مسؤولون مصريون: مفاوضاتنا مع صندوق النقد مستمرة وسنتوصل إلى اتفاق بحد أقصى الشهر المقبل

الحكومة تلقي اليوم بيان مشروع موازنة العام المالي المقبل

صندوق النقد الدولي ما زال يؤكد على أن القرض يتعلق بمعايير تقشفية تهدد بالمزيد من عدم الاستقرار السياسي في البلاد (أ.ب)
TT

يساور الأوساط الاقتصادية في مصر قلق من تقارير تشكك في سعي مصر الجدي للحصول على قرض صندوق النقد الدولي، الذي عزاه البعض إلى سعي الحكومة بشكل شره للحصول على قروض من دول عربية وأجنبية كان آخرها خمسة مليارات دولار من قطر وليبيا، إلا أن المسؤولين أكدوا أن المساعدات الخارجية التي تحصل عليها الحكومة ليست بديلا عن قرض صندوق النقد، كما أكد محافظ البنك المركزي أن التوصل إلى اتفاق بشأن القرض في حده الأقصى الشهر المقبل.

وقال مسؤول مصري لـ«الشرق الأوسط» إن مصر تطبق خطة الإصلاح الاقتصادي وإن جزءا من إجراءاته يناقش حاليا في مجلس الشورى.. «نحن نسير وفق خطط ورؤية واضحة، وتم عرض تلك الرؤية على بعثة صندوق النقد الدولي، وهناك تفاهم وترحيب من قبلهم برؤية الحكومة.. لا صحة لتلك الشكوك». وتابع: «التعديل الوزاري المزمع لن يؤثر على مفاوضاتنا، خاصة أن البرنامج الذي نسعى لتطبيقه واحد ولن يتم تغييره بتغيير بعض الوزراء، كما أن هناك إجماعا على البرنامج من قبل أغلب القوى السياسية» على حد تعبيره.

ومن المقرر أن يتم إجراء تعديل وزاري خلال الأيام المقبلة، ولم يتم الإعلان عن الوزراء المستهدف تعديلهم، إلا أن هناك تأكيدات بأن أغلب وزراء المجموعة الاقتصادية لن تمسهم تلك التعديلات.

ومن المقرر أن يلقي اليوم وزير المالية المصري ووزير التخطيط بيان الحكومة بشأن مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالي المقبل (2013 - 2014)، ولم يتم الإفصاح إلا عن بنود محدودة بالموازنة الجديدة، منها عجز موازنة مستهدف يقدر بنحو 197 مليار جنيه تمثل 9.5% من الناتج المحلي الإجمالي، ومن المقرر أن تطبق الدولة في بداية العام المالي المقبل خطتها الإصلاحية التي تتضمن زيادة بعض الضرائب.

وقالت وزارة المالية أمس إن مجلس الشورى وافق على تعديلات قانون ضريبة الدمغة وعدد من المواد الخاصة بضرائب الدخل؛ أبرزها استحداث شريحة إضافية بهيكل ضرائب الدخل للأشخاص الطبيعيين برفع الحد الأقصى لسعر الضريبة إلى 30% بدلا من 25% حاليا، مع إلغاء الضريبة على توزيعات الأرباح سواء بالنسبة للأشخاص الطبيعيين أو الأشخاص الاعتباريين، أما الشركات، فينطبق عليها سعر موحد وهو 25% على صافي الأرباح التجارية والصناعية.

«لم نطلع على تفاصيل الموازنة بعد، ولا صحة لما أشيع عن اعتراضنا عليها.. ستصل إلينا الموازنة بشكلها النهائي غدا، وسنناقشها في الحزب خلال الأيام المقبلة لنبدي رأينا حولها»، كما يقول لـ«الشرق الأوسط» الدكتور محمد جودة عضو اللجنة الاقتصادية بحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها رئيس مصر محمد مرسي.

وأكد جودة أن المفاوضات مع صندوق النقد مستمرة ولكنها بطيئة، لأن الحكومة تسعى إلى اتخاذ إجراءات متدرجة لا تمس بالطبقات الفقيرة، وقد يكون هذا من أحد أسباب تأخر الاتفاق حتى الآن. وأكد أنه لا يعلم ما إذا كانت الدولة تعتمد على قرض صندوق النقد الدولي في الموازنة الجديدة أم لا، ولكنه أكد أن «الأمور تسير بشكل جيد مع الصندوق، والهدف الأساسي منه ليس توفير أموال للبلاد؛ بل الحصول على شهادة بأن الاقتصاد المصري يسير في اتجاه سليم».

واتفقت مصر مع كل من ليبيا وقطر للحصول على خمسة مليارات دولار، وحصلت من ليبيا بالفعل على وديعة تقدر بنحو ملياري دولار، إلا أن باقي تلك الأموال والمقرر الحصول عليها من قطر عن طريق طرح سندات خزانة، لم تحصل عليها مصر حتى الآن، كما طلبت مصر من روسيا قرضا بقيمة ملياري دولار، بحسب مسؤولين روس، إلا أن رئاسة الجمهورية نفت أن يكون الرئيس محمد مرسي قد تطرق إلى هذا الأمر في زيارته لروسيا.

تأتي تصريحات المسؤولين في مصر متماشية مع تصريحات محافظ البنك المركزي هشام رامز الموجود في واشنطن حاليا، الذي توقع أن يتم التوصل إلى اتفاق بين الجانبين خلال شهري أبريل (نيسان) أو مايو (أيار) لأن الجزء الباقي من المفاوضات عبارة عن مراجعة والتحقق من بعض البيانات.

وأوضح في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية أن الجانب المصري ركز على برنامج مصري يراعي البعد الاجتماعي ويكون سهل التطبيق دون التحميل على كاهل المواطن المصري، ويهدف إلى تقليل عجز الميزانية لتقليل التضخم وتجنبه وتوصيل الدعم لمستحقيه بطريقة مناسبة وزيادة الإيرادات، خاصة من قطاع السياحة، وزيادة الإنتاج.

وأكد على أن رد فعل الصندوق كان إيجابيا للغاية بشأن البرنامج الاقتصادي المصري، مشيرا إلى أن هناك اتفاقا حول نقاط برنامج القرض، وأن ما يتم حاليا هو عملية مراجعة للبيانات بالتعاون بين الجانبين وتوضيح جميع التفاصيل.

وقال رامز إن برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري ليس فقط من أجل الحصول على قرض الصندوق؛ بل للنهوض بالاقتصاد المصري وتحقيق النمو المطلوب للخروج من الوضع الحالي، مشيرا إلى أن موافقة الصندوق على القرض هي شهادة بناء على دراسة جدوى دقيقة ستفتح الطريق أمام التمويل الجاهز من قبل جهات أخرى مثل بنك التنمية الأفريقي وغيره من الجهات.

وتستهدف مصر من خطتها الاقتصادية للعام المالي الجديد تحقيق معدل نمو يبلغ 3.8%، وقالت إن إجمالي الإنفاق الحكومي سيبلغ في الموازنة الجديدة 692.4 مليار جنيه (100.3 مليار دولار)، ومن المنتظر أن ترتفع الإيرادات إلى 497.1 مليار جنيه (72 مليار دولار). وسيصل الإنفاق على الدعم والإعانات الاجتماعية إلى 205.5 مليار جنيه (29.7 مليار دولار) مرتفعا من 182 مليار جنيه (26.4 مليار دولار)، من المتوقع أن يصل إليها هذا البند خلال العام المالي الحالي الذي ينتهي في يونيو (حزيران) المقبل.