مفاوضات «اللحظة الأخيرة»لإنقاذ قبرص

مسؤولون: رضخت لضريبة 20% على الحسابات فوق 100 ألف يورو

قبرص تفتح جراح أزمة ديون اليورو مجددا بعد أن قاربت على الاندمال (أ.ف.ب)
TT

هل تنقذ مفاوضات «اللحظة الأخيرة» المتوقع الإعلان عن نتائجها خلال ساعات في بروكسل قبرص من الإفلاس. وأمام احتمالات أن يجري المودعون عمليات سحب واسعة لأموالهم، فرض البنك المركزي القبرصي قيدا على السحب النقدي من البنوك، على أن لا يتجاوز السحب 120 يورو (156 دولارا) في اليوم الواحد من أجهزة الصراف الآلي بجميع البنوك المحلية في الجزيرة، أمس (الأحد)، من أجل تجنب التزاحم على البنوك لاسترداد الودائع، حسبما قالت قناة «آر إي كيه» الرسمية.

وقد تم تقييد السحب من «بنك قبرص» أكبر بنوك الإقراض في قبرص إلى 120 يورو، بعدما كان 700 يورو في وقت سابق، بينما اقتصر السحب من بنك «لايكي»، ثاني أكبر مقرض في قبرص على 100 يورو يوميا.

والسؤال الذي يقلق المسؤولين القبارصة، ويقض مضجع منطقة اليورو التي فتحت جراح أزمة اليورو مجددا، هل يمكن أن ينقذ أي اتفاق بنوك قبرص من الإفلاس، وسط عدم الثقة ومخاوف المودعين على أموالهم، تحت كل الظروف.

وقبيل بدء محادثات قبرص مع «الترويكا»، قال مسؤول قبرصي كبير إن بلاده اتفقت مع الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي على فرض ضريبة قدرها 20 في المائة، على الودائع التي تزيد عن 100 ألف يورو (130 ألف دولار) في بنك قبرص أكبر بنوك البلاد، وأخرى نسبتها 4 في المائة على الودائع بالقيمة نفسها في البنوك الأخرى.

وتحدث وزير المالية، حسب ما نقلت «رويترز» عن «تقدم مهم» في المحادثات الصباحية في قبرص، في حين هتف متظاهرون خارج مبني الوزارة «استقل.. استقل». وقال مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الاقتصادية أولي رين إنه تم إحراز تقدم، وحذّر من أوقات عصيبة في المستقبل.

وقال في بيان: «للأسف، فإن أحداث الأيام الماضية أدت إلى وضع لم يعد متاحا فيه أي حلول مثالية. واليوم لا يوجد سوى خيارات صعبة». ولا تزال محادثات «اللحظة الأخيرة» جارية في بروكسل بين قبرص و«الترويكا» المكونة من المفوضية الأوروبية والمركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، التي ترمي إنقاذ الجزيرة الصغيرة من انهيار مالي، بعد أن أصبحت حزمة الإنقاذ المقترحة من الاتحاد الأوروبي وعضوية الجزيرة في منطقة العملة الموحدة في مهب الريح.

وأبرز المفوض الاقتصادي للاتحاد الأوروبي خطورة الوضع في قبرص، قائلا إنه «لا يوجد سوي الخيارات الصعبة» أمام أحدث ضحية لأزمة منطقة اليورو. وقالت الحكومة القبرصية في بيان: «المفاوضات في مرحلة دقيقة للغاية.. الوضع صعب جدا، والوقت ضيق». وتتناقض لهجة البيان مع ما أبدته الحكومة من تفاؤل، حذر في وقت سابق، خلال مفاوضات مكثفة، جرت على مدار أيام بين كبار المسؤولين في الجزيرة ومسؤولين من الجهات الثلاث المقرضة.

وأضير القطاع المصرفي في قبرص جراء انكشافه على اليونان، التي عانت من أزمة مالية، وطلب الاتحاد الأوروبي من الجزيرة جمع 5.8 مليار يورو ذاتيا كي تحصل على حزمة إنقاذ بـ10 مليارات دولار.

ومن دون اتفاق اليوم، سيوقف البنك المركزي الأوروبي التمويل الطارئ للبنوك القبرصية، مما يفضي لانهيارها حتما وخروج البلاد من منطقة اليورو.

إلى ذلك، أشار رئيس جهاز الاستخبارات الألمانية (بي إن دي) جيرهارد شيندلر إلى ارتفاع حجم الأموال السوداء الروسية الناجمة عن أنشطة غير مشروعة والمتدفقة إلى مصارف قبرص. وذلك حسب وكالة الأنباء الألمانية.

وذكرت صحيفة «هاندلسبلات» الألمانية الصادرة اليوم (الاثنين) أن شيندلر تحدث خلال جلسة سرية مع اللجنة الاقتصادية التابعة للبرلمان الألماني (بوندستاج) عن وجود «عوامل منهجية» وراء ارتفاع حجم الأموال السوداء» أو «الأموال القذرة» المقبلة من روسيا إلى قبرص. وأضاف شيندلر أنه ينبغي التفكير في هذه العوامل التي أدت إلى أن يصبح 40 في المائة من صافي التدفقات المالية الروسية إلى قبرص لها علاقة بالأموال السوداء وغسل الأموال.

وذكر شيندلر أن حجم الأموال التي خرجت من روسيا في عام 2012 وصلت إلى ما يعادل نحو 40 مليار دولار، منها جزء كبير تدفق إلى قبرص يصل إلى نحو 26 مليار دولار، وفقا لمعلومات جهاز الاستخبارات الألمانية. وأشار شيندلر إلى أن هذا المبلغ أكبر من إجمالي الناتج المحلي للجزيرة المتوسطية، مضيفا أنه ليس كل هذا المبلغ أموالا سوداء، ولكن هناك نسبة مئوية منها محسوبة على الأموال السوداء.

واختتم شيندلر حديثه قائلا إن أموالا بقيمة 13.6 مليار دولار عادت في عام 2011 من قبرص إلى روسيا «الأمر الذي يجعل قبرص أكبر مستثمر أموال في روسيا على مستوى العالم».