محادثات بين الاتحاد الأوروبي ودول الخليج لزيادة الاستثمارات البينية

السعودية تحتل صدارة دول المنطقة في التصدير إلى أوروبا

الأمير سعود بن خالد الفيصل والمهندس صالح الرشيد خلال الندوة التي عقدت أمس في الرياض مع الوفد الأوروبي («الشرق الأوسط»)
TT

كشف مسؤول أوروبي رفيع عن سعي الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون إلى تعميق العلاقة الاستثمارية فيما بينهما، وذلك من خلال مشروع مشترك يتمحور حول «تعزيز فرص الاستثمار المتبادل»، والذي يمول من قبل المفوضية الأوروبية.

وقال أندرياس هيرجنروتر مفوض الصناعة والتجارة الألمانية في السعودية إن المشروع المشترك ينقسم إلى 3 مراحل، تتمثل المرحلة الأولى في مسح الاستثمار وتحليل الفرص، والتحديات المتعلقة بالاستثمار الأجنبي، مشيرا إلى أن ذلك يهدف إلى الحصول على أفضل فهم حول تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بين المنطقتين، من أجل تعزيز فرص الاستثمار المتبادل.

وأضاف هيرجنروتر خلال حديثه في الندوة الأولى التي عقدت أمس في العاصمة السعودية الرياض أنه على الرغم من أن الاستثمارات الأجنبية انخفضت في دول مجلس التعاون، لكن السعودية لا تزال أكبر متألق في الاستثمارات الأجنبية في منطقة غرب آسيا والشرق الأوسط وفقا لتقرير الاستثمار العالمي «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية».

وزاد مفوض الصناعة والتجارة الألمانية في السعودية أن «التحدي المستقبلي في كيفية جذب المزيد من الشركات الصغيرة والمتوسطة للاستثمار من أجل تلبية الطلب المتزايد من نقل التكنولوجيا، علما أن الشركات الصغيرة والمتوسطة تبين أن نجاحها ممكن مع إقبال المستثمرين في السعودية».

وتعتبر السعودية أكبر مصدر من دول مجلس التعاون الخليجي إلى الاتحاد الأوروبي مع حجم صادرات بلغ 34.5 مليار يورو، تليها قطر بنحو 10.2 مليار يورو، والإمارات 8.2 مليار يورو، والكويت 5.8 مليار يورو، والبحرين 1.5 مليار يورو، وأخيرا عمان بصادرات بلغت 600 مليون يورو.

ووفقا للمسح الذي أجري مع مستثمرين أوروبيين ونظرائهم الخليجيين وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، فإنه أظهر ردود فعل إيجابية إلى حد ما في معظم العوامل المؤثرة في الاستثمار بدول مجلس التعاون، من خلال الموقع الجغرافي والبنية التحتية والقوانين الضريبية، إضافة إلى الوضع الاقتصادي في دول المجلس، إلى جانب الإنفاق الحكومي المرتفع، وأثنى المشاركون في التقرير على الوضع السياسي المستقر في دول المجلس.

في حين أشار المستثمرون الأوروبيون إلى أن أحد مسببات عدم الاستثمار في دول الخليج القيود المفروضة على حق الملكية الخاصة باشتراط وجود شريك محلي، إضافة إلى التكلفة وطول الإجراءات القضائية، فضلا عن تكلفة المحامين، كانت من العوامل المؤثرة على عملية صنع قرار الاستثمار، ولوائح التأشيرات وتوفير العمالة كانا أيضا من العوامل السلبية.

كما أشار المسح إلى ردود فعل إيجابية من قبل المستثمرين الخليجيين في أوروبا، وأشار إلى أن غالبية العوامل المؤثرة في الاستثمار بالاتحاد الأوروبي كانت إيجابية، في الوقت الذي كانت فيه فئات مثل التجارة عبر الحدود وكذلك حماية المستثمرين حصلت على معدل ردود أفعال إيجابية، وكان الاستقرار السياسي على أعلى متوسط ترتيب في الإيجابية من أي عامل آخر يليه في المرتبة الثانية متوسط التقييم للبنية التحتية المتوفرة.

أيضا الوضع الاقتصادي وحق الملكية الخاصة على حد سواء كانت من أعلى الدرجات من حيث متوسط الدرجات، إضافة إلى الوصول إلى اقتصاد السوق الكبيرة وهي بالتالي تدعم أكثر العوامل الإيجابية الثلاثة.

ومن حيث وجود تأثير سلبي على قرار الاستثمار في الاتحاد الأوروبي، أبرز المسح ثلاث فئات، وهو ما يمكن ملاحظته بأنها سلبية على مناخ الاستثمار الإيجابي، على الرغم من وجهة نظر إيجابية للغاية فيما يتعلق عموما بالحق القانوني في التملك وحماية المستثمرين، وكانت عشرات السلبية عموما لفئة من القضايا القانونية وإنفاذ العقود، وبشكل خاص طول الإجراءات القضائية مع وجود تأثير سلبي على الاستثمار وعملية صنع القرار إلى جانب الضريبة على الشركات وأسعار العقارات.

وأعطى التصنيف الأكثر سلبية على الرغم من أن لوائح التأشيرات لم تسجل سوى تقدير معدل متوسط، وذكرت كل هذه العوامل إلى جانب الضريبة على الشركات أيضا من قبل شركات منفصلة باعتبار أن لديها التأثير الأكثر سلبية على قراراتهم في الاستثمار في الاتحاد الأوروبي.

من جانبه، قال المهندس صالح الرشيد مدير عام هيئة المدن الصناعية (مدن)، إن حجم الاستثمارات في المدن الصناعية سواء كانت أجنبية أو محلية تبلغ نحو 300 مليار ريال (80 مليار دولار)، مبينا أنه يوجد 4700 مصنع ما بين مصانع منتجة وتحت الإنشاء.

وأضاف الرشيد الذي كان يتحدث على هامش الندوة الأولى بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون على المستوى التجاري، أن الهيئة توسعت حيث توفر الخدمات الأساسية، لافتا إلى أن التوسع الحالي يعتبر ممتازا، خاصة مع ارتفاع حجم الأراضي الصناعية من 40 مليونا في عام 2007 إلى 142 مليون متر مربع حاليا، لافتا إلى أن الهيئة تستقطب الصناعات ذات القيمة المضافة، والتي تخلق الوظائف والتي يكون لها أثر في اقتصاد البلد.

وبين أن الهيئة لديها العديد من الشركات العالمية، حيث وصلت السعودية حاليا إلى تقدم في الصناعات، وقال «ما زلنا نطمع في مزيد من الصناعات لتوطين الصناعات وأن تكون السعودية في مصاف الدول الصناعية المتقدمة»، واصفا مرحلة الصناعات في «مدن» بالجيدة، وأنها لم تصل إلى الطموحات التي تهدف إليها الهيئة.

وفيما يتعلق بصناعة السيارات، أكد المهندس الرشيد، أن توطين صناعات السيارات نقلة نوعية للسعودية والتي تهتم بها الدول الصناعية المتقدمة، مبينا أن باكورة أولى الصناعات بدأت الإنتاج بمتوسط 150 سيارة شهريا في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مشيرا إلى أن المستهدف حاليا إنتاج 20 ألف سيارة.

وأوضح المهندس الرشيد، أن مصنع السيارات في المنطقة الشرقية بتقنية يابانية وأيد سعودية، مشيرا إلى إحداث صناعات مكملة تعتبر قيمة مضافة، حيث يأمل أن يحدث تحويل مذكرة التفاهم مع شركة «تاتا» للسيارات إلى اتفاقية لبناء المصنع.

وأكد المهندس الرشيد، أن الهيئة سحبت أكثر من 100 قطعة أرض صناعية من مستثمرين لعدم تنفيذ مشاريعهم الصناعية خلال الربع الماضي، مبينا أنها تعطي أي مستثمر مهلة محددة لتسلم وتشييد المصنع.

إلى ذلك، قال الدكتور عبد الرحمن الزامل رئيس مجلس إدارة الغرف التجارية الصناعية في الرياض، إن الاجتماع هو أول اجتماع يتم بين اتحادات الغرف في أوروبا واتحادات الغرف في الخليج لمناقشة التجارة والاستثمار المباشر بين المنطقتين.

وأضاف «اتضح للجميع أن المملكة أكبر مستورد من الاتحاد الأوروبي في منطقة الخليج، وفي الوقت نفسه السعودية من أكثر المناطق على المستوى العربي استيرادا للاستثمار الأوروبي المباشر والكل يتطلع لزيادة هذا التفاعل بين الطرفين».