شركات مصرية تنفق ملايين الجنيهات للتحول إلى الوقود البديل

مسؤول لـ «الشرق الأوسط»: نسعى لتطبيق سياسة جديدة لاستخدام الطاقة

TT

تتجه شركات مصرية خاصة كثيفة الاستهلاك للطاقة للتحول إلى الوقود البديل، بعد أن أخفقت الدولة عن توفير الغاز الطبيعي والسولار لها خلال الفترة الماضية ما أدى إلى تراجع إنتاجها وتوقف بعض الخطوط عن العمل في بعض الشركات. وقال مسؤول حكومي لـ«الشرق الأوسط» إن بلاده تتجه إلى تطبيق سياسة جديدة للطاقة للقضاء على ما سماه بـ«تشوهات الاستخدام الحالية».

وقال الرئيس التنفيذي للشركة العربية للإسمنت خوسيه ماريا ماجرينا إن شركته قامت باتخاذ كافة الإجراءات والخطوات اللازمة للتحول من استخدام الغاز الطبيعي في مصانعها، واستبداله بالفحم والوقود المستخرج من النفايات الصلبة أو ما يطلق عليه (RDF).

وأضاف ماجرينا الذي تنتج شركته خمسة ملايين طن من الإسمنت سنويا خلال مؤتمر صحافي أمس أن الشركة مستعدة لاستبدال 100% من كمية الغاز المطلوبة لتشغيل مصنعها. وتابع: «تقدمنا بالفعل بطلب رسمي للحكومة المصرية للترخيص لنا بذلك يوم 14 مارس (آذار) الماضي، وحتى الآن لم نتلق أي رد من الحكومة بهذا الخصوص، رغم أهمية هذه الخطوة للاقتصاد القومي في مصر».

وتسبب العجز الكبير في مصادر الطاقة بمصر لحدوث تراجع بنسبة 20% في الطاقة الإنتاجية لشركات الإسمنت خلال الفترة المنقضية من 2013. بينما تراجعت الطاقة الإنتاجية للشركة العربية للإسمنت بنسبة 25% خلال نفس الفترة. ومن المتوقع حدوث المزيد من الخسائر خلال شهور الصيف، بما يؤثر على الطاقة الإنتاجية لمصانع الإسمنت بنسبة 50%، عندما ترتفع درجة الحرارة وتتزايد معها معدلات استهلاك الكهرباء لذروتها.

وشجعت الحكومة المصرية في وقت سابق منتجي الإسمنت على استخدام الغاز الطبيعي، وهو ما جعلهم يستثمرون مئات الملايين في التحول لاستخدام الغاز الطبيعي كمصدر رئيسي للطاقة، ولكن نظرا لأزمة الطاقة الحالية في البلاد غيرت الحكومة المصرية من توجهاتها، حيث طلبت من نفس المنتجين تغيير اعتمادهم على الغاز كمصدر للطاقة واستبداله بمصادر أخرى مثل الفحم ومصادر الطاقة الأخرى.

وقال خوسيه إن التحول لمصادر الطاقة البديلة في قطاع الإسمنت على المستوى القومي سيكون له آثار إيجابية بلا شك على الاقتصاد المحلي بشكل عام، رغم أن ذلك الإجراء يفرض الكثير من التحديات على المنتجين في هذا القطاع.

وتابع: «الاستثمارات المطلوبة للتحول من الغاز الطبيعي أو المازوت إلى الفحم تتطلب من 6 إلى 8 ملايين دولار لكل مليون طن إنتاج، بينما تبلغ تكاليف التحول للوقود المستخرج من النفايات الصلبة من 8 إلى 12 مليون دولار لكل مليون طن.

وأضاف أنه حتى تلتزم شركات القطاع الخاص بتلك الاستثمارات الهائلة، يجب على الحكومة منح حوافز استثمارية لتلك المبادرات، من خلال وضع سياسة واضحة تتضمن دعما حكوميا محددا للشركات المنتجة.

وأشار إلى أنه من الضروري الإسراع في منح الموافقات لشركات الإسمنت التي تقوم بتلك التحولات الكبيرة في مصادر الطاقة، لتعظيم النتائج المترتبة على تلك الاستثمارات، وكذلك إزالة كافة الأعباء المالية المفروضة على شركات الإسمنت الجديدة والمتمثلة في رسوم الحصول على تراخيص التشغيل.

وحتى الآن لم تحصل الشركة العربية للإسمنت على موافقة الحكومة لاستخدام الفحم كوقود بديل لتشغيل مصنعها، والذي سيحل محل 70% من كميات الغاز الطبيعي المطلوبة كوقود بديل. وبمجرد حصول الشركة على هذه الموافقات، ستتم عملية التحول خلال الربع الأخير من العام الحالي.

وتعتزم شركة «إنترسيمنت مصر» أيضا التحول نحو استثمارات للتحول من استخدام الغاز الطبيعي والمازوت إلى الفحم والمخلفات الزراعية ومخلفات المنازل لتوليد الطاقة الحرارية بعدما أدى نقص الوقود في البلاد إلى توقف أحد خطوط إنتاجها الثلاثة.

وألزمت الحكومة المصانع كثيفة الاستهلاك للطاقة بصيانة مبكرة لخطوط إنتاجها في شهري يوليو (تموز) وأغسطس (آب) وهما ذروة أشهر الصيف، وذلك لتوفير وقود لتوجيهه إلى محطات الكهرباء التي تعاني خلال الفترة الماضية من قلة إمداد الطاقة.

وتقوم الحكومة حاليا بالترويج في عدد من الدول الأوروبية تشمل إسبانيا وإيطاليا وفرنسا لتشجيع وتحفيز نقل عدد من الصناعات الأوروبية إلى مصر. وقالت مستشارة وزير الصناعة والتجارة الخارجية المصري منى وهبة إن بلادها تسعى خلال المرحلة الحالية إلى جذب صناعات متوسطة ومنخفضة الاستهلاك للطاقة.

وقال الدكتور إبراهيم نوار المتحدث الإعلامي باسم وزارة التجارة والصناعة لـ«الشرق الأوسط» إن هناك سياسة جديدة للطاقة سيتم تطبيقها خلال العام المالي المقبل (2013-2014) بعد التصديق عليها من قبل مجلس الشورى الذي يتولى السلطة التشريعية في البلاد، مشيرا إلى أن بلاده تشجع استخدام الوقود البديل خاصة للصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة مثل مصانع الإسمنت.

وأشار نوار أن سياسة الطاقة طيلة العقود الماضية أصابت السوق بتشوهات حادة لا يمكن للاقتصاد احتمال استمرارها في الأجل القصير أو الطويل، وكان من الضروري إعادة النظر في تلك السياسة في كل قطاعات الطاقة بغرض تحقيق التوازن والقضاء على التشوهات، ومساعدة الاقتصاد في تحقيق نمو صحي.

وأضاف أن مصانع الإسمنت حول العالم تتحول إلى استخدام الفحم باعتباره أرخص وقود، لكن مصر ليس لديها موارد كافية من الفحم، وبالتالي فإن المصانع الراغبة في التحول نحو الفحم ستتجه إلى استيراده، وهو الأمر الذي تستعد مصر له الآن.

وأشار نور إلى أن بلاده ستخصص أحد الموانئ لاستيراد الفحم وغالبا سيكون ميناء سفاجة على سواحل البحر الأحمر (شرق البلاد)، لاستقبال شحنات الفحم لاستخدامه في مصانع الإسمنت على وجه الخصوص، كما سيتم تجهيز الأرصفة الخاصة باستقبال شحنات الفحم ومحطات المناولة، وتخصيص وسائل مواصلات لنقل الفحم وسيكون من خلال السكك الحديدية، وتابع: «الحكومة تتبنى منظومة متكاملة تتعلق بهذا الأمر ونسعى للبدء في تنفيذها خلال العام المالي المقبل».

وقال نور إن مصر تحتاج إلى «تحرير سوق الطاقة»، وهذا يعني السماح لشركات القطاع الخاص باستيراد الوقود وتوزيعه، وهذا الأمر يتطلب بنية تشريعية جديدة لوضع معايير التوزيع والتسعير وغيرها من الأمور، وهو ما تعمل الحكومة عليه الآن. وتابع: «لدينا عجز كبير في توفير الطاقة، وللتغلب على هذا الوضع يجب اتباع سياسة طاقة جديدة».

ومثل دعم الطاقة في مصر نحو 79% من إجمالي قيم الدعم الحكومي خلال النصف الأول من العام المالي الجاري.