البورصة المصرية تهبط في سبع جلسات متتالية بأعلى قيمة منذ الثورة

أزمة الوقود تتفاقم.. وقطر تهدي مصر خمس شحنات من الغاز الطبيعي

TT

انعكس المشهد السياسي المتوتر في مصر على أداء البورصة المصرية مع اقتراب موعد المظاهرات التي تحشد لها قوى معارضة للضغط على الرئيس محمد مرسي لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، فيما تغذي الأزمات الاقتصادية حالة السخط الشعبي المتزايد على أداء الحكومة بعد أن تفاقمت أزمات الوقود والكهرباء في البلاد.

وبدا تأثير المشهد السياسي والاقتصادي الهش في البلاد أكثر وضوحا على أداء مستثمري البورصة الذين باعوا أسهمهم بكثافة كبيرة.

وواصلت البورصة المصرية تراجعها أمس للجلسة السابعة على التوالي، وفقد رأس المال السوقي خلالها نحو 35.4 مليار جنيه (5 مليارات دولار)، وفقد المؤشر الرئيس نحو 662 نقطة بنسبة 12.2 في المائة، وهي أعلى قيمة هبوط متواصل له منذ ثورة 25 يناير (كانون الثاني)، كما وصل مؤشر الشركات المتوسطة «EGX70» أمس إلى أدنى مستوى له منذ تدشينه.

ودعا نشطاء إلى مظاهرات حاشدة يوم 30 يونيو (حزيران) الحالي بمحافظات مصر لسحب الثقة من الرئيس مرسي وإسقاطه بعد مرور عام من توليه منصبه من دون أن يقدم أي إنجازات. وقال محللون إن الضغوط البيعية من قبل المستثمرين قد تستمر حتى نهاية الشهر الحالي لانتظار نتائج تلك المظاهرات.

«لا يمكن أن تتواصل تلك الخسائر في البورصة حتى نهاية الشهر الحالي، سنشاهد خلال الجلسات المقبلة حركات تصحيحية إلى أعلى لمؤشرات البورصة لتعويض بعض الخسائر، لكن لا أحد يمكن أن يحدد موعد هذا الارتفاع» كما يقول إيهاب سعيد رئيس قسم البحوث بشركة «أصول» لتداول الأوراق المالية.

وأضاف سعيد لـ«الشرق الأوسط»: أن المشكلات في مصر لا تنتهي، فالأزمات التي تواجهها كثيرة، فإلى جانب الاضطرابات السياسية الداخلية، فإن أزمة سد النهضة الإثيوبي يؤثر على رؤية المستثمرين على التنمية في مصر، كل هذا يؤثر على أداء مؤشرات البورصة. وتابع: «يجب أن تخفف الحكومة الأعباء على مستثمري البورصة فهم يتحملون الآن خسائر فادحة نتيجة أوضاع سياسية ليس لهم دخل بها، أطالب بإلغاء الضريبة على تعاملات البورصة.. كيف نخسر ونقوم بدفع ضرائب على تلك الخسارة؟».

وأشار سعيد إلى أن هناك بعض العوامل التي ساهمت في عدم هبوط مؤشر البورصة الرئيس أكثر من مستواه الحالي، فسهم «أوراسكوم للإنشاء والصناعة» صاحب أكبر وزن نسبي في المؤشر لا يزال متماسكا حتى الآن بسبب عرض الاستحواذ المقدم من الشركة الهولندية، فإذا ما تم رفض هذا العرض من قبل هيئة الرقابة المالية سيتراجع مؤشر البورصة الرئيس بنسبة أكبر مما نراها الآن.

وتقدم شركة «أو سي آي إن في» عرضا رسميا للاستحواذ على أسهم شركة «أوراسكوم للإنشاء والصناعة المصرية» بسعر 255 جنيها (36.4 دولار) للسهم.

وأغلق مؤشر البورصة الرئيس «EGX30» أمس عند 4775.92 نقطة بعد تراجعه بنسبة 2.85 في المائة، فيما تراجع مؤشر الشركات المتوسطة «EGX70» بنسبة 5.09 في المائة ليغلق عند 371.25 نقطة، واتجه المستثمرون المصريون والعرب نحو البيع بكثافة في السوق، فيما اتجه الأجانب نحو الشراء.

ومن المتوقع أن تستمر أيضا أزمة وقود السيارات حتى نهاية الشهر الحالي، إلى حين فتح الاعتمادات المالية بالموازنة العامة للدولة للعام المالي المقبل (2013 - 2014) الذي يبدأ في شهر يوليو (تموز) المقبل.

ويقول الدكتور حسام عرفات رئيس شعبة المواد البترولية باتحاد الغرف التجارية: «السبب الرئيس في أزمة وقود السيارات في مصر الآن هي نفاد الاعتمادات المالية الموجهة للوقود في مصر منذ ثلاثة أشهر تقريبا، وبالتالي سننتظر حتى العام المالي الجديد حتى يتم تخصيص اعتمادات جديدة للمواد البترولية». وتابع: «الأزمة ستستمر حتى الشهر المقبل».

وأضاف عرفات لـ«الشرق الأوسط» أنه طلب منذ ثلاثة أشهر في مارس (آذار) الماضي من الرئيس مرسي ضخ 1.1 مليار دولار، كمبلغ إضافي للمواد البترولية، حتى يستطيع أصحاب محطات الوقود الوفاء بالتزاماتهم أمام احتياجات المستهلكين، دون أن يكون هناك أي استجابة.وتابع عرفات: الحكومة تستورد الآن المازوت لسد احتياجات قطاع الكهرباء، حتى لا تتفاقم أزمة الكهرباء عن الحد الذي نراه، أما بالنسبة لوقود السيارات فالحكومة تكتفي فقط بالإنتاج المحلي. وأضاف: «السولار مثلا تنتج مصر منه 60 في المائة وهو ما يتوافر حاليا في السوق، لا تقوم الحكومة حاليا بإمداد المزيد».

وقالت الحكومة في نهاية مايو (أيار) الماضي، إنها اعتمدت نحو 200 مليون دولار لتوفير المواد البترولية لقطاع الكهرباء وجاري اعتماد مبلغ 525 مليون دولار إضافية لتوفير باقي الكميات المطلوبة التي تحتاجها محطات الكهرباء.

وأضاف عرفات أن العجز في المواد البترولية الموجهة للسيارات يصل إلى 30 في المائة في محافظات مصر ما عدا العاصمة التي تقل عن ذلك، وتابع: «العجز على مستوى الجمهورية في السولار يصل إلى 30 في المائة ، ما عدا القاهرة الكبرى التي يصل فيها العجز إلى أقل من ذلك، أما البنزين بجميع أنواعه فيتراوح نسبة العجز فيه ما بين 25 في المائة إلى 30 في المائة، أما في القاهرة فيصل نسبة العجز إلى 10 في المائة».

وعن أسباب توفير الوقود في العاصمة بشكل أكبر من المحافظات، يقول عرفات، إن هناك بعدا سياسيا في تلك المسألة حتى لا يزداد سخط المواطنين في القاهرة على الحكومة، وهو ما قد يؤدي إلى اشتعال الموقف في المظاهرات.وقدر مشروع موازنة العام المالي المقبل 2013 – 2014 مصروفات الدعم بنحو 205.5 مليار جنيه (29 مليار دولار)، منها 99.5 مليار جنيه (14 مليار دولار) دعم المواد البترولية بانخفاض قدره 405 ملايين جنيه (58 مليون دولار) عن العالم المالي الماضي.

وقال وزير البترول شريف هدارة في وقت سابق إنه اعتبارا من شهر يوليو وأغسطس (آب) المقبلين سيتم البدء في توزيع الكروت الذكية لحائزي السيارات، التي تعمل بالبنزين والسولار على مستوى محافظات الجمهورية، والتي ستتيح الحصول على أي كميات من الوقود لصاحب السيارة، بهدف تجميع بيانات ومعلومات عن الكميات الحقيقية المستهلكة فعليا من البنزين والسولار على مستوى الجمهورية، وتحديد أنماط الاستهلاك في كل المناطق والمحافظات، وبناء على تلك المعلومات سيبدأ حوار مجتمعي لتحديد سبل ترشيد استهلاك البنزين والسولار، وتحديد مستحقي الدعم وسبل تحقيق ذلك.

وأعلنت وزارة البترول المصرية أمس أن قطر قدمت هدية لجمهورية مصر العربية مكونة من خمس شحنات من الغاز الطبيعي المسال القطري لحساب الهيئة المصرية العامة للبترول، لتوفير جزء من احتياجات مصر من الطاقة خلال فترة الصيف الحالي، لتضاف تلك المساعدات إلى نحو ثمانية مليارات دولار قدمتها قطر لمصر بعد الثورة في صورة منح وقروض وودائع.

وقال الدكتور محمد بن صالح السادة، إن بلاده ستقوم بتزويد مصر بخمس شحنات من الغاز الطبيعي المسال خلال أشهر الصيف، حيث سيبدأ تسلم هذه الشحنات ابتداء من نهاية يوليو (تموز) القادم وحتى منتصف شهر سبتمبر (أيلول).

وتواجه مصر عجزا في الغاز الطبيعي، أثر على أداء محطات الكهرباء، كما أدى إلى تراجع إمدادات الغاز إلى المصانع ما أدى إلى انخفاض إنتاج بعضها إلى النصف تقريبا خلال الفترة الحالية.