذ من صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي لإنقاذ قطاعها المصرفي المتعثر. لكن القادة السياسيين الذين أمضوا الأسبوع الماضي في محاولة البحث عن حل يواجهون نفاد صبر متزايد من جانب الاتحاد الأوروبي، وغضبا في ألمانيا، ورفض روسيا تقديم مساعدة فورية لبلادهم.

في الوقت نفسه، اصطف القبارصة في طوابير أمام ماكينات الصراف الآلي للحصول على أموالهم في ظل استمرار إغلاق البنوك منذ الاثنين الماضي، في حين يصعد المتظاهرون الغاضبون ضغوطهم على السياسيين القبارصة المجتمعين في البرلمان اليوم. وقد أشعلت الأزمة القبرصية المخاوف بشأن استقرار منطقة اليورو التي تضم 17 دولة منها قبرص. ويعتمد اقتصاد قبرص على القطاع المصرفي الضخم لديها الذي يقبل عليه المليارديرات الأجانب وبخاصة الروس كملاذ ضريبي آمن، حيث تواجه قبرص تهم تسهيل تبييض الأموال.

يأتي ذلك فيما صوت أعضاء البرلمان في قبرص، أمس الجمعة، على مجموعة من الإجراءات التي تهدف إلى الحصول على برنامج إنقاذ دولي بعدما انتهت المحادثات لتأمين مساعدة من موسكو بالفشل. وتسابق الحكومة الزمن من أجل وضع حزمة إنقاذ جديدة لإرضاء كل من البرلمان والدائنين المحتملين للبلاد بحلول الاثنين المقبل، وهو الموعد الذي تنتهي عنده المهلة التي حددها البنك المركزي الأوروبي لوقف تقديم أموال طارئة إلى البنوك القبرصية والسماح لها بالانهيار.

وتحتاج نيقوسيا إلى جمع 5.8 مليار يورو (7.5 مليار دولار) للتأهل للحصول على قرض إنقاذ بقيمة 10 مليارات يورو من البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي. ورفض برلمان البلاد بالفعل خيارا بفرض ضريبة غير متكررة بنسبة 10 في المائة على مدخرات المواطنين في وقت سابق من هذا الأسبوع. ومع إجراء نواب البرلمان محادثات في نيقوسيا، أعلنت روسيا انتهاء المفاوضات بشأن تقديم مساعدة مالية جديدة لقبرص. وذكرت وكالة أنباء «إنترفاكس» الروسية عن وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف قوله إن روسيا ليست مهتمة بالمقترحات التي حملها وزير المالية القبرصي ميخاليس ساريس الذي يزور موسكو.

وكانت نيقوسيا تأمل في الحصول على مساعدة من روسيا لأن نحو ثلث الودائع التي تقدر بنحو 70 مليار يورو، يعتقد أنها خاصة بعملاء روس. وتشمل مشروعات القوانين التي جرى بحثها أمس الجمعة إعادة هيكلة القطاع المصرفي للبلاد وإنشاء صندوق تكافل استثماري وتقييد المعاملات المصرفية لمنع اندفاع المودعين لسحب أموالهم عندما تفتح المصارف أبوابها. ويضم صندوق التكافل عائدات من الاكتشافات الجديدة البحرية لاحتياطيات الغاز الطبيعي وصناديق التقاعد والسندات والأوراق المالية.

وقرر القادة السياسيون، أول من أمس الخميس، إعادة هيكلة ثاني أكبر البنوك القبرصية وهو مصرف «لايكي» أو البنك الشعبي لجمع ما يقدر بنحو ملياري يورو من إجمالي مبلغ 5.8 مليار يورو تحتاجها قبرص. وسيتم تقسيم البنوك إلى بنك «جيد» سيتولى الاستحواذ على الاستثمارات القوية والجيدة، وبنك «سيئ» يقتصر على الأصول المعدومة والسيئة الأداء.

بينما قال وزير المالية اليوناني يانيس ستورناراس، أمس، إن بلاده بدأت الاستحواذ على كل البنوك القبرصية في اليونان. وقال ستورناراس في بيان مكتوب إن «العملية تم إطلاقها من أجل الاستحواذ على البنوك القبرصية في اليونان من جانب مجموعة مصرفية يونانية بالتعاون عن كثب مع البنك المركزي القبرصي».

وأضاف أن «الحكومة تعتزم تسوية قضية استيعاب الفروع القبرصية بحيث تستطيع فتح أبوابها من جديد يوم الثلاثاء المقبل تحت اسم المالك الجديد الذي سيتحمل محافظ القروض والودائع لبنك قبرص والبنك الشعبي القبرصي وبنك اليونان».

وكان وزير المالية القبرصي عاد صفر اليدين من روسيا التي «لم تبد اهتماما» باقتراحات الاستثمار وتركت أمر تسوية الأزمة القبرصية للاتحاد الأوروبي الذي زار رئيس مفوضيته موسكو. وعلق إيفان تشاكاروف، الخبير الاقتصادي لدى «رينيسانس كابيتال»، على ذلك بالقول إن «الروس ردوا الكرة إلى الاتحاد الأوروبي». وأضاف «كنت اعتقد أن الروس سيمدون يدهم بالنظر إلى انكشافهم (عبر ودائعهم في قبرص)، لكنهم قرروا أن يتوخوا المزيد من الحذر، ربما لأنهم اعتقدوا أن قبرص لا تعرض عليهم ما يكفي من ضمانات، أو لأنهم لا يستطيعون المجازفة وحدهم بالـ5.8 مليار يورو التي لا تزال تحتاجها قبرص».