سؤال ينتظر الإجابة: أين تستثمر أموالك؟

سعود الأحمد

TT

يسألني أحد القراء عن الفرص الاستثمارية التي أنصح بها، ويبدو أن هذا الشخص لديه تجربة مريرة مع سوق الأسهم. وهذه قضية اقتصادية اجتماعية تحتاج إلى حل، لأنها إذا أهملت فإنها ستقود إما إلى هجرة الأموال واستثمارها في الخارج، وإما حفظها في البنوك المحلية «وربما» الأجنبية لتتآكل على مر السنين! ولست أتحدث هنا عن الذين لديهم تجارب في السوق في مشاريع صغيرة أو مشتركة كبيرة في أي مجال صناعي أو تجاري، أو من يستطيع أن ينشئ مشروعا صغيرا كبقالة أو حلاق أو مغسلة ملابس أو محل بيع ملبوسات أو أحذية أو ورشة حدادة أو نجارة أو صيانة أو سمكرة سيارات. فهذه كلها تعتبر من المشاريع الصغيرة وأصحابها من رجال الأعمال، وإن لم يكونوا من كبار رجال الأعمال. لكنهم يستطيعون أن يوظفوا أموالهم في السوق ويحققوا منها عوائد.

لكن حديثي هنا عن «أمثال» فئة الموظفين والمتقاعدين والنساء والورثة الذين لا يحسنون إدارة أموالهم بأنفسهم في بيع أو شراء أو مقاولات أو صناعة... من لديه مبلغ من خمسين ألف ريال إلى مليون أو مليوني ريال. هذه الفئة (مواطنين ومقيمين) تريد أن تستثمر أموالها محليا لكنها واقعة في حيرة من أمرها: أين توجه مدخراتها؟ وبالتالي علينا أن نوجد لهم فرصا وقنوات استثمارية تعود عليهم بعوائد معقولة، تتناسب مع مقادير النمو الاقتصادي المحلي ونمو إيرادات الدولة والموازنة العامة وما تنفقه الدولة على المشاريع الحيوية الجديدة، وهو ما من شأنه (بطبيعة الحال) أن يتطلب رؤوس أموال ليولد الكثير من الفرص الاستثمارية.

ولنضع أنفسنا مكان أي منهم... إن أودعها في حساب جارٍ في بنك، تجمدت وتآكلت ونقصت قيمتها الفعلية. وإن فكر في سوق الأسهم فالذاكرة ما زالت عالقة بحالات الهلع التي أصابت المجتمع قبل سبعة أعوام جراء سقوط سوق الأسهم. والأسماء ما زالت عالقة في أذهاننا، منهم من توفي، ومنهم من أصيب بالشلل، ومنهم من أصيب بحالات هستيرية! والبعض عرضت صوره وهو يمشي ويصيح عاريا في الشارع! ولا ننسى أن الناس دفعت أثمانا باهظة وتعلمت دروسا قاسية من تجاربها مع شركات توظيف الأموال وما يشاع عنها من حالات نصب واحتيال. أما عن الاستثمار في سوق العقار فإن من المنتظر له أن يتعرض لعزوف جراء قلة العمالة، وهذا الارتفاع المضطرد لأسعار مواد البناء، وانخفاض معدل نمو الطلب على العقارات السكنية. ولا يتوقع لها أن تنهض قريبا، وبالأخص مع التفات الحكومة لتوفير السكن للمواطن بزيادة منح الأراضي، والشروع في بناء مشاريع سكنية في الكثير من المدن الرئيسة، ورفع مبلغ القرض السكني، وزيادة أعداد القروض الممنوحة بشكل ملحوظ، وإيصال الخدمات بسرعة فائقة لمخططات المنح والمخططات الجديدة، مما سيشجع المواطن على العزم على شراء الأرض ولو بالتقسيط سعيا وراء بناء وتملك المساكن الشخصية، ليؤثر ذلك على فرص الاستثمار في العقار بشراء الأراضي وبنائها بغرض البيع.

وعليه... فإنني أنوه بهذا الفراغ الاقتصادي وأؤكد على أهمية التفات ساسة الاقتصاد إلى التفكير في حاجة المجتمع إلى قنوات استثمارية، تعود بالنفع على المجتمع واقتصاد الوطن، وحتى لا يضطر الناس إلى خوض تجارب فاشلة في مشاريع لا يفهمون فيها.

[email protected]