الأموال الخليجية تتدفق على بنك «تركي فاينانس»

TT

يعد طرح بنك «تركي فاينانس» صكوكا بقيمة 500 مليون دولار الأسبوع الماضي، الأحدث في فيض من الإصدارات من تركيا، في حين تشير هوية البنوك المرتبة للإصدارات والمستثمرين الذين اشتروها، إلى تحول في أسواق رأس المال.

وضمن البنوك المرتبة لطرح «تركي فاينانس» - المملوك بنسبة أغلبية للبنك الأهلي التجاري السعودي - بنكان في الخليج، هما «الأهلي كابيتال» وبنك «نور» الإسلامي ومقره دبي.

واشترى مستثمرون من الشرق الأوسط 51 في المائة من الصكوك التي بلغ حجم أوامر الاكتتاب بها أقل من مليارين بقليل.

وفي السابق هيمن مرتبون ومستثمرون من أوروبا على الإصدارات الدولية التركية، ولكن الأشهر الأخيرة شهدت اضطلاع الخليج بدور مهم لأسباب تجارية، وربما سياسية أيضا.

وقال جورج الحيدري مدير الأسواق العالمية والشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «إتش إس بي سي»: «ستجد طلبا أكبر من المستثمرين في هذه المنطقة - لا سيما البنوك التي لديها سيولة كبيرة وصناديق الثروة السيادية - على الاستثمار في قطاع التمويل في تركيا، سواء من خلال إصدارات خاصة، أو إصدارات جديدة، أو أسواق الدين العام».

وتابع: «ثمة اتجاه متنام لتدفق مثل هذه الاستثمارات؛ إذ تتطلع تركيا، حيث تقل نسبة المدخرات للاستفادة من السيولة الكبيرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتمويل رؤيتها لعام 2023، وتشمل استثمار نحو 350 مليار دولار في النقل ومشروعات بنية تحتية أخرى».

وساعد رفع وكالة «فيتش» تصنيف تركيا إلى مرتبة الاستثمار في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وتوقعات بحصولها على التصنيف نفسه من وكالتين كبيرتين أخريين على زيادة كبيرة في الإصدارات الدولية العام الحالي.

وطرحت شركات تركية سندات مقومة بالدولار بقيمة 9.5 مليار دولار منذ بداية العام، مقارنة مع إصدارات بقيمة 16.5 مليار في عام 2012 كاملا، وفقا لما قاله جون بيتس محلل أدوات الدخل الثابت للشركات بالأسواق الناشئة في «باين بريدج إنفستمنتس».

وبلغ حجم الإصدارات في تركيا في آخر أربعة أشهر من العام الماضي نحو عشرة مليارات دولار وهيمنت عليها البنوك.

وقبل سنوات قليلة لم تكن التوقعات تتجاوز اضطلاع مرتبين ومستثمرين من الخليج بدور محدود في سوق السندات التركية؛ إذ انصب اهتمام هؤلاء على منطقتهم، في حين كان اهتمام تركيا موجها لأسواق رأس المال الغربية.

لكن الخليج يلعب الآن دورا مهما في السيل الحالي من الإصدارات.

وينتظر أن يقوم بنك تركي آخر، هو «البركة تركيا»، وهو الوحدة التركية لبنك «البركة» البحرين، بتسعير سندات بداية الأسبوع الجاري.

وضمن البنوك المكلفة بترتيب الإصدار ثلاثة بنوك في الخليج، هي الإمارات دبي الوطني، ومصرف الهلال ومقره أبوظبي، وبنك بروة القطري.

وأحد أسباب هذا التحول توجه تركيا للتمويل الإسلامي، فبعدما شهدت الصناعة نموا بطيئا لسنوات، طرحت تركيا أول صكوك سيادية في سبتمبر (أيلول) الماضي، وخصص نحو 60 في المائة من الإصدار، وحجمه 1.5 مليار دولار، لمستثمرين في الشرق الأوسط.

وسهل طرح الصكوك السيادية إصدارات إضافية من البنوك الإسلامية لتلبي طلبا قويا من جانب صناديق إسلامية غنية في منطقة الخليج بعدما عجزت عن إيجاد ما يسد نهمها في المنطقة.

ويقول تشافان بوجايتا مدير استراتيجية الأسواق في بنك أبوظبي الوطني: «يريد المصدرون الأتراك استيعاب السيولة الكبيرة المتاحة لمديري ثروات في هذه المنطقة».

وساهم في توجيه إصدارات الصكوك التركية لمنطقة الخليج حقيقة أن ثلاثة من البنوك الإسلامية الأربعة في تركيا وحدات لبنوك خليجية.

وقد يزيد إقبال مستثمرين من الخليج على شراء الصكوك التركية، مع التوسع في الإصدارات التركية؛ إذ تعد إسطنبول لوائح جديدة تتيح تنويع هياكل الإصدارات على نطاق أوسع، وربما تفضي لاستخدام الصكوك لتمويل مشروعات وتحسين البنية التحتية.

وثمة عوامل أخرى تدعم هذا الاتجاه، من بينها إعطاء تركيا اهتماما أكبر للعلاقات السياسية والاقتصادية مع دول الخليج بدلا من اقتصارها على الغرب؛ إذ تسعى للاضطلاع بدور دبلوماسي أكبر في الشرق الأوسط، وتنويع معاملاتها التجارية.

وقفز حجم التجارة بين تركيا والدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي 60 في المائة إلى 22 مليار دولار في 2012، حسب تقرير من اللجنة الاقتصادية المشتركة.

وساهم تنامي العلاقات الاقتصادية في تعريف المؤسسات الخليجية بمصدري السندات في تركيا.

ومن العوامل المشجعة الأخرى التسعير؛ إذ شهدت العائدات في الخليج انخفاضا كبيرة على مدار 18 شهرا، ويرجع ذلك في جزء منه إلى تنامي ثقة المستثمرين في المنطقة.. ما قلص الفائدة على السندات التي تصدر في المنطقة.

ودفع ذلك المستثمرين في الخليج إلى التطلع لعائدات الإصدارات التركية من منظور جديد في تركيا، وهو بصفة عامة أعلى مقارنة بإصدارات تحمل تصنيفا ائتمانيا مماثلا.

وقال بيتس من «باين بريدج»: «رغم موجة الإصدارات الأخيرة، فإن قطاع الشركات التركي لا يزال محدودا من حيث الحجم، وتهيمن عليه البنوك».

وتابع: «ما زالت البنوك تقدم قيما جيدة عند مقارنتها بنظيراتها في شرق أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا. وتعطي عائدا أعلى بواقع 50 نقطة أساس مقارنة بالبنوك صاحبة تصنيف (BBB)».