مدير الجمارك الأردنية: الحرب السورية تتسبب في تراجع الاقتصاد الأردني بـ30% وأوقفت تجارتنا مع تركيا

الصرايرة يكشف لـ «الشرق الأوسط»: مساهمة ادارته بـ30% من الاقتصاد الوطني.. وحجم الاستثمارات الأجنبية يتجاوز 30 مليار دولار

مبنى للحدود للاردنية.. وفي الاطار اللواء غالب قاسم الصرايرة، مدير عام الجمارك الأردنية
TT

كشف مدير عام الجمارك الأردنية عن أن الحرب السورية تسببت في تراجع الاقتصاد الأردني بما لا يقل عن 30 في المائة، بينما تراجعت حركة البضائع العابرة إليها بما لا يقل عن 40 في المائة، في الوقت الذي تساهم فيه الجمارك بما يقدر بـ30 في المائة من مجمل الدخل الوطني من حيث الإيرادات المحلية.

وقال اللواء غالب قاسم الصرايرة مدير عام الجمارك الأردنية في حوار خاص مع «الشرق الأوسط»: «إننا جزء من هذا العالم الذي عصفت به أزمة مالية أخيرا وأزمة اقتصادية محلية وربيع عربي وأحداث في المنطقة المجاورة بجانب الأوضاع المشتعلة في ليبيا ومصر وسوريا، بالإضافة إلى وقف التجارة التركية عبر سوريا برا، مما أثر بمجمله على النمو الاقتصادي الأردني وتسبب في تراجعه بما لا يقل عن 30 في المائة خلال العامين الماضيين».

من جهة أخرى، أكد أن مستوى الجمارك الأردنية ارتقى بالاقتصاد الوطني ورفع مرتبة الأردن عالميا بـ22 درجة، بجانب ارتقائها بمستوى التنافسية العالمية التجارية، إلى ما من شأنه المساعدة على جذب واستقطاب الاستثمارات وتسهيل الإجراءات، مشيرا إلى أن حجم الاستثمارات الأجنبية المستقطبة حاليا يتجاوز 30 مليار دولار.

وإلى تفاصيل الحوار:

* الحدود الأردنية - السورية هي أكثر الحدود التي تعاني من عدم الأمن وعدم الاستقرار على كافة الصعد وعلى المستوى الجمركي تحديدا بسبب الحرب القائمة الآن في سوريا.. ما تعليقك؟

- أولا أؤكد لك أن كل حدودنا آمنة مع كل البلاد التي لديها حدود مشتركة معنا على الرغم من الحرب الدائرة الآن في سوريا، والبضائع لا تزال تنساب إلا أنها تراجعت بشكل كبير وتتجاوز الـ40 في المائة، وزيادة هذه النسبة أو تراجعها يعتمد على نتيجة الأمور التي تحدد إلى أين ومتى ستصل بنا الحرب في سوريا.

* في رأيك، إلى أي حد تأثر الاقتصاد الأردني ونموه بالحرب السورية؟

- بلا شك إننا جزء من هذا العالم الذي عصفت به أزمة مالية أخيرا وأزمة اقتصادية محلية وربيع عربي وأحداث في المنطقة المجاورة بجانب الأوضاع المشتعلة في ليبيا ومصر وسوريا، بالإضافة إلى وقف التجارة التركية عبر سوريا برا مما أثر بمجمله على النمو الاقتصادي الأردني وتسبب في تراجعه بما لا يقل عن 30 في المائة خلال العامين الماضيين.

* بالمقابل ما حجم الاستثمارات السورية التي هاجرت إلى الأردن بسبب الحرب؟ وهل أثرت على غيرها من الاستثمارات الأجنبية الأخرى؟

- بالفعل هناك استثمارات ومصانع سورية تنتقل من بلادها إلى الأردن بعد الأحداث الأخيرة تجاوزت 300 مليون دولار، ولكن أيضا هناك رجال أعمال ومستثمرون عراقيون واستثمارات خليجية كبيرة تجاوز حجم الكويتية منها 15 مليار دولار، والسعودية تزيد على هذا الحجم بجانب استثمارات الدول الخليجية الأخرى.

* ما حجم مساهمة الجمارك الأردنية في اقتصاد البلاد؟

- الجمارك الأردنية هي العمود الفقري للاقتصاد الأردني وهي ليست دار جباية وإنما معنية باستتباب الأمن بالدرجة الأولى والأمن الاقتصادي والاجتماعي وجذب الاستثمارات وتسهيلاتها، حيث إننا نشكل حدود 30 في المائة من مجمل الدخل الوطني من حيث الإيرادات المحلية، والأهم من ذلك لنا دور فاعل في استقطاب رؤوس الأموال وتشجيعها وتقليل الكلف على المستوردات بسبب معالجة التأخير وأسباب الانتظار عند المعابر.

* ما أبرز الإنجازات التي حققتها الجمارك الأردنية في الآونة الأخيرة؟

- أكد باسكال لامي مدير عام منظمة التجارة العالمية، أن الجمارك الأردنية ليست جمارك دولة نامية وإنما أصنفها بأنها جمارك دولة متقدمة، وذلك بناء على المشاريع التطويرية التي ساهمت فيها ابتداء من نظام «الأسيكودا» الذي يتم تطبيقه في 101 دولة في العالم، والجمارك الأردنية هي رقم «1» من حيث تطبيق هذا النظام بشكل ناجح، وهو يعتمد على الانتقائية والمخاطر ويعتمد على المسارب (الأحمر والأخضر والأصفر) وهي تهدف لتقديم التسهيلات للسلع والبضائع، كما أن هذا النظام كان سابقا يحتوي على تنظيم البيان الجمركي فقط، غير أنه تم تطويره بخبرات أردنية محضة بحيث أدخل عليه أكثر من 10 أنظمة أخرى، ترتبت عليها توحيد الإجراءات وأصبحت تحت إدارة شخص واحد بدلا من تعدد المديرين والعاملين فيها، وتعدد المرجعيات والأقسام المتناثرة وفق معلومات قاعدة متخذي القرار أيضا، أما النظام الثاني الموجود في العالم فلا يوجد إدارة جمركية في العالم تطبق نظام التتبع الإلكتروني إلا الجمارك الأردنية بتطبيق ناجح تجاوز حاجز 250 ألف شاحنة في عام 2012، كنا قد تتبعناها إلكترونيا بواسطة الأقمار الصناعية وأجهزة الـ«جي بي إس» و«الأقفال الإلكترونية»، وبعض النظام سهل حركة البضاعة بدلا من انتظارها الترفيق والقوافل في الحدود، حيث تنجز بياناتها ويوضع عليها الجهاز خلال دقيقتين ثم تغادر ويتم مراقبتها إلكترونيا، وبالتالي فإن هذا النظام سهل ورفع مستوى الرقابة على البضائع التي تعبر الأردن أو التي تحول للمراكز الداخلية، كذلك فإن نظام النافذة الواحدة اختصرت الكثير من التعقيدات والإجراءات الجمركية، وخاصة أن الجمارك تتشارك معها جهات ودوائر كثيرة في إنجاز البيانات الجمركية، حيث توصلنا إلى أن الجمارك الأردنية أصبحت هي المرجعية لتلك الدوائر والمظلة التي تقع تحت مسؤوليتها كل الدوائر المدنية التي تعمل معها في إنجاز المهام سواء أكانت مؤسسة المواصفات والمقاييس أم الزراعة أم الصحة أم مؤسسة الغذاء والدواء أم الاتصالات وهيئة تنظيم القطاع الإشعاعي، وأصبحت هذه الدوائر تعمل في مكان واحد مع الجمارك، وتم حوسبة إجراءات هذه الدوائر وربطها بنظام «الأسيكودا» بحيث تعمل بالمسارب كما تعمل الجمارك، وهذا وفر جهدا كبيرا على الجمارك والمتعاملين معها وقلل كلفة البضائع وسهل سيرها وعبورها.

* وماذا عن الخدمة الحوسبية في الجمارك الأردنية؟

- كذلك استطعنا حوسبة 53 إجراء جمركيا إلكترونيا، حيث تتحصل على خدمة مدير الجمارك إلكترونيا من دون الحاجة للذهاب إلى إدارة الجمارك، حيث إننا في عام 2012 أنجزنا 27 ألف معاملة إلكترونية من دون الرجوع لإدارة الجمارك ومن ضمنها 12 ألف توقيع من إدارة الجمارك إلكترونيا أيضا، كما أننا أرشفنا أكثر من 25 مليون وثيقة، حتى نتخلص من الأوراق وحفظها وتكديسها، وبالتالي فإن هذه المشاريع التطويرية رفعت مستوى خدمة الجمارك الأردنية إلى مستوى نظيراتها في الدول المتقدمة، حيث إننا حوسبنا أكثر من 90 في المائة من خدماتنا ونملك 103 من برامج الكومبيوتر بنجاح، وسوف نكمل إنجاز المعاينة الإلكترونية خلال العام الحالي 2013، وسوف يكون لدينا مركز ريادي وإنشاء مركز إقليمي للترانزيت الدولي بالتعاون مع المنظمة الدولية بسواعد أردنية صرفة ولدينا مركز تدريب جمركي يعقد أكثر من 220 برنامجا تدريبيا في العام الواحد وعلى المستوى الإقليمي أيضا ونقوم بتدريب أكثر من 3 آلاف موظف من القطاعين العام والخاص في السنة بمختلف البرامج.

* ما انعكاس أداء الجمارك على أداء الاقتصاد في الأردن؟

- أولا رفعت مرتبة الأردن عالميا وقدمته 22 درجة، ثانيا ارتقت بمستوى التنافسية العالمية التجارية إلى ما من شأنه المساعدة على جذب واستقطاب الاستثمارات وتسهيل الإجراءات، حيث يتجاوز حجم الاستثمارات الأجنبية المستقطبة حاليا 30 مليار دولار على مستوى الصناعة حيث توجد 5 مصانع للإسمنت، كما أن مستوردات التعريفة الجمركية الأردنية معفاة من الجمارك بنسبة 84 في المائة، وهذا يساعد على جذب الاستثمارات، لأننا وقعنا اتفاقية التجارة الحرة العالمية وكذلك وقعنا اتفاقية التجارة الحرة العربية وأخرى مع أميركا وأخرى مع الاتحاد الأوروبي وكذلك تركيا، وملتزمون بها جميعها، الأمر الذي يوفر أسواقا كبيرة وعديدة للأردن بالخارج تتمتع فيها صناعاتنا بالإعفاء في تلك الدول، ولدينا مدن مؤهلة صناعيا حيث لدينا مدينة الحسن في إربد ومدينة إظليل ومدينة الرقيب ومدينة الملك عبد الله في الكرك، وهي مدن صناعية تشتهر بصناعة الألبسة بمواصفات أوروبية وأميركية، تتمتع بإعفاءات هذه الدول، كذلك مدينة صناعية كبرى في منطقة سحاب تتجاوز عدد المصانع فيها أكثر من 600 مصنع، ولدينا مناطق تنموية وهي أقرب إلى المناطق الحرة تقريبا تتمتع بإعفاءات للمنتجات والصناعات والبضائع التي تدخلها لتشجع قيام مناطق سياحية وهناك مناطق تنموية تعليمية ومناطق تنموية صناعية ولدينا منطقة اقتصادية خاصة بالعقبة وذات أحكام خاصة وقانون خاص ومحررة من القيود الجمركية وبها مشاريع سياحية واستثمارية ضخمة وجاذبة عمرها أكثر من 10 أعوام ولدينا المنطقة الحرة الزرقاء.

* ما التحديات التي تواجه العمل الجمركي العربي حاليا؟

- التحديات كبيرة وأولها تأزم الوضع السياسي الراهن في المنطقة، لأنه وضع مربك للعمل الجمركي، حيث إن هناك بعض البلاد العربية التي شهدت وما زالت تشهد أحداث شغب وثورات مما انعكس سلبا وتسبب في غياب السيطرة على العمل الجمركي في بعض المعابر، كما أن هناك تحديات مع حركة البضائع وخروجها ودخولها وهذا أكبر تحد يواجه العمل الجمركي على الإطلاق، في ظل عدم الالتزام بالتجارة الترانزيت العربية، وهي اتفاقية موقعة في الستينات من القرن الماضي، وهناك ملاحظات أخرى وهي أن بعض البلاد العربية لا يطبق اتفاقية التجارة الحرة على البضائع ذات المنشأ العربي وهذا مخالف للاتفاقية، في حين نحن موقعون عليها وملتزمون بها كل الالتزام بحيث تعفى كافة المناشئ العربية من الرسوم الجمركية، ولكن لاحظنا أن بعض الدول موقعة ولكنها للأسف لا تطبق وقد نراعي ظروفها حاليا إلى أن تنفرج وتطبق الاتفاقيات بالشكل الذي تم الاتفاق عليه.

* في رأيك، هل المؤشرات تدلل على قيام الاتحاد الجمركي العربي الذي أقرته القمة العربية بالرياض أخيرا في 2015؟

- نأمل ذلك ولكن هذا يعتمد على مدى استعداداتنا كدول عربية وكإدارات جمارك عربية ومدى استيفائنا لمتطلبات قيام هذا الاتحاد وهي كثيرة، منها مدى استطاعتنا توحيد الرسوم في كل البلاد العربية، ومدى قدرتنا على جعل حركة البضائع سلسة وسهلة بين كافة الدول، ومدى قدرتنا على تذليل كافة المعوقات أمام صناعاتنا، وهي بعض التحديات التي نأمل معالجتها، بجانب أملنا في صناعة استقرار أمني في المنطقة العربية.