مستقبل المنشآت الصغيرة.. إلى أين؟!

سعود الأحمد

TT

وأنا جالس أتابع فعاليات مؤتمر «المنشآت الصغيرة والمتوسطة»، بمدينة الرياض. وأصغي لكلمة وزير المالية ووزير التجارة والصناعة ومدير الصندوق الصناعي، وقبله تابعت فعاليات «ملتقى وقمة ازدهار للشركات الصغيرة والمتوسطة» بمدينة جدة، وكلها تتحدث عن دعمنا للمشاريع الصغيرة والمتوسطة. والشواهد كثيرة على هذا التوجه، مثل مشروع كفالة، الذي يُعد منظومة تمويل مشاريع هذا القطاع.. أتساءل في نفسي: هل نحن بالفعل جادون في الدعم؟! ولن أزيد هنا على ما سبق أن قيل عن أهمية التوجه لدعم المشايع الصغيرة والمتوسطة، وأنه المؤهل لقيادة عجلة النمو الاقتصادي بالمملكة. وكيف أنها كانت سببا في نهضة اقتصادات دول مثل ماليزيا وبنغلاديش والهند، ونقلها من حالة الفقر إلى رفع معدلات عالية من النمو الاقتصادي! لكنني أعود للتساؤل: ما حالنا في السعودية (مثلا)؟ وأقول: الآن نحن نعاني من بداية أزمة تتمثل في نقص العمالة المدربة جراء هجرتهم للخارج، وكذلك نعاني (بالتبعية) من ارتفاع في أسعار السلع والخدمات.. والمقبل سترونه أسوأ بكثير.

فمع هذه الأنظمة العمالية الجديدة، فإن مستقبل المنشأة الصغيرة إلى المجهول! وللعلم، فإن الضرر لن يقتصر على قطاع الأعمال، لكنه سيطال المجتمع كافة، وبالأخص الطبقتين الفقيرة والمتوسطة! وأضرب مثالا على ذلك: لو أن موظفا يعمل براتب بسيط في شركة ويرغب في تحسين دخله، وفتح له محل جزارة أو حلاقة أو محل تجاري أو منشأة صغيرة في أي نشاط تجاري مهما تنوع نشاطه، فإن عليه (بداية) أن يفتح سجلا تجاريا ويسجل المنشأة بالغرفة التجارية، ثم يشترك بمصلحة الزكاة والدخل ويوظف سعوديا والتأمينات الاجتماعية، وكل جهة تفرض وتحصل من الرسوم ما تشاء من صاحب هذه المنشأة، تفرضها لنفسها كيف تشاء! ناهيك عن التحدي الذي تواجهه المنشأة الصغيرة عند إنشائها، من إجراءات التقديم على طلب تأشيرة عامل! ثم البحث عن مكتب ليحضر العامل من الخارج تكلفة انتظار مجيئه، ثم عمل إقامة له، وما يستلزمه من كشف طبي وشهادة صحية، ثم بعد ذلك تدريب هذا العامل على العمل وما يستلزمه ذلك من جهد ووقت وتكاليف، ثم إذا صلح وبدأ في الإنتاج، بدأ يطالب بزيادة راتبه أو الشراكة في الربح! وانظر إلى ما كان عليه الوضع في الماضي؛ كان صاحب المنشأة الصغيرة، بعد أن يستأجر المحل، يحصل على رخصة ممارسة النشاط من البلدية الفرعية، ثم يستقدم عماله ويبدأ في النشاط. ومع أن هذه الخطوات تكلف صاحب المشروع الكثير، فإنها أرحم بكثير مما هي عليه الآن، وبالتالي فنحن حقيقة عقدنا على المنشأة الصغيرة إجراءات تكوينها. وأضفنا إلى تكاليف إنشائها تكاليف أخرى.. وهذه التكاليف، بالإضافة إلى أنها تثقل كاهل صاحب المنشأة الصغيرة، فإنها تضاف على المنتج النهائي للسلع والخدمات التي سيبيعها صاحب هذه المنشأة. ولا ننسى أن آثار هذه القرارات سيعاني منها بصفة خاصة الطبقتان المتوسطة والفقيرة.