مخاوف في البورصة المصرية بعد فرض ضريبة على صفقة «سوستيه جنرال»

فقدت 794 مليون دولار وسط مبيعات مكثفة من الأجانب

جانب من البورصة المصرية (إ.ب.أ)
TT

فقدت البورصة المصرية أمس نحو 5.4 مليار جنيه (794 مليون دولار)، وسط مبيعات مكثفة من قبل الأجانب. جاء ذلك بعد الإعلان عن فرض ضرائب على المستثمرين والمؤسسات المالية الذين باعوا أسهمهم في البنك الأهلي سوستيه جنرال - مصر لبنك قطر الوطني. واتخذ الإجراء وفقا لقانون مجمد من المقرر أن تناقشه الجهات التشريعية في مصر خلال الأسبوع المقبل.

وقالت إدارة البورصة أمس إن إجمالي الكمية المعروضة للبيع استجابة لعرض شراء أسهم البنك الأهلي سوستيه جنرال المقدم من بنك قطر الوطني بلغ 432.183.782 سهم تمثل 97.45 في المائة من إجمالي الأسهم المطلوب شراؤها والتي تصل إلى 443.535.902 مليون سهم تمثل نسبة 100 في المائة من أسهم البنك الأهلي سوستيه جنرال.

وقال رئيس مصلحة الضرائب ممدوح عمر إن صفقة بيع حصة بنك سوستيه جنرال فرنسا في البنك الأهلي سوستيه جنرال إلى بنك قطر الوطني البالغة 77 في المائة لن تخضع للضرائب.

وأضاف رئيس المصلحة في بيان للبورصة المصرية أن المصلحة، بعد دراسة الاتفاقية المبرمة بين مصر وفرنسا لتجنب الازدواج الضريبي، وجدت أن الصفقة غير خاضعة للضرائب، أما بالنسبة لباقي أطراف الصفقة (المستثمرين الأفراد الذين قاموا ببيع أسهمهم في الصفقة) فنظرا لعدم وجود أي بيانات تفصيلية، وفي ضوء حالة الاستعجال لتسوية العملية، يتم خصم الضريبة وفقا لحكم المادة 56 مكرر، وتوريدها للمصلحة، على أن تتم التسوية مع مصلحة الضرائب في ضوء أي مستجدات.

وتقضي المادة 56 مكرر من القانون رقم 91 لسنة 2005 المضافة بالقانون رقم 101 لسنة 2012، بفرض ضريبة مقطوعة بسعر 10 في المائة دون خصم أي تكاليف على الأرباح الناتجة عن معاملات الأوراق المالية على التفصيل الوارد بهذه المادة، ومنها الاستحواذ الذي يجاوز 33 في المائة لأغراض الضريبة من رأس مال الشركة أو حقوق التصويت فيها.

وألزم المشرع الجهات القائمة بتسوية المركز الناتجة عن عملية الاستحواذ بخصم الضريبة وتوريدها للمصلحة خلال 15 يوما من بداية الشهر التالي للتسوية، دون الإخلال بالتزامات الممول بأداء الضريبة المستحقة وفقا لما تقرره اللائحة التنفيذية.

وسيتم احتساب ضريبة على 20.45 في المائة، وهم نسبة المالكين الأفراد والمؤسسات المالية الذين عرضوا أسهمهم للبيع، وسيتم احتساب الضريبة البالغة 10 في المائة على هامش الربح الناتج عن عملية البيع.

وقال رئيس مصلحة الضرائب في تصريحات له أمس إنه أصدر قرارا بتحصيل الضرائب، لأنه لم يصدر أي قرار رسمي بوقف العمل بقانون الضرائب الذي تم تجميده، مشيرا إلى أن هذا القانون ستتم مناقشته بمجلس الشورى الأسبوع المقبل.

وقال محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار إن الخطاب يعكس محاولة مصلحة الضرائب التحوط، خاصة أن القانون 101 لسنة 2012 الذي استندت إليه غير مفعل من الأساس، ولم تصدر له أي لائحة تنفيذية حتى الآن، ولا يوجد أساس واضح لطرق أو أساليب احتساب هذه الضرائب، كما أن المصلحة قد افترضت منذ البداية أن جميع حملة الأسهم هم مضاربون، على الرغم من أن بعضهم يحتفظ بالسهم منذ أعوام طويلة، بل إن صناديق الاستثمار التي تستثمر بالسهم منذ سنوات وصدر لها قوائم مالية عن هذه الفترات، قد تغير هيكل حملة وثائقها أكثر من مرة.

أضاف عادل أن الفقرة الثانية من المادة 56 مكرر من القانون 101 لسنة 2012 أخضعت الأرباح التي يحققها المقيمون وغير المقيمين من الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين وأي منشأة دائمة يمتلكها شخص غير مقيم، بـ10 في المائة على بيع الأسهم أو الحصص أو عمليات الشراء والمبادلة متى تجاوزت صفقة الاستحواذ 33 في المائة من رأس المال، ويرى أن المشرع المصري بهذا النص خالف اتفاقيات تجنب الازدواج الضريبي لأول مرة، حيث أخضع غير المقيمين للضريبة في مصر بالمخالفة لأحكام المادة 7 من الاتفاقيات التي تم إقرارها بين الدول المختلفة ومصر البالغة 57 اتفاقية، وهو ما حاولت المصلحة تجنبه بإقرار عدم خضوع حصة الجانب الفرنسي للضريبة.

وأكد عادل أن المادة 50 من القانون 91 لعام 2005 التي لم تلغ في القانون الجديد، تعفي الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين من الضريبة على ناتج التعامل الذي تحصل عليه عن استثماراتها في بورصة الأوراق المالية المصرية، وبالتالي نكون أمام معاملة واحدة، وهي أرباح البورصة للأشخاص الطبيعيين والاعتبارين، إلا أنها مرة تعفي بموجب المادة 50 من قانون الضرائب، ومرة تخضع للضريبة بموجب المادة الجديدة رقم 56 مكرر من القانون 101 لسنة 2012 غير المفعل.

أكد عادل أن جمعيات سوق المال أكدت أكثر من مرة في اجتماعها مع ممثلي وزارة المالية أن المادة 56 مكرر في مجملها مادة تعمل ضد سياسة جذب أي استثمارات أو خلق كيانات كبيرة، بينما سياسة الدولة يجب أن تسير في اتجاه تشجيع الكيانات الكبيرة التي لها تأثير قوي وواضح في التنمية الاقتصادية، بينما المادة تطيح بهذه المبادئ وتؤدي لإقصاء الكيانات الكبيرة من الاستحواذ على المشروعات لخلق تكتلات اقتصادية كبيرة، مما لا يجعل مصر بلدا جاذبا للشركات المتعددة الجنسيات.

وأضاف نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار أن المبدأ الأساسي الذي نرى ضرورة الالتزام به هو عدم خضوع التعاملات في البورصة للضرائب، أسوة بما هو متبع في جميع الأسواق الناشئة المنافسة لمصر في اجتذاب المستثمرين، كما أن الضرائب المستحقة على التغير في تركيبة المساهمين أو شكل ملكية الشركات يجب أن تقتصر على الحالات التي ينتج عنها تدفقات نقدية تمثل أرباحا لأحد الأطراف، أما العمليات التي لا ينتج عنها تدفقات نقدية حقيقية، وليست مفترضة، فلا تخضع للضرائب، مشيرا إلى أنه كان من الضروري أن تتم الإشارة إلى تطبيق هذا القانون في نشرة عرض الشراء للسهم أو على الأقل الإعلان من جانب مصلحة الضرائب في وقت مبكر عن هذه الخطوات حتى يتاح لكل مستثمر فرصة اتخاذ القرار الاستثماري في ضوء هذه المتغيرات الجديدة، فتأخر إصدار هذا الخطاب قد تسبب في إثارة مخاوف المستثمرين وإصابة البورصة بمزيد من الارتباك.