يحدث هذا!

علي المزيد

TT

أسس جون روكفلر شركة «Standard Oil» (ستاندرد أويل)، كبرى شركات النفط في الولايات المتحدة في النصف الأول من القرن التاسع عشر، واعتمدت ثروته على صراعه العنيف من أجل تقليل نفقات الوقود على المستهلك الأميركي، واستعان جون بكل استراتيجية ممكنة في عالم التجارة للتوصل إلى كميات أكبر من الغاز والنفط، وأسس نظاما مركبا ومعقدا للتوزيع والتوصيل، وكان من الكفاءة بحيث كان قادرا على تخفيض أسعار الوقود باستمرار، وقادرا على نزع السوق بعيدا عن أي شخص يبيع بأسعار أعلى من أسعاره. كانت شركته تسمى بعديمة المنافس، لكن المستهلك كان هو محور اهتمامه.

حينما بلغ روكفلر عمر 52 عاما أصبح أثرى رجل في العالم، لكنه كان في صحة سيئة، حيث أخبره الأطباء بأن أمامه فقط بضعة أشهر حتى يفارق الحياة، وكان قد عمل لوقت طويل وعمل بمشقة بالغة، ولم يكن يعتني بحالته البدنية، ورغم أنه كان يمكن أن يوفر لنفسه ماديا أي نوع من العلاج فلم يكن من شيء يمكن للأطباء القيام به من أجله.. واتخذ روكفلر قرارا بأنه ما دام سيقضي نحبه على أي حال فسوف يرجع إلى مقصده الأصلي ويهب بعضا من أمواله.

باع نصف عوائده من شركته مقابل نقود سائلة بلغت نحو 500 مليون دولار، ثم أسس أول مؤسسة من مؤسسات روكفلر الخيرية، ووهب أمواله لأسباب الخير الوجيهة، ووقع أمر غريب إذ كلما وهب من أمواله تحسنت حالته الصحية وتلاشت مشكلاته الصحية في نهاية الأمر، وكان كلما زاد ما ينفقه من مال على أعماله الخيرية وتأسيس دور عبادة ومؤسسات الاعتناء بذوي الحاجة تحسنت حالته واسترد عافيته.

في الوقت نفسه واصلت شركات نفط روكفلر نموها وازدهارها، وزادت قيمة النصف الذي احتفظ به من شركاته بمعدل أسرع بعد أن وهب النصف الآخر لأعمال الخير. وعاش روكفلر 40 عاما أخرى حتى بلغ من العمر 92 عاما، وعند وفاته كان قد تبرع بمئات الملايين من الدولارات، لكن الأمر الذي لا يصدق أنه كان يحوز من الثروة عند وفاته أكثر بكثير مما كان لديه عندما تخلى عن نصف ثروته.

لن أعلق لكم على القصة وأترك تفسيرها لكم، لكنني قرأتها في كتاب «لن أكون عبدا للراتب» الذي سأحدثكم عنه في مقال لاحق إن شاء الله.. ودمتم.