أوساط الأعمال المغربية والفرنسية تأمل أن يمتص «التوطين المشترك» آثار الأزمة المالية

ملفات اقتصادية مهمة يبحثها الجانبان خلال زيارة الرئيس الفرنسي للمغرب

TT

تعلق أوساط الاقتصاد والأعمال في المغرب وفرنسا آمالا كبيرة على زيارة فرنسوا هولاند اليوم (الأربعاء)، من أجل وضع خطط مشتركة لمواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية في البلاد. وتترقب هذه الأوساط إعلان سياسات جديدة لدعم العلاقات الاقتصادية التقليدية بين البلدين والتي بدأت تعاني جراء الأزمة الاقتصادية الدولية، ويترقبون خاصة الإجراءات التطبيقية لسياسة «التوطين المشترك» التي طرحتها الحكومة الفرنسية الجديدة باعتبارها من سبل التعاون في مواجهة الأزمة وتعزيز العلاقات الثنائية.

وينظر الفرنسيون بقلق إلى تراجع مرتبتهم في المعاملات التجارية الدولية للمغرب لأول مرة إلى المرتبة الثانية خلال العام الماضي، على الرغم من أن حجم التجارة البينية بلغ نحو 11 مليار دولار. ولأول مرة تتفوق إسبانيا على فرنسا إسبانيا بعد أن كانت تأتي في المرتبة الثانية بعيدا خلف فرنسا.

وتبدي الرباط قلقا بشأن أوضاع الجالية المغربية في فرنسا بسبب الأزمة الاقتصادية. وتعتبر هذه الجالية مصدر 41 في المائة من التحويلات المالية للمغاربة المهاجرين عبر العالم، ويعول عليها المغرب لموازنة الأداءات الخارجية وتدعيم احتياطاته من العملات الأجنبية.

يشار إلى أن السنة الماضية كانت سنة صعبة في فرنسا، إذ لأول مرة خلال ثلاثين سنة انخفضت القدرة الشرائية للفرنسيين، وكانت سنة ركود اقتصادي. وطبقا للإحصائيات الرسمية عرفت فرنسا كذلك انخفاضا في حجم الاستهلاك خلال الشهرين الأولين من العام الحالي، وهو ما يعتبر مؤشرا سيئا بالنسبة للنمو الاقتصادي خلال العام الحالي، وخصوصا أن الاستهلاك يشكل الرافعة الأساسية لنمو الاقتصاد الفرنسي. وتتابع السلطات المغربية هذه المؤشرات بقلق شديد، فتراجع القدرة الشرائية يعني تراجع تحويلات المغاربة المهاجرين، أما تراجع الاستهلاك في السوق الفرنسية فيعني تراجع الطلب على السلع المغربية في هذه السوق، وفي كلتا الحالتين يعني للمغرب ذلك تراجع مصدرين أساسيين للعملة الصعبة في وقت تقلص فيه حجم احتياطاته منها إلى أربعة أشهر من الواردات. كما يبدي المغاربة أيضا قلقا إلى ارتفاع أصوات سياسية في فرنسا تعارض ترحيل الأنشطة الصناعية ولاستثمارات من فرنسا إلى المغرب، معتبرة ذلك «تهريبا» لفرص العمل إلى خارج فرنسا.

من أبرز السياسات الجديدة في مجال التعاون بين البلدين، والتي يرتقب أن تحظى بالأولوية خلال زيارة الرئيس الفرنسي، سياسة «التوطين المشترك»، والتي تهدف إلى نسج شراكات أعمال واستثمارات مشتركة في كلا البلدين على أساس الميزات التفضيلية لكل بلد، واتخاذها كقواعد لغزو الأسواق العالمية، خاصة الأسواق الأفريقية وأسواق الدول والمناطق التي يرتبط معها المغرب باتفاقيات التجارة الحرة. وكانت هذه الصيغة الجديدة قد طرحت بعد تولي فرنسوا هولاند رئاسة فرنسا في مايو (أيار) من العام الماضي. ويهدف مفهوم «التوطين المشترك» إلى الرد على المعارضة السياسية التي تصادفها سياسة إعادة توطين بعض أنشطة الشركات الفرنسية واستثماراتها في المغرب، والسعي لإبراز وجود منفعة متبادلة بين البلدين. ويمكن للشركات الفرنسية الاستفادة من الميزات التي يوفرها المغرب للرفع من تنافسيتها، وبالتالي قدرتها على التوسع والاستثمار داخل فرنسا نفسها.

وتعتبر فرنسا أول مستثمر في المغرب، ويملك الفرنسيون حصة 51 في المائة من محفظة الاستثمارات الخارجية في المغرب. ومن بين أربعين شركة يتكون منها مؤشر «كاك 40» لبورصة باريس هناك 36 شركة لها فروع في المغرب. وتقدر عدد الشركات الفرنسية في المغرب بنحو 7500 شركة، يعمل بها زهاء 12 ألف شخص. كما تتولى أطر فرنسية إدارة الكثير من الشركات المغربية.

ومن بين القضايا التي يرتقب أيضا أن يتم بحثها خلال زيارة الرئيس الفرنسي، مشكلات الحصول على التأشيرة بالنسبة للمغاربة. وكان السفير الفرنسي في الرباط، شارل فريز، قال في وقت سابق في الدار البيضاء وقبل زيارة الرئيس الفرنسي، إن فرنسا ستتخذ إجراءات جديدة لتسهيل التأشيرة بالنسبة للمغاربة، خاصة من خلال منح تأشيرات طويلة الأمد لرجال الأعمال الذين يسافرون عدة مرات في السنة إلى فرنسا. وأضاف فريز أن فرنسا تتجه إلى نزع الهاجس الأمني وهاجس مكافحة الإرهاب عن إجراءات منح التأشيرة، مشيرا إلى أن لهذه الهواجس مصالح متخصصة في معالجتها وتتبعها.