بوادر انتعاش اقتصادي في لبنان بعد تطورات الأسابيع الأخيرة

ترقب لتخفيف قيود قدوم السياح الخليجيين

TT

ظهرت بوادر انتعاش نسبي في حركة الاقتصاد اللبناني، مع تنامي الآمال بإمكانية حصول مبادرات من قبل دول مجلس التعاون الخليجي بتخفيف إجراءات حظر سفر مواطنيها إلى لبنان، والذي اتخذته خلال العامين الماضيين على خلفية المخاوف الأمنية.

وخفف هذا الانتعاش، الذي أعقب استقالة الحكومة السابقة برئاسة نجيب ميقاتي وتكليف تمام سلام بتأليف حكومة جديدة، من حدة المخاوف حول تفاقم الركود واستمرار تراجع النمو ليدخل مرحلة سلبية بعدما انحدر من متوسط 8 في المائة قبل عام 2011 إلى أقل من 3 و2 في المائة على التوالي خلال العامين الماضيين، خصوصا أن المؤشرات الأساسية للأشهر الأولى جاءت مقلقة لجهة تسجيل المزيد بعد التراجع الدراماتيكي في حركة السياحة التي تقلصت بنسبة 18 في المائة خلال عام 2012، لتصل إلى نحو 1.3 مليون سائح، بعدما تجاوزت عتبة المليونين في نهاية عام 2010.

وترصد الأوساط الاقتصادية الحركة الإيجابية للسفير السعودي في بيروت علي عواض عسيري، وما يصدر عنه من تصريحات تؤكد دعم المملكة وقيادتها لتعزيز الاستقرار، وارتياحه للتحسن الحاصل في الأوضاع وفي الحركة السعودية الناشطة باتجاه لبنان في هذه المرحلة.

وتتلاقى هذه الحركة مع جهد مباشر تبذله الهيئات الاقتصادية لدى قيادات الدول الخليجية، حيث يزور وفد منها دولة قطر مطلع الأسبوع المقبل بعد زيارة مماثلة للسعودية التقى خلالها النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء الأمير مقرن بن عبد العزيز، ونقل عنه أن «سياسة المملكة ثابتة تجاه لبنان ولن تتبدل، لأن للبنان محبة خاصة عند المملكة، ولاسيما عند خادم الحرمين الشريفين الذي سيظل داعما للبنان ولاقتصاده، وسيظل على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين، لأن الاستقرار في لبنان بالنسبة لنا يشكل مدخلا أساسيا، ليظل لبنان يلعب دوره الريادي المعروف على مستوى المنطقة».

وأبدى السفير عسيري ارتياحه للحركة السعودية الناشطة باتجاه لبنان في هذه المرحلة، خلال لقاء جمعه مع رئيس مجلس الأعمال السعودي اللبناني رؤوف أبو زكي، حيث تم خلال الاجتماع استعراض المستجدات في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، كذلك المشاركة المميزة للمملكة في منتدى بيروت الدولي لتراخيص الامتياز (الفرانشايز). ورحب باجتماع مجلس الأعمال المشترك في الرياض خلال الأسبوع الأخير من الشهر المقبل. كما رحب باستئناف انعقاد الملتقى الاقتصادي السعودي اللبناني في دورته الثامنة في بيروت في الربع الأخير من العام الحالي، على أمل أن تكون الأوضاع العامة في لبنان أصبحت مساعدة على عقد مثل هذا الملتقى الذي يشكل إطارا سنويا مناسبا للتلاقي والتحاور وتبادل المصالح والخبرات. وتنظم الملتقى مجموعة الاقتصاد والأعمال بالتعاون مع مجلس الغرف التجارية والصناعية السعودية واتحاد الغرف اللبنانية، وبمشاركة رسمية من الوزارات المختصة في كلا البلدين.

وأمل وفد الهيئات الاقتصادية خلال لقائه بالرئيس المكلف «في أن تستمر أجواء التهدئة، السائدة حاليا على الساحة اللبنانية، خلال الفترة المقبلة التي تتزامن مع بدء موسم السياحة والاصطياف، الذي تنتظره القطاعات السياحية والتجارية وتعول عليه، لتعويض الخسائر الكبيرة التي منيت بها، على مدى الفترة الماضية، والتي انعكست تباطؤا وتراجعا في حجم النمو للاقتصاد اللبناني، نتيجة غياب السياح من جهة، والمستثمرين العرب والأجانب من جهة أخرى عن لبنان».

وأكدت الهيئات أنها مستمرة في القيام بدورها، تجاه عودة السياح والمستثمرين العرب، لا سيما الخليجيين إلى الربوع اللبنانية، وأطلعت في هذا المجال الرئيس سلام على الزيارة التي من المقرر أن يقوم بها وفد من الهيئات إلى دولة قطر، للقاء رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، بالإضافة إلى زيارة المسؤولين في باقي البلدان الخليجية في الفترة المقبلة، من أجل حض هذه الدول على إلغاء قرار حظر سفر الرعايا الخليجيين إلى لبنان، خصوصا بعد انتفاء الأسباب، التي دفعت بالقادة الخليجيين إلى اتخاذ هذا القرار.

وفي سياق متصل بانتعاش الأسواق المالية، أعلنت وزارة المال أمس أنها أقفلت بنجاح الإصدار الجديد لسندات الخزينة بالعملات الأجنبية «يوروبوند» والذي بلغت القيمة الإجمالية لشطريه 1.1 مليار دولار. وأوضحت أن «متوسط العائد على الشطرين بلغ 6.4 في المائة، في حين أن متوسط مدة الاستحقاق بلغ 11.98 سنة»، مشيرة إلى أن اكتتابات خارجية بنسبة 20 في المائة سجلت في كل من الفئتين.

وأفادت الوزارة في بيان لها بأنها أعادت فتح الاكتتاب في سندات تم إصدارها بتواريخ سابقة، ونفذت لذلك إصدارا من شطرين: الأول سندات بقيمة 600 مليون دولار، تستحق في يناير (كانون الثاني) 2023 بعائد قدره 6.150 في المائة، والثاني سندات بقيمة 500 مليون دولار، تستحق في نوفمبر (تشرين الثاني) 2027 بعائد قدره 6.7 في المائة.

وأشارت إلى أن هذا الإصدار هو أول عملية للبنان في الأسواق المالية العالمية في 2013 لإعادة تمويل ديون مستحقة. فيما أبدى وزير المال في الحكومة المستقيلة محمد الصفدي ارتياحه إلى نتائج الإصدار، ملاحظا أن «الإقبال على الاكتتاب، خصوصا في السندات الطويلة الأجل، أظهر استمرار الثقة في الاقتصاد اللبناني رغم الظروف الصعبة محليا وإقليميا، واستمرار الإيمان بمستقبل لبنان رغم ضبابية المرحلة». وأضاف «لم نتأثر بكوننا في وضع تصريف أعمال، ولم نتردد في تنفيذ هذا الإصدار لتغطية الحاجات التمويلية، وبالفعل جاءت الحصيلة أكثر مما كان متوقعا، وهذا أمر إيجابي ومدعاة للاطمئنان إلى أن الاقتصاد اللبناني لا يزال ينطوي على مقومات جاذبة للمستثمرين، كما كان دائما». وشدد الصفدي على أن «الإصدار اتسم كالعادة بمشاركة فاعلة من المصارف اللبنانية التي كانت ولا تزال الممول الرئيس للدولة».