السعودية: تقديرات صندوق النقد الدولي حول النمو الاقتصادي «غير دقيقة»

قللت من مصداقية تقييم بعض وكالات التصنيف الدولية

وزير المالية السعودي متحدثا خلال ملتقى المنشآت المتوسطة والصغيرة أمس («الشرق الأوسط»)
TT

أبدت السعودية اعتراضا واسعا على تقديرات صندوق النقد الدولي للنمو الاقتصادي المتوقع للبلاد، مؤكدة في الوقت ذاته على أن النمو الاقتصادي المتوقع سيكون أعلى من تقديرات صندوق النقد الدولي التي أعلن عنها مؤخرا، يأتي ذلك في الوقت الذي قللت فيه من مصداقية تقييم بعض وكالات التصنيف الدولية.

وفي هذا الإطار أكد مسؤول سعودي رفيع المستوى أمس أن تقييم الاقتصاد السعودي أعلى مما تصدره وكالات التصنيف الدولية، وقال: «رغم ذلك نقدر لهم جهودهم، حيث قاموا برفع تصنيف اقتصاد المملكة إلى إيجابي».

وأكد الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية السعودي أن بنك التسليف والادخار في بلاده يبدي اهتماما بالغا بدراسات جدوى المشروع لطالبي التمويل، مشددا على أن هذا الإجراء فيه حماية للمقترض نفسه قبل أن يكون حماية لبنك التسليف والادخار.

وأضاف العساف عقب رعايته الملتقى السعودي الدولي للمنشآت الصغيرة والمتوسطة صباح أمس: «في ما يتعلق بالطاقة البشرية لبنك التسليف والادخار فقد تم دعمه في العام الماضي بمزيد من الكوادر، كما أنه سيتم دعمه في المستقبل أيضا»، مرجعا سبب نقص أعداد العاملين في بنك التسليف والادخار إلى النشاط الكبير الذي يشهده في الآونة الأخيرة والذي يتطلب حجما أكبر من الكوادر البشرية المؤهلة.

وأشار وزير المالية السعودي إلى عدم تطابق عدد القروض التي صرفها بنك التسليف والادخار، وقال: «هناك قروض مخصصة للجوانب الاجتماعية، وأخرى مخصصة للمؤسسات الصغيرة المتوسطة، ولكن المهم هو المؤشر الكلي الذي يشير إلى نمو كبير في الإقراض للمؤسسات الصغيرة والناشئة خلال الأرباع القليلة الماضية»، مؤكدا على أن العامل المالي لن يكون عائقا أمام البنك أو برنامج «كفالة».

وقال العساف: «الاقتصاد السعودي يخلق فرصا هائلة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، ولكن المهم أن تذهب هذه الفرص للمواطنين بدلا من عمليات التستر التجاري، كما أنه ستعطى الفرصة الكاملة للمواطن للاستفادة من تلك الفرص»، مضيفا: «كما نعلم بأن المنشآت الصغيرة والمتوسطة في جميع اقتصادات العالم تعد مصدرا كبيرا للتوظيف».

وعن تعاون برنامج «كفالة» الوطني مع البنوك التجارية السعودية قال وزير المالية: «بالنسبة للتعاون مع البنوك السعودية من خلال برنامج (كفالة) فإنه قطع أشواطا طويلة رغم صغر مدة البرنامج، وحقيقة إن البنوك شعرت بأهمية هذا البرنامج».

وحول عقد «فيدك» المزمع تطبيقه على المقاولين في البلاد، قال الدكتور العساف: «عقد (فيدك) أعطي الكثير من حقه في التركيز لأننا عندما ننظر إلى النظام الحالي فإنه يغطي الغالبية العظمى من عقد (فيدك)، وما دام عقد (فيدك) لديه الكثير من المزايا والعيوب فإنه لا بد من التأكد من التوازن بين مصلحة المقاول ومصلحة صاحب العمل، ومما لا شك فيه أن قطاع صغار المقاولين يحتاج إلى عناية، وبرامج بنك التسليف ترعى مثل هذا القطاع المهم».

ولفت وزير المالية السعودي إلى أن أي مجال إقراضي لا بد أن يواجهه تعثرات، مضيفا: «لكن هذا التعثر محدود جدا، كما أن وزارة المالية على استعداد لدعم برنامج (كفالة)، وهو الموقف ذاته لدى البنوك الوطنية التي ستدعم البرنامج في حال وجود نقص في الأموال المخصصة للضمان»، مؤكدا على أن نسبة التعثر الحالية في بنك التسليف والادخار منخفضة جدا.

وقال الدكتور العساف: «في الفترة الماضية كان هناك تركيز على دعم المشاريع الصناعية من قبل صندوق التنمية الصناعية، ولكن برنامج (كفالة) الذي يديره الصندوق لا يختصر على المشاريع الصناعية، بل إنه يشمل الخدمات وغيرها»، مشيرا إلى أنه لا يوجد أي «قائمة سوداء» في ملفات الإقراض، موضحا خلال حديثه أن صندوق التنمية الزراعية لديه مجهودات كبيرة في دعم الجمعيات الزراعية التعاونية التي تقوم بدعم صغار المزارعين.

وأكد وزير المالية السعودي خلال تصريحه بأن صندوق النقد الدولي يقوم بإجراء تقديراته بكل استقلالية حول اقتصادات العالم، وقال: «لم نتفق مع تقديرات صندوق النقد الدولي، حيث كانت تقديراتنا أصح من تقديرات الصندوق النقد الدولي، إذ كان النمو الاقتصادي في العام الماضي أعلى، كما أن الصندوق يقدر النمو في المملكة العربية السعودية بنحو 4,4 في المائة، ونحن لا نتفق معهم لأن النمو سوف يكون أعلى من هذه التقديرات».

وقال الدكتور العساف: «لدي وجهة نظر حول عمل وكالات التصنيف الدولية وسبق أن ذكرت ذلك، حيث أخشى أن يصنفوا بحسب ما إن كانت الدول متقدمة أو نامية دون النظر إلى الأسس الاقتصادية، بغض النظر في الوقت ذاته عما إن كانت هذه الدول في أوروبا أو الولايات المتحدة الأميركية، أو في المنطقة العربية»، مؤكدا على أن تقييم الاقتصاد السعودي أعلى مما تصدره تلك الوكالات، مضيفا: «رغم ذلك نقدر لهم جهودهم، حيث قاموا برفع تصنيف اقتصاد المملكة إلى إيجابي».

وفي كلمته خلال جلسة افتتاح الملتقى السعودي الدولي للمنشآت الصغيرة والمتوسطة قال وزير المالية السعودي: «خطط التنمية المتعاقبة التي وضعتها حكومات المملكة قد أكدت دوما على دور المشاريع الصغيرة والمتوسطة في تحقيق الأهداف التنموية، كما تعددت المبادرات الحكومية لتشجيع وتنمية هذا القطاع وتوفير التمويل الميسر له»، موضحا أن عدد القروض التي قدمها برنامج الإقراض الذي تشرف عليه الوزارة قد بلغ 593 قرضا بمبلغ إجمالي قدره 8 مليارات ريال (2.1 مليار دولار).

من جهة أخرى، أكد الدكتور توفيق الربيعة وزير التجارة والصناعة السعودي أن نظام الشركات الجديد المزمع إطلاقه في البلاد سوف يحل الكثير من المشكلات التي تواجهها الشركات، مشيرا إلى أن هذا النظام سيتم رفعه قريبا إلى مجلس الشورى لدراسته.

ولفت الدكتور الربيعة إلى أهمية دور قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الاقتصادات العالمية، بوصفه من أهم المحفزات لخلق فرص العمل وتحقيق التنمية الاقتصادية. وقال: «تمثل المنشآت الصغيرة والمتوسطة أكثر من 80 في المائة من فرص العمل في القطاع الخاص على مستوى العالم، ونحو 47 في المائة من إجمالي الدخل القومي. في المقابل هناك تفاوت في هذه النسب على مستوى المملكة، حيث تمثل المنشآت الصغيرة والمتوسطة نحو 51 في المائة من فرص العمل في القطاع الخاص، ونحو 22 في المائة من إجمالي الناتج القومي».

واعتبر وزير التجارة السعودي أن قطاع المنشآت الصغيرة في المملكة يتمتع بمميزات كبيرة تؤهله لقيادة عجلة النمو الاقتصادي في المملكة، مشيرا إلى أن أحد أبرز التحديات التي تعيق تطور هذا النمو بحسب الكثير من الدراسات تتمثل في الإجراءات الحكومية المعقدة، مضيفا: «تعمل وزارة التجارة والصناعة على تسهيل إجراءات التسجيل التجاري، التي باتت مختصرة بثلاثة أيام كحد أقصى في العاصمة الرياض، على أن يتم تطبيق تلك القاعدة في كل أجزاء المملكة قبل نهاية العام الحالي، هذا بالإضافة إلى توفير خدمة استخراج السجل التجاري إلكترونيا».