شريك في بنك «لومبارد أودييه» السويسري الخاص: العرب يقبلون على مخاطر أكثر من الروس

أرنو لوكلير أكد لـ «الشرق الأوسط» أنهم يفضلون التعامل بالدولار.. ويميلون إلى الاستثمار قصير المدى

TT

بينما يقول أرنو لوكلير، الشريك في بنك «لومبارد أودييه» والمسؤول عن قسم الأسواق الجديدة، إن البنك يوفر «مستوى عاليا من السرية المصرفية لعملائه»، فإنه اعترف بأن البنك يلتزم بالقوانين والأنظمة السويسرية فيما يتعلق بمصادر الثروات. وفي هذا فإن هناك سابقة لرفع السلطات السويسرية نطاق السرية في عام 2010، وتسليم أسماء أكثر من 4 آلاف عميل لدى بنك «يو بي إس» إلى السلطات الأميركية لمحاسبتهم ضريبيا، مقابل عدم مقاضاة البنك. وهنا يجب أن يأخذ العملاء مسألة السرية المصرفية في إطار القانون السويسري المنظم لها.

ويتواصل بنك «أودييه» مع منطقة الخليج عبر مكتب تمثيلي في دبي، وهو يعتبرها منطقة استراتيجية لنشاطاته، خصوصا في السعودية والإمارات، ويعود تاريخه فيها إلى نصف قرن. وهو يعتقد أن العرب يفضلون التعامل بالدولار، ويقبلون على مخاطر أكثر من الروس، ويميلون إلى الاستثمارات قصيرة المدى. وهو ينفي أن يكون البنك ملتزما بحد أدنى لإدارة الثروات. وفيما يلي نص الحوار:

* ما الأهمية الاستراتيجية لمنطقة دول مجلس التعاون الخليجي بالنسبة إلى «لومبارد أودييه»، وما السوق التي يعتبرها الأكثر أهمية؟

- تمثل دول مجلس التعاون الخليجي منطقة ذات أهمية استراتيجية كبرى بالنسبة إلى بنك «لومبارد أودييه»، وهكذا كانت دائما على مدى أكثر من 50 عاما. لقد أقمنا علاقات طويلة الأمد مع عملائنا في المنطقة، وحرصنا دائما على ترسيخها، مما أدى إلى توسع النمو الذي شهده «لومبارد أودييه» عبر منطقة الخليج خلال السنوات الـ4 الماضية. ويولي «لومبارد أودييه» أهمية كبيرة لجميع أسواق المنطقة، لكن من الواضح وجود مناطق أكثر ثراء من غيرها، مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، توفر فرصا أكبر لمشاركة خبراتنا وتجاربنا. لكن الأمر يعود في نهاية المطاف إلى الأشخاص والعائلات أنفسهم، وليس البلدان التي ينتمون إليها.

* ما مستوى السرية والخصوصية التي يوفرها «لومبارد أودييه» لعملائه في المنطقة؟

- يوفر «لومبارد أودييه» مستوى عاليا من السرية والخصوصية لعملائه. لقد اخترنا أن نكون مكتبا تمثيليا، وهذا يعني أننا نتمتع، في إطار الترخيص المصرفي الذي حصلنا عليه، بقدر أكبر من المرونة في إدارة علاقات العملاء. البنوك الأخرى الحاصلة على فئة مختلفة من الرخص المصرفية قد يكون لديها بعض القيود في هذا الصدد. وهذا عنصر قد يغيب عن بال كثير من العملاء أخذه في الاعتبار، أو يساء فهمه، لأنهم لا يدركون هذه الحقائق التفصيلية.

* ما الذي يميز «لومبارد أودييه» عن غيره من البنوك الخاصة في سويسرا وغيرها من البلدان؟

- أبرز الخصائص المميزة لـ«لومبارد أودييه» مقارنة بالبنوك الخاصة الأخرى تتجلى على صعيدين؛ البنية والفلسفة. يمتاز «لومبارد أودييه» على صعيد البنية بكونه مصرفا خاصا مملوكا بالكامل لمجموعة من الشركاء هم مالكو البنك ومديروه في الوقت ذاته. وهذا أحد العوامل التي تميزنا عن البنوك الخاصة الأخرى، والتي قد لا تكون في حقيقة الأمر بنوكا خاصة، إنما بنوك تقدم خدمات مصرفية خاصة. فهي ليست بنوكا خاصة، لأنها جزء من مؤسسات أكبر ذات أسهم مدرجة ولا تنتمي إلى الشركاء.

على صعيد الفلسفة، يحرص «لومبارد أودييه» على أن يكون جميع أعضائه، من الشركاء وحتى الموظفين الإداريين، ممن يركزون اهتمامهم على العميل، وعلى أن لا يتفرد أحد أبدا بالإدارة، على غرار ما نشهد في مؤسسات أخرى. ونحن ندرك أن ذلك يجعل كل عضو في «لومبارد أودييه» في انسجام تام مع متطلبات العميل واحتياجاته واهتماماته. وهذا بدوره يعزز انسجامنا الوثيق مع أسواقنا، مما يمنحنا ميزة إضافية مهمة.

* إذا أراد أحد الأثرياء تكليف «لومبارد أودييه» بإدارة ثروته، فما الحد الأدنى المطلوب منه؟

- ليس لدينا حد أدنى بالمطلق للثروات التي نديرها للعملاء. قد يقصدنا شخص فائق الثراء يريد العمل معنا بمبلغ محدود كبداية، لذلك لا نضع حدودا دنيا لمعرفتنا أنه يتمتع بملاءة أكبر بكثير، وقد يرغب مع الوقت بتكليف «لومبارد أودييه» بإدارة المزيد منها. نحن ننظر إلى ملاءة الشخص وإمكاناته وآفاق الشراكة معه. لكننا نحاول على أي حال تجنب إدارة المبالغ الصغيرة، لأن ذلك يعيق تنويع الاستثمارات ودقتها. بعض الاستثمارات تبدأ من بضعة ملايين، في حين تتطلب محافظ استثمارية معينة أخرى بداية أكثر من ذلك بكثير، وليس في الأمر ترفع أو تعالٍ، إنما بسبب هيكلية الاستثمار ذاته، فقد يستحيل القيام به برأسمال أقل. وهناك أيضا مسائل الموارد وتوزيع الأصول وغيرها من الاعتبارات. ليس لدينا من الناحية النظرية حد أدنى للاستثمار، لكن عندما نبحث في استثمارات محددة فقد يتطلب الأمر حدودا دنيا لتحقيق أهداف العميل.

* ما حكم القانون السويسري بشأن مطالبة بعض البلدان باستعادة أموال سياسيين سابقين، كما في حالة بلدان الربيع العربي مثلا؟

- موقفنا كمصرف سويسري خاص هو ضمان التزامنا الصارم بالقوانين والأنظمة السويسرية فيما يتعلق بمصادر الثروات التي نديرها..

* هل يتعاون «لومبارد أودييه» مع بنوك أخرى في المنطقة لتقديم منتجات مشتركة أو لتوسيع شبكته من الخدمات؟

- أجل، نقوم باستكشاف آفاق التعاون مع بعض البنوك في المنطقة. وقد لاقت الفكرة أصداء إيجابية للغاية، ونحن حريصون على تنفيذها، لكننا سنختار في العموم شريكا واحدا فقط في كل من بلدان مجلس التعاون الخليجي للعمل معه.

* بالإضافة إلى إدارة الثروات، ما الخدمات الأخرى التي يقدمها «لومبارد أودييه» لعملائه؟

- إدارة الثروات هي اختصاصنا وجوهر عملنا الأساسي، لكننا نختص أيضا بتخطيط وتنظيم الثروات، وهو جانب مهم من أعمال «لومبارد أودييه»، حيث نقدم لعملائنا المشورة القانونية فيما يخص هيكلة الثروات العائلية ووضع خطط التوريث والخلافة المستقبلية. تكتسب خطط توريث الثروات أهمية قصوى في دول مجلس التعاون الخليجي. حيث يسود نمط الشركات العائلية في هذه المنطقة، وكثير منها يفتقد الهيكلية المناسبة التي تضمن توريث الثروات على النحو المرغوب. وكثيرا ما نصادف رجل أعمال ناجحا للغاية في أعماله، لكنه أهمل وضع خطط مستقبلية لما بعد وفاته، مما قد يؤدي إلى نشوب خلافات بين ورثته، بل وحتى مشكلات داخل شركاته ذاتها في بعض الأحيان. هنا يأتي دور «لومبارد أودييه»، الشركة العائلية المتوارثة على مدى 7 أجيال، لتقدم موارد غنية لا تضاهى من الخبرة والدراية في مناقشة وتنظيم مسائل التوريث. فالشركات متعددة الجنسيات غير مؤهلة لبحث خطط التوريث، ونحن لدينا كل الخبرات والتجارب اللازمة للمساعدة في دراسة وتخطيط وهيكلة مسائل توريث الثروات العائلية لعملائنا في المنطقة. ومن الخدمات الأخرى التي يقدمها «لومبارد أودييه» لعملائه معالجة الإشكاليات المتعلقة بالأبناء ذوي الجنسية المزدوجة، وهي ظاهرة متزايدة في المنطقة، حيث يغيب عن بال الكثيرين تدارك تبعات هذا الوضع فيما يتعلق بخطط التوريث والضرائب وغيرها. ويستطيع «لومبارد أودييه» تقديم المساعدة في هذا المجال، من خلال إيضاح مختلف جوانب المسألة للعملاء وتزويدهم باستشارات ونصائح حول أفضل السبل لمعالجة مثل هذه الحالات.

* منذ متى يعمل البنك في المنطقة (قبل افتتاح «مكتب دبي»)، وما الحجم التقريبي لأعماله في المنطقة؟

- يتمتع «لومبارد أودييه» بتاريخ طويل من العمل في منطقة الخليج يعود إلى أكثر من نصف قرن. ويقدر الحجم التقريبي لأعماله في دول مجلس التعاون الخليجي بنحو 15 في المائة من إجمالي الأصول التي يديرها. وفي الوقت الذي شهدت فيه المنطقة إقدام عدد من البنوك الخاصة على إنهاء أو تقليص حجم أعمالها، فعلنا نحن العكس تماما. حيث قمنا بتوسيع وتعزيز مكتبنا في دولة الإمارات من أجل رفع خدماتنا المقدمة لعملائنا في سائر أنحاء المنطقة.

* هل هناك خصائص تميز المستثمرين العرب عن غيرهم من المستثمرين (مثل التعامل مع المخاطر أو تحاشي الفوائد الربوية وما إلى ذلك)؟

- من المعروف أن المستثمرين العرب أكثر تركيزا على الدولار الأميركي، في حين تميل مناطق أخرى إلى التركيز أكثر على اليورو أو على مزيج من العملات. وخلافا للقناعات السائدة، فإن المستثمرين العرب ليسوا متحفظين جدا فيما يتعلق باستثماراتهم بالمقارنة مع عملائنا الروس الذين يبدون أكثر تحفظا. وعلى الرغم من الاختلاف والتمايز الطبيعي بين العائلات أو الأشخاص في المنطقة، فإن المستثمرين العرب يتمتعون بصفة عامة بذهنية منفتحة تستوعب جيدا أبعاد المخاطر الاستثمارية، ما دمنا نقدم لهم التفسير المقنع والحماية المناسبة. وغالبا ما نلاحظ ميل المستثمرين العرب إلى الاستثمارات قصيرة الأجل. وهم يعتبرون الاستثمار لآجال من سنة إلى 3 سنوات استثمارا طويل الأجل، في حين يعتبر ذلك في أوروبا استثمارا قصير الأجل. ويفضل المستثمرون العرب العائدات السريعة، ويطالبون برؤية أوضح. ولا يبدي المستثمرون في المنطقة نفورا زائدا من الفوائد الربوية، لكنهم يفضلون الاستثمارات التي تراعي القيم والمبادئ الإسلامية. وأعني بذلك أننا حين نستثمر في الأسهم، فإننا نتجنب أسهم الشركات ذات العلاقة بتجارة الكحول أو الأسلحة، وما إلى ذلك.

* ما القيم التي يتمسك بها «لومبارد أودييه» وساهمت في نجاحه على مدى القرنين الماضيين؟

- يعزى النجاح الذي حققه «لومبارد أودييه» على مدى القرنين الماضيين إلى 3 قيم؛ المحافظة والنمو والميراث. عملاؤنا رجال أعمال وعائلات ثرية وأصحاب ثروات قديمة ومحدثة، وتزداد فرص نجاحهم أكثر حين يستثمرون أموالهم في بلدانهم وأعمالهم الخاصة. ومهمتنا الأولى حماية أصولهم والحفاظ عليها. ويكون ذلك من خلال تقديم خبراتنا في مجال الهياكل القانونية والتخطيط المالي. مهمتنا تقديم الأداء الأفضل لعملائنا من أجل تحقيق نمو مزدهر. ومن الأمثلة البارزة على هذه النجاحات التي تحققت خلال العامين الماضيين «محفظة استثمارات الدخل الثابت» المخصصة للنخبة من كبار الأثرياء، حيث حققت هذه المحفظة في العام الماضي أرباحا بنسبة تزيد 9.5 في المائة، على الرغم من أنها كانت استثمارا متحفظا للغاية مع هامش تقلبات منخفض. وهي مثال عن نهجنا المستدام، حيث حققت هذه المحفظة أرباحا تزيد في المتوسط عن 7.5 في المائة سنويا على مدى السنوات الـ12 الماضية.

يولي «لومبارد أودييه» أهمية كبرى لمسألة نقل الثروة من جيل إلى آخر. إنه أمر مهم بالنسبة لنا ولعملائنا. في الأسبوع الماضي، قضيت نصف يوم مع عميل وأبنائه نناقش أهمية مسألة انتقال الثروة. شرحت للأبناء خطط والدهم ورؤيته لثروتهم المستقبلية. وهذا يشمل سبل حماية الثروة في حياة رب الأسرة، وبعد وفاته، وسبل حماية ثروة الأبناء المستقبلية، والحفاظ عليها وتنميتها للأجيال التالية. وهذا مجرد مثال عن الاجتماعات الثنائية المباشرة التي نعقدها مع العملاء بحضور محامين، بهدف التفكير فيما ينبغي القيام به لحفظ وتنمية الثروة وتوريثها من جيل إلى آخر.