السعودية: السودان مناسب لاستثماراتنا الزراعية لكننا نطالبه بمزيد من الشفافية والوضوح

ملتقى البلدين في الرياض أمس كشف النقاب عن إنشاء شركتين برأسمال 130 مليون دولار

TT

في الوقت الذي أعلنت فيه السعودية، أمس، عن دخولها في استثمارات زراعية جديدة في الأراضي السودانية، بحثا عن سد الفجوة الغذائية الحالية التي تعاني منها البلاد، دعت عبر مسؤول حكومي رفيع المستوى في البلاد الحكومة السودانية، إلى ضرورة رفع مستوى الشفافية والوضوح وتوفير البيئة الاستثمارية المناسبة أمام رجال الأعمال السعوديين.

وفي هذا الإطار، أطلق الملتقى السعودي السوداني الأول بالرياض، أمس، مبادرتين لإنشاء شركتين برأسمال 130 مليون دولار، لتكون الأولى شركة قابضة برأسمال 100 مليون دولار معنية باستكشاف الفرص الاستثمارية في السودان والترويج لها، والأخرى برأسمال 30 مليون دولار متخصصة في إنتاج الدواجن.

وكشف الملتقى النقاب عن بلوغ الاستثمارات السعودية في السودان 11.4 مليار دولار خلال الفترة من 2000 إلى 2011، وذلك من أصل 28 مليار دولار استقطبها السودان في الفترة ذاتها استثمرت جميعها في 590 مشروعا سعوديا في مختلف القطاعات الصناعية والتعدينية والزراعية لتحتل بذلك المملكة المرتبة الثانية عربيا المصدرة للاستثمارات في السودان.

وفي هذا الجانب، أكد مشاركون في الملتقى أن السودان فرصة مناسبة أمام السعودية لسد الفجوة الغذائية التي تعاني منها البلاد فيما يخص اللحوم الحمراء والبيضاء، مشيرين إلى أن وزارة «الزراعة» السعودية، مطالبة بضرورة تسهيل استثمارات رجال الأعمال السعوديين في الأراضي السودانية، يأتي ذلك في الوقت الذي أبدى فيه الجانب السوداني ترحيبا كبيرا بالمشاريع المتعلقة بالثروة الحيوانية.

وأوضح المشاركون خلال الملتقى أن مشروع إنشاء شركات «أمات الدواجن» الذي تم اقتراحه من قبل مجلس الأعمال السعودي - السوداني المشترك برأسمال 30 مليون دولار قام الجانب السوداني فيه بتغطية حصته البالغة 15 مليون دولار، بينما أعلن رئيس مجلس إدارة غرفة جدة صالح كامل عن مساهمته بـ3 ملايين دولار، كما أعلنت شركة سعودية عن مساهمتها في المشروع 10 ملايين دولار، ومن المتوقع أن يتم تغطية حصة الجانب السعودي بالكامل خلال اليومين المقبلين.

من جهته، أكد الدكتور فهد بالغنيم وزير الزراعة السعودي أن الملتقى فرصة حقيقية للاستفادة من التجارب السابقة وتسخيرها لتطوير العلاقات الاستثمارية والتجارية بين البلدين وتنميتها بصورة مستمرة، بالإضافة إلى تقديم التوصيات للآليات والإجراءات مع استعراض وبحث فرص الاستثمار المتاحة مع مقترحات لتفعيلها اعتمادا على المحرك الرئيس، وهو القطاع الخاص، وبمساندة ومؤازرة القطاع الحكومي في البلدين.

ونوه الدكتور بالغنيم بالروابط الأخوية والتاريخية التي تجمع البلدين وبالعلاقات الاقتصادية المتطورة، مشيرا إلى أن قرب السودان من المملكة جعله ضمن الدول الأولى التي يتوجه إليها المستثمرون السعوديون بفضل ما يملكه السودان من موارد طبيعية، خاصة اتساع الأراضي الخصبة ووفرة المياه وتعدد المناخ.

وأكد الدكتور بالغنيم أن المملكة تعمل على تشجيع الاستثمار الخارجي في جميع المجالات من خلال القطاع الخاص في الدول ذات الفرص الاستثمارية الواعدة، ومن بينها السودان، مفيدا بأن ذلك يتوافق مع سياسات المملكة في دعم التعاون الدولي وتحقيق التضامن والتآزر والتعاون مع الدول الشقيقة، خاصة الدول العربية، في تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية العربية المستدامة.

وأشار وزير الزراعة السعودي إلى أن الاستثمار الخارجي يكون ذا جدوى وفائدة متبادلة ومتكافئة بين دولتين إذا تكاملت عناصر الإنتاج والموارد واستغلت لتلبية الاحتياجات لكل منهما، ووجدت الرغبة الأكيدة للتعاون النابع مع وضوح في السياسات والاستراتيجيات في هذا الشأن، والمدعوم بتوجيهات الحكومة وقادتها، مبينا أن هذه العناصر الدافعة للاستثمار بين المملكة والسودان قد توفرت بدعم وتوجيهات قادة البلدين في تعزيز التعاون وتشجيع الاستثمار لتحقيق المصالح الوطنية والعربية.

وقال الدكتور فهد بالغنيم إن المملكة أطلقت مبادرة الملك عبد الله للاستثمار الزراعي في الخارج بهدف تشجيع الاستثمار الزراعي السعودي في الخارج عن طريق القطاع الخاص، للإسهام في تلبية احتياجات المملكة من الغذاء وتحقيق الأمن الغذائي العربي والعالمي.

وأضاف الدكتور بالغنيم: «المبادرة قامت على مبدأ المنفعة المتبادلة التي تسهم في توفير إمدادات الغذاء للمملكة، وفي الوقت نفسه تساعد في تطوير وتحديث الزراعة في الدول المستهدفة، خاصة المناطق الريفية التي تستضيف الاستثمارات السعودية، مع مراعاة الاستغلال الأمثل للموارد والحفاظ على النظام البيئي والمساهمة في تلبية احتياجات المجتمعات المحلية، إضافة إلى أن السودان أطلق مبادرة للاستثمار الزراعي العربي للمساهمة في سد الفجوة الغذائية وتحقيق الأمن الغذائي العربي».

وشدد وزير الزراعة السعودي على أهمية وجود المناخ والبيئة الاستثمارية الملائمة في البلد المضيف للاستثمارات من أجل جذب المستثمرين وتحقيق أهدافهم في الربح وتنمية مؤسساتهم الاستثمارية، مشيرا إلى أن التجارب كشفت أن تشجيع الاستثمار يتطلب أكثر من منح مزايا تفضيلية محصورة في حوافز مالية كالإعفاءات الجمركية والضرائبية والدعم المالي.

وقال الدكتور بالغنيم: «الأمر يتطلب وجود عوامل أخرى أساسية ومكملة، تتمثل في الشفافية والنزاهة وملاءمة تطبيق القوانين وفاعليتها، وتوفير المعلومات ووجود ضمانات للاستثمار والاستقرار السياسي والاجتماعي، خاصة السياسات الاقتصادية الكلية الملائمة، كسعر الصرف والتحويلات الخارجية والضرائب والرسوم، إضافة إلى توفير البنى التحتية المطلوبة ووجود النظام المالي والبنكي والتسويقي والتأميني المناسب، وتوفر القوى العاملة المؤهلة والمدربة وغياب الموانع الإدارية والروتين وبطء وعدم مرونة الإجراءات وعدم تضارب السياسات».

بدوره قدر الدكتور مصطفى إسماعيل وزير الاستثمار السوداني حجم الاستثمارات السعودية في بلاده في الفترة من عام 2000 إلى عام 2011، بنحو 11.4 مليار دولار من بين 28 مليار دولار، لتحتل بذلك المملكة المرتبة الثانية عربيا في قائمة الدول العربية المصدرة للاستثمارات في السودان.

وأشار وزير الاستثمار السوداني إلى أن رؤوس الأموال السعودية تعمل من خلال 590 مشروعا منتجا في المجالات الصناعية والزراعية والخدمية، مستفيدة بذلك من العلاقات الأخوية القائمة بين البلدين الشقيقين وحرص قيادتيهما على تعزيز علاقاتهما القائمة على تحقيق النفع المشترك للشعبين الشقيقين.

وتطرق الدكتور إسماعيل إلى أبرز ما تضمنته مبادرة الرئيس السوداني لتحقيق الأمن الغذائي وسد الفجوة الغذائية العربية التي بلغت نحو 40 مليار دولار في العام الحالي 2013، مبينا أن بين مبادرة السودان ومبادرة المملكة للاستثمار الزراعي الخارجي تشابها في الأهداف والغايات.

وقدم وزير الاستثمار السوداني خلال اللقاء عرضا لحزمة من البرامج الاستثمارية التي تعمل بلاده على ترويجها، وتبلغ 356 مشروعا، بتكلفة إجمالية تقدر بنحو 30 مليار دولار، تشمل 117 مشروعا زراعيا و76 مشروعا صناعيا، و147 مشروعا في قطاع الخدمات الاقتصادية و11 مشروعا في مجالات النفط و5 مشاريع أخرى في مجال المعادن.