قادة أوروبا يؤكدون على أهمية التعاون الدولي في مكافحة التهرب الضريبي

يكلف الخزائن العامة لدول الاتحاد الأوروبي نحو تريليون يورو سنويا

TT

اتفق قادة دول الاتحاد الأوروبي على أهمية التعاون الدولي في مجال تبادل المعلومات الضريبية من أجل مواجهة التهرب والغش الضريبي، وهو ما أظهرته تصريحات القادة على هامش القمة التي انعقدت ببروكسل بعد ظهر الأربعاء، للبحث في ملفي الطاقة والتهرب الضريبي، وحسبما ذكر رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي هرمان فان رومبوي فهما ميدانان حاسمان بالنسبة للاقتصاد والانسجام الاجتماعي في أوروبا، والغرض من القمة جعل السياسات الأوروبية تسهم بأقصى ما يمكن في تحسين النمو والتنافسية والتوظيف.

وأوضح فان رومبوي أنه يريد «الاستفادة من الزخم السياسي» الذي تحقق بفضل تحقيقات «أوفشوليكس» في الملاذات الضريبية، والهدف منها خصوصا تشكيل جبهة أوروبية موحدة خلال قمة مجموعة الثماني المقررة مطلع يونيو (حزيران). ومن أجل مكافحة التهرب الضريبي بشكل أفضل حث رئيس المفوضية الأوروبية مانويل باروسو الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على تعميم تبادل المعطيات المصرفية على كل أنواع الموارد. وأكد رئيس الوزراء الهولندي مارك روتا على ضرورة تعزيز التعاون الدولي في مجال تبادل المعلومات الضريبية لمواجهة التهرب الضريبي وعمليات الاحتيال والغش الضريبي. وحول ضرورة كشف السلطات في دول مثل لوكسمبورغ والنمسا وغيرهما للبيانات المصرفية للمساهمة في محاربة التهرب الضريبي، قال روتا إن هذه الدول عليها أن تفعل كل ما يمكن أن تقوم به لمساعدة الدول الأخرى على مواجهة الاحتيال والغش الضريبي. وفي الوقت نفسه رحب روتا بما أظهرته هذه الدول من انفتاح واستعداد للتعاون والعمل المشترك في إطار تبادل المعلومات لمكافحة الترهب الضريبي، مشيرا إلى أن الأمر جدير بأن يطرح للنقاش وبمنتهى الوضوح والشفافية خلال القمة.

وبشأن الشفافية المصرفية أحبط رئيس وزراء لوكسمبورغ جان كلود يونكر الآمال بقوله الأسبوع الماضي إنه «لن يكون ممكنا» الذهاب أبعد مما قرره وزراء مالية الدول الأعضاء في الاتحاد خلال آخر اجتماع لهم في 14 مايو (أيار)، وقرر الوزراء حينها منح المفوضية الأوروبية تفويضا لتعيد التفاوض حول الاتفاقات الضريبية مع خمس دول هي سويسرا وأندورا وموناكو وسان مارين وليشتنشتاين، لكنهم لم يتمكنوا من تجاوز نقطة خلاف كبيرة وهي مراجعة القانون الأوروبي حول الضرائب والادخار الذي يقتضي الإجماع، وقد كان ذلك القانون الصادر في 2003 ينص على تبادل تلقائي للمعلومات داخل الاتحاد الأوروبي، لكن لوكسمبورغ والنمسا تستفيدان من استثناء. وأعلنت لوكسمبورغ أنها ستنضم إلى الاتفاق في 2015 وستتخلى جزئيا عن سريتها المصرفية، لكنها على غرار النمسا لا تنوي في الوقت الراهن المصادقة على مراجعة القانون المعدل الذي ينص على توسيع تبادل المعلومات تلقائيا إلى موارد أخرى مثل التأمين على الحياة. وتريد الدولتان انتظار نهاية المفاوضات مع الدول الخمس الأخرى قبل الانضمام إلى اتفاق محتمل.

وتشير التقديرات إلى أن التهرب الضريبي يكلف الخزائن العامة لدول الاتحاد الأوروبي نحو تريليون يورو سنويا، وقال مانويل باروسو، رئيس المفوضية الأوروبية «المبلغ الإجمالي للخسائر المالية بسبب التهرب الضريبي أمر لا يقبل، مبلغ يجب أن يوضع في إطاره، فهو يمثل تقريبا ضعف مجموع العجز المالي للعام الماضي بالنسبة لكل دول الاتحاد».

وفي الملف الثاني الذي كان مطروحا خلال القمة وهو ملف الطاقة بحث القادة الأوروبيون حلولا تخفض فاتورة الطاقة وتضمن إنتاجا محليا مستداما. وتناول النقاش الغاز والنفط الصخريين اللذين منح استغلالهما الصناعيين الأميركيين أفضلية، إذ إن سعر الغاز المنتج أدنى بثلاث مرات منه في أوروبا، لكن الدول الأعضاء في الاتحاد منقسمة حول هذه المسألة إذ إن بعضها يخشى من انعكاساتها البيئية.

وخلال المناقشات جرى التركيز على إعطاء الأولوية لإنجاز سوق الطاقة الداخلية والمزيد من الترابط وتعزيز الاستثمار في البنية التحتية للطاقة الحديثة، ومواجهة ارتفاع أسعار الطاقة. أما في ما يتعلق بمناقشة ملف السياسات الضريبية الأوروبية فسيتم البحث في تحسين كفاءة تحصيل الضرائب ومعالجة التهرب الضريبي، من أجل تعزيز المالية العامة في الدول الأعضاء، وهو الأمر الذي ينعكس على السوق الداخلية، وله تداعياته على الاتحاد النقدي والاقتصادي.