بعد قبرص.. مخاوف بشأن حاجة سلوفينيا لخطة إنقاذ

رئيس قبرص: تم احتواء الخطر ولا نية للخروج من منطقة اليورو

مخاوف من مفعول الدومينو في منطقة اليورو مرة أخرى.. وانتقال أزمة قبرص إلى سلوفينيا
TT

قد تكون قبرص «حالة فريدة» في نظر المسؤولين الأوروبيين، لكن طريقة إدارتهم لعملية إنقاذ الجزيرة تؤثر سلبا على دولة صغيرة أخرى في منطقة اليورو لديها أعباء ثقيلة في قطاعها المصرفي، هي سلوفينيا.

وارتفعت العوائد على سندات سلوفينيا لأجل عامين إلى نحو 7 في المائة أول من أمس الخميس، في علامة على أن المستثمرين يرون مخاطر كبيرة للتخلف عن السداد.

وأصدرت سلوفينيا أول سندات لها في 19 شهرا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وقال رئيس الوزراء السابق يانيز يانسا إنه يتعين أن تبيع الحكومة سندات أخرى بحلول السادس من يونيو (حزيران) حين يحل موعد استحقاق أذون خزانة لأجل 18 شهرا بقيمة 907 ملايين يورو حتى تفي بالتزاماتها المالية.

وبحسب «رويترز» أصبحت هذه الخطوة أكثر صعوبة، وصار اللجوء إلى مساعدة خارجية متوقعا بسبب تداعيات أزمة قبرص التي توصلت إلى اتفاق إنقاذ هذا الأسبوع على حساب كبار المودعين في البنوك.

وقال تيم اش رئيس قسم أبحاث الأسواق الناشئة في بنك ستاندرد: «سلوفينيا مقبلة على وضع حرج. ما زال أمامها فترة من الوقت قبل يونيو، وعليهم أن يفعلوا شيئا».

وتابع: «أصبح من المتوقع أن يضطروا إلى بدء محادثات... مع ثلاثي المقرضين الدوليين» في إشارة إلى صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي.

وتحجم الحكومة الجديدة حتى الآن عن قول أي شيء عن خطط الاقتراض، لكن من المتوقع أن تلجأ إلى الأسواق في الأشهر المقبلة لسداد ديون تقدر بنحو ملياري يورو يحين موعد استحقاقها منتصف العام.

وفي نيقوسيا قال رئيس قبرص أمس إن بلاده لا تنوي الخروج من منطقة اليورو، وطمأن القبارصة إلى أنه قد تم «احتواء» الخطر في أعقاب اتفاق إنقاذ مع الاتحاد الأوروبي بشروط قاسية.

وجاءت كلمة الرئيس نيكوس اناستاسيادس بعد أن أعادت البنوك القبرصية فتح أبوابها أول من أمس الخميس بعد إغلاق استمر نحو أسبوعين، لمنع التهافت على سحب الودائع بعد أن أصبحت الجزيرة الواقعة في شرق البحر المتوسط على شفا الإفلاس.

وقال اناستاسيادس في مؤتمر في نيقوسيا: «لا نية لدينا للخروج من اليورو.. لن نغامر أبدا بمستقبل بلدنا».

وانتقد اناستاسيادس، الذي لم يكد يكمل شهرا في منصبه، شركاء قبرص في منطقة اليورو التي تضم 17 دولة، متهما إياهم «بتقديم مطالب غير مسبوقة أجبرت قبرص على أن تكون تجربة».

وللمرة الأولى منذ تفجر أزمة الديون في أوروبا أجبر المودعون على تحمل جزء من تكلفة خطة الإنقاذ التي تهدف لمساعدة قبرص على سداد ديونها والبقاء في منطقة اليورو.

وقال اناستاسيادس: «تفادينا خطر الإفلاس... الموقف رغم كل مآسيه تم احتواؤه».

وذكر الرئيس القبرصي أن القيود التي فرضتها الجزيرة على التعاملات المصرفية - والتي لم يسبق لها مثيل في منطقة اليورو منذ بدء تداول العملة الموحدة عام 2002 - ستلغى تدريجيا، لكنه لم يحدد إطارا زمنيا.

وتمكن اناستاسيادس من إبرام اتفاق الإنقاذ في اللحظات الأخيرة في بروكسل قبل 5 أيام، لكنه قوبل بردود فعل غاضبة من القبارصة بسبب ثمن هذا الاتفاق، وهو إغلاق البنك الشعبي القبرصي، ثاني أكبر بنوك الجزيرة، الذي يعرف أيضا باسم «لايكي»، والسيطرة على الودائع التي تزيد على 100 ألف يورو.

ويصر الزعماء الأوروبيون على أن السيطرة على الودائع الكبيرة في قبرص هي إجراء لن يتكرر في إدارتهم لأزمة الديون. لكن صانعي السياسة المالية منقسمون، وقد تكدرت الأجواء بعد يوم من توقيع الاتفاق حين قال جيروين ديسيلبلوم رئيس مجموعة وزراء مالية منطقة اليورو إن هذه الخطة ستكون نموذجا لحل الأزمات في المستقبل.. وتراجع ديسيلبلوم عن هذه التصريحات بعد أن دفعت الأسواق للهبوط.

لكن كلاس نوت عضو مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي قال إن هذا التقدير لم يجانبه الصواب.

ونقلت صحيفة «هيت فاينانسيل داجبلاد» الهولندية أمس عن نوت قوله في إشارة إلى ديسيلبلوم: «فحوى تصريحاته هو المنهج المطروح في أوروبا منذ فترة طويلة».

وفي واشنطن اعتبر معهد المالية الدولي الذي يمثل أكبر المصارف في العالم، الخميس أن هناك «احتمالا حقيقيا» لرؤية قبرص تخرج من منطقة اليورو بعد خطة إنقاذها المثيرة للجدل.

وقال كبير الخبراء الاقتصاديين في المعهد فيليب سوتلي: «إنها أول حالة يمكن أن نرى فيها شكلا من الخروج (من منطقة اليورو) كاحتمال حقيقي»، مضيفا أن ذلك سيكون «أسهل تماما» بالنسبة لدولة صغيرة مثل جمهورية قبرص.

وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، أوضح في مؤتمر صحافي أن «قبرص بصدد المعاناة من كل الضربات المرتبطة باليورو دون الحصول على أي فوائد».

، مشيرا إلى خفض قيمة الودائع البنكية والركود الاقتصادي المتوقع في البلد الذي ضرب قطاعه المصرفي البالغ الأهمية في اقتصاده.

وقبلت جمهورية قبرص تحت ضغط ترويكا دائنيها (صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي والاتحاد الأوروبي) إعلان إفلاس بنك لايكي، ثاني أكبر مصارف البلاد، إضافة إلى اقتطاعات من كبار المودعين في مصرف قبرص الأكبر في الجزيرة، مقابل حصولها على قرض بقيمة 10 مليارات يورو.

وأوضح سوتلي أن «المخرج الوحيد (للبلاد) هو تخفيض العملة»، وهو أمر مستحيل في ظل اعتماد قبرص العملة الأوروبية الموحدة، معتبرا أن خروج قبرص من منطقة اليورو لن تكون له، بـ«الضرورة»، انعكاسات في باقي أوروبا.

وعبر المعهد من جهة أخرى عن قلقه لآثار خطة الإنقاذ القبرصية على بنوك أوروبية أخرى تعاني صعوبات.

وأضاف سوتلي: «بات من شبه المؤكد أن هذا الأمر سيضاعف تكلفة التمويل (..) للبنوك الضعيفة أو التي ينظر إليها على أنها ضعيفة»، خصوصا في إسبانيا والبرتغال وإيطاليا.

وتابع: «هذا سيفاقم بشكل ما التحديات التي ستواجهها هذه البلدان».

ومعهد المالية الدولي، ومقره واشنطن، يمثل مصالح أكثر من 470 مؤسسة مالية في العالم.