محمد الشروقي: نستهدف الشركات العائلية السعودية.. ولدينا قلعة من السيولة النقدية

رئيس منطقة الخليج في «إنفستكورب»: نواصل عمليات الاستحواذ على شركات عالمية رغم تداعيات الأزمة العالمية

محمد الشروقي رئيس منطقة الخليج في مجموعة «إنفستكورب»
TT

أعلن محمد الشروقي، رئيس منطقة الخليج في مجموعة «إنفستكورب»، أن مجموعته خاضت خلال الـ24 شهرا الماضية عمليات توسع غير مسبوقة تمكنت خلالها من الاستحواذ على نحو 12 مشروعا حول العالم باستثمار بلغ أكثر من 1.5 مليار دولار، وقال إن المجموعة حققت عائدا عمليات بيع 6 شركات بلغ أكثر من ملياري دولار.

ويقع مقر «إنفستكورب» في البحرين، وافتتحت مكتبا في الرياض. كما تمتلك مكاتب لها في كل من نيويورك ولندن، ويتم التداول في أسهمها في بورصة البحرين وتدير استثمارات في الولايات المتحدة وأوروبا والخليج.

الشروقي تحدث في الحوار التالي مع «الشرق الأوسط» عن حجم الدين المرتبط بعمليات الاستحواذ، مؤكدا أن حجم الدين في عمليات الاستحواذ لا يتجاوز الـ50 في المائة. لكنه أشار إلى سيولة كافية تتمتع بها المجموعة، وإلى تفاصيل الحوار.

* شهدت مجموعة «إنفستكورب» العام الماضي توسعا في أعمالها، استحوذتم خلاله من على نحو 12 مشروعا حول العالم باستثمار بلغ أكثر من 1.5 مليار دولار. ما أهمية هذه الأعمال؟ وماذا تضيف لرصيد المجموعة في السوق العالمية؟

- لقد تأسست «إنفستكورب» لتكون جسرا بين المستثمرين الخليجيّين والفرص الاستثمارية في الغرب. وحين أتحدث عن الفرص الاستثمارية فإنني أعني مجال اختصاصنا وهو الاستثمارات البديلة، أي الاستحواذ على الشركات أو الاستثمار المباشر والعقار وصناديق التحوط وذلك في الولايات المتحدة وأوروبا. تنطلق أعمالنا اليوم من خبرة تمتدّ لأكثر من ثلاثين عاما في الاستحواذ على الشركات وتطويرها ومن ثم بيعها. والعمليات التي قمنا بها في الفترة الأخيرة هي حصيلة تراكم خبرات وعلاقات بالأسواق التي نعمل فيها في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا. أضف إلى ذلك أن هذه الاستثمارات تحصل في وقت لا تزال فيه شركات كثيرة تعاني من آثار الأزمة المالية العالمية، وبالتالي فإن قيامنا بهذه العمليات يضيف مزيدا من المصداقية والثقة بيننا وبين المساهمين والعملاء والمؤسسات المالية والشركاء.

وما قمنا به هذه السنة غير مسبوق في تاريخ عمل الشركة، سواء كان من حيث الاستحواذات أو التوزيعات المالية التي تلقاها مستثمرونا من الأرباح التي حققناها جراء بيع الشركات والتي بلغت أكثر من ملياري دولار في الأشهر الـ24 الماضية نتيجة بيع 6 شركات.

* أيضا لاحظنا في الفترة الأخيرة حصول عدد من عمليات التخارج، هل ينسجم هذا التخارج مع سياسة المجموعة الآخذ في التوسع؟

- إن عمليات التخارج الأخيرة هي جزء أساسي من عملنا. فنحن حين نشتري أي شركة نبحث عن إضافة القيمة إليها عبر توسيع أعمالها وتطويرها لكي نبيعها ونحقق الأرباح للمستثمرين. إننا نؤسس توقعاتنا بناء على تحليل قطاع عمل الشركة وقدرتها الإنتاجية وأفق توسعها. وهنا يمكنني أن أعطيك مثلا شركة «فليت ماتيكس» التي هي بالأساس شركة آيرلندية تدير قوافل الشاحنات، عبرنا بها المحيط الأطلسي في عملية توسع شملت شراء نحو 30 شركة صغيرة منافسة في أميركا وطورناها إلى أن استطعنا إدراجها في بورصة نيويورك وقد وصفت الصحافة الأميركية العملية بأنها «نقطة مضيئة في الزمن الصعب للإدراجات في الأسواق المالية».

* ما الاستراتيجية التي تعتمدونها لتنويع استثماراتكم، وتوزيعها جغرافيا؟

- نحن نؤمن بالتركيز والاختصاص. ولقد قامت استراتيجيتنا في الاستثمار على التركيز على الأسواق التي توفر التوازن في معادلة دراسة المخاطر. ولذلك فإننا نستثمر في الولايات المحتدة الأميركية وأوروبا الغربية بسبب توافر خمسة عوامل أساسية في أسواقها الاستثمارية مثل تعدد فرص الاستثمار، توافر التمويل المصرفي، الخبرات البشرية اللازمة، النظام القضائي الذي يحمي المستثمر والبائع، وأخيرا، توافر فرص التخارج من الاستثمار وبيعه لجني الأرباح بعد وقت معيّن.

وهذه العوامل الخمسة لا تتوافر بنظرنا في كل منطقة في العالم، وإذا ما توافر منها أربعة أو ثلاثة أو أقل، تكون نسبة المخاطرة مرتفعة جدا وبالتالي فإن هناك مسؤولية تجاه أموال المستثمرين التي لا ينبغي المخاطرة بها بدرجات غير محسوبة.

إننا نفضل عدم الاستثمار خارج نطاق خبرتنا ومعرفتنا وإذا ما أراد أحد ما أن يستثمر في هذه الأسواق التي ذكرتها، فإن عليه أن يبحث عن الشركات التي لها خبرة مماثلة لما تمتلكه «إنفستكورب» في الغرب إنما في الأسواق الأخرى مثل الصين والهند أو البرازيل أو روسيا.

* ما متوسط حجم الدين الذي تتخذونه عادة عندما تستحوذون على الشركات؟

- إن موضوع الدين مرتبط بمعادلة دراسة المخاطر. إن التمادي في الديون ليس أمرا محبذا ونحن لم نفعله حتى عندما كان متوافرا. نحن نلتزم بمبدأ الحفاظ على قوة ميزانيتنا وميزانية كل شركة نستحوذ عليها دون أن نرهقها بالديون. إن حجم الدين اليوم إجمالا في عمليات الاستحواذ لا يتجاوز الـ50 في المائة.

* نعلم أن «إنفستكورب» هو بنك استثماري مدرج في بورصة البحرين، كيف انعكست استثماراتكم المتعددة في العام الماضي على المساهمين، وتحديدا الخليجيين منهم؟

- إن الخليج هو روح «إنفستكورب» وقلبها النابض، وبالنسبة لنا فإن رأس مالنا هو ثقة مستثمرينا ونحن نعمل كل ما في وسعنا لنحافظ على هذه الثقة. واليوم لدينا في المنطقة قاعدة العملاء والمساهمين تمتد على مدى الدول الخليجية الست عبر أكثر من ألف علاقة بأفراد ومؤسسات ممن منحونا ثقتهم طوال أكثر من 30 عاما ويواصلون ذلك. إننا نضع نصب أعيننا تنمية علاقتنا مع مستثمرينا وجعل هذه العلاقة علاقة أجيال وليس علاقة مع جيل واحد فقط.

* كيف واجهتم تداعيات الأزمة المالية العالمية؟ وكيف تتعاملون اليوم مع التقلبات الاقتصادية في الأسواق الأوروبية والولايات المتحدة؟

- لقد واجهنا هذه الأزمة أولا بالشفافية ومصارحة العملاء قبل أي شيء. لقد توجهنا إليهم وشرحنا لهم ما جرى ولماذا حصل وكيف ننوي الخروج منه. قمنا بالتركيز على محفظتنا من الشركات وتدعيمها وحمايتها ولقد حققت هذه الاستراتيجية الغايات المنشودة منها فلدينا اليوم ميزانية أشبه بقلعة يبلغ فيها معدل كفاية رأس المال أكثر من 25 في المائة ولدينا سيولة تفوق المليار دولار. إن هذه الأزمة ليست أول أزمة نعيشها خلال السنوات الـ30 الماضية. نتعامل مع التقلبات الاقتصادية بكثير من الحرص ونسعى دائما لحماية مصلحة مستثمرينا والمساهمين.

* في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي الذي ترزح تحته عدد من الاقتصادات الكبيرة الأوروبية كاليونان وقبرص مثلا، هل تجدون فرصا استثمارية متاحة لكم هناك في المستقبل القريب؟ وما هي برأيكم أبرز المخاوف الاستثمارية في هذه الدول؟

- لا شك في أن النظر إلى الاقتصاد الأوروبي اليوم نظرة شاملة سيؤدي إلى الحذر الشديد، لكن استراتيجيتنا تقوم على انتقاء الفرص المناسبة حتى في وقت الأزمات. سوف أعطيك مثلا قصة استحواذنا على شركة «اسملغلاس» الإسبانية المتخصصة في بيع حبر وآلات الطبع على السيراميك. عندما قلنا إننا نشتري شركة في إسبانيا في خضم أزمة اليورو أبدى الكثيرون خشيتهم وكان الحصول على التمويل صعبا جدا. لكننا وجدنا أن شراء هذه الشركة هو فرصة مناسبة لأن تقييمها كان متدنيا جدا، وأن 96 في المائة من مبيعاتها تحصل خارج أوروبا وتحديدا في الدول الناشئة مثل البرازيل والشرق الأوسط وآسيا. وبالتالي قمنا بشراء الشركة في خضم الأزمة لأنها كانت فرصة ملائمة. أما لجهة المخاوف فإني أقول إن الديون السيادية لا تزال تشكل عقبة رئيسة أمام خروج منطقة اليورو من الأزمة وخصوصا في الدول التي لا تحبذ تطبيق إجراءات التقشف.

* كيف تقيمون الفرص الاستثمارية في الأسواق الخليجية؟

- بعد أكثر من 25 عاما من تركيز الاستثمارات في الغرب، أطلق «إنفستكورب» قبل خمسة أعوام أول خط عمل له في منطقة الخليج وهو خط الفرص الخليجية المتخصص في الاستثمار في الشركات الخاصة. لقد أثبت خط العمل هذا قدرة متميزة على الاستثمار في المنطقة وأجرى حتى الآن سبع عمليات استثمارية كانت أولها وأكبرها في المملكة العربية السعودية تحديدا في شركة «لازوردي» السعودية لتصنيع المجوهرات والذهب، التي لا نزال نملك غالبية أسهمها ونعمل على تطويرها مع فريق العمل الذي يديرها. ونحن نعمل أيضا على استكشاف فرص استثمارية أخرى في قطاعات متنوعة.

* كأنك تشير إلى توجهكم نحو الشركات العائلية الخليجية..؟

- فعلا، نحن نهدف إلى أن نكون الشريك المثالي للشركات العائلية في المملكة العربية السعودية، وجميعنا يعلم أن الشركات العائلية تشكل غالبية كبرى من الشركات.

* لماذا..؟ ماذا يمكنكم أن تقدموا لهذه الشركات؟

- دعني أوضح لك لماذا يمكننا أن نكون الشريك المثالي للشركات العائلية السعودية: إننا نتمتع بخبرة عمرها 30 عاما في إدارة الشركات العائلية في الغرب ولا سيّما لدى انتقال الشركات إلى إدارة الأجيال الجديدة في العائلة. ولقد تمكنا عبر هذه الخبرة من تطوير أساليب الإدارة والشفافية والمراقبة والنمو. وبالتالي إذا أراد القائمون على شركة عائلية تطويرها للوصول إلى نمو مضاعف أو أكثر فنحن يمكن أن نكون شركاءهم المثاليين للوصول إلى هكذا هدف.

* حدثني عن وجود «إنفستكورب» في السعودية.

- علاقتنا بالمملكة العربية السعودية هي علاقة عميقة الجذور وتاريخية بكل ما للكلمة من معنى. لقد منحت ثقة المستثمرين السعوديين لـ«إنفستكورب» منذ أول أيام انطلاقتها دعما مكّنها من الوصول إلى مراتب النجاح التي وصلت إليها.

لقد أنشئت «إنفستكورب» لتخدم مصالح أبناء هذه المنطقة في الغرب، وتحديدا الفرص في الشركات الخاصة التي لا يمكن للمستثمر أن يصل إليها عادة عبر البنوك أو عملاء شراء الأسهم. لقد تمكّنت «إنفستكورب»، عبر 30 عاما من منح المستثمرين في المملكة، في حال دخلوا في كل عملية استثمارية قمنا بها بمبالغ متساوية، عائدا على الاستثمار بلغ 14 في المائة سنويا وهذا عائد جيد جدا بكل مقاييس الاستثمار العالمية.

* ماذا عن المستقبل؟

- لـ«إنفستكورب» اليوم شركة تابعة مرخصة تزاول أعمالها في المملكة العربية السعودية ونحن نتواصل من الأجيال الجديدة من المستثمرين السعوديين الذين كان آباؤهم معنا منذ الانطلاق وها نحن نتابع خدمتهم بكل التفاني والإخلاص الذي عرفه الجيل السابق.

اليوم نحن نعمل في المملكة عبر شركة مرخصة من قبل هيئة الأسواق المالية وقد افتتحنا مكتبا في الرياض، وهي المرة الأولى التي تفتتح فيها «إنفستكورب» مكتبا خارج البحرين في الخليج. لدينا اليوم فريق عمل مميز من الكوادر السعودية التي تعمل في المملكة ونحن متفائلون جدا بمستقبل أعمالنا هناك.