فزع في الأسواق بعد إعلان «المركزي» الأميركي تقليص التحفيز النقدي

الذهب دون 1300 دولار للمرة الأولى منذ أكثر من عامين ونصف العام

تراجع أسواق الأسهم في كل أنحاء العالم بعد إعلان المركزي الأميركي تقليص التحفيز النقدي (أ.ب)
TT

تراجعت أسواق الأسهم في منطقة الخليج حاذية حذو الأسواق العالمية بعدما أعلن الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي) الأميركي أنه سيبدأ في تقليص برنامجه التحفيزي لشراء السندات هذا العام لكن المنطقة تفاعلت بشكل أكثر هدوءا مع هذا الإعلان مقارنة مع معظم الأسواق في العالم.

وهبط مؤشر إم.إس.سي.اي للأسواق الناشئة 3.‏3 في المائة عصر أمس لكن بورصات الخليج حققت أداء أفضل بكثير مع إغلاق بورصة دبي على انخفاض قدره 4.‏1 في المائة بينما تراجعت بورصة قطر واحدا في المائة. وأغلقت البورصة السعودية في عطلة نهاية الأسبوع.

وقال مديرو صناديق إن هناك بعض العوامل التي شكلت حماية للمنطقة من تداعيات الاضطراب العالمي من بينها فوائض الميزانية والمعاملات الجارية في الخليج وربط عملات الدول الخليجية بالدولار والنمو الاقتصادي القوي المدعوم بزيادة إنفاق المستهلكين إضافة إلى ارتفاع أسعار النفط.

وقال رامي صيداني رئيس الاستثمار لدى «شرودرز الشرق الأوسط» لوكالة رويترز «محركات النمو هنا محلية ولا نعتمد على الأسواق المالية الدولية. لا أتوقع تغيرا في آفاق المنطقة مع قوة العوامل الأساسية واستمرار الوضع التنافسي للأسعار».

وقلص هبوط مؤشر سوق دبي مكاسب السوق منذ بداية العام إلى 4.‏45 في المائة. وتوقف الصعود في بورصة دبي وهبطت قيم التعاملات بعد تفاقم الاضطراب في الأسواق الناشئة منذ نحو ثلاثة أسابيع.

ومع ذلك واصل مؤشر دبي التماسك ولم يظهر اتجاها نزوليا حتى الآن. وعلى الرغم من بداية فصل الصيف الذي يتسم بهبوط أنشطة التداول مع إجازات المستثمرين المحليين فإن قيم التعاملات في دبي لا تزال مرتفعة بكثير عن العام الماضي قبل بدء موجة الصعود. وانخفض مؤشر سوق الكويت 2.‏0 في المائة متراجعا قليلا للجلسة الثالثة على التوالي بعد صعود في أوائل الأسبوع لكنه لا يزال مرتفعا 8.‏35 في المائة منذ بداية العام.

وصعدت السوق يوم الاثنين بعدما قضت المحكمة الدستورية العليا بحل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة في غضون شهرين وتماسكت الأسعار بشكل عام منذ ذلك الحين وهو ما يظهر اعتقاد المستثمرين بأن الانتخابات ستأتي ببرلمان يمكن أن يتعاون مع الحكومة حول التنمية الاقتصادية.

وقالت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية (كونا) بعد إغلاق السوق إن الانتخابات ستجرى في 25 يوليو (تموز). وفي مصر تراجع المؤشر الرئيسي للبورصة 2.‏1 في المائة مع استمرار المستثمرين المصريين في بيع الأسهم نظرا للتوترات السياسية وهبط الجنيه المصري إلى أقل من سبعة جنيهات مقابل الدولار في السوق الرسمية للمرة الأولى الأربعاء.

وعلى الرغم من ذلك أظهرت بيانات البورصة أن المستثمرين العرب والأجانب اشتروا أسهما أكثر مما باعوا في السوق.

من جهته تراجع سعر أونصة الذهب أمس إلى ما دون 1300 دولار للمرة الأولى منذ أكثر من عامين ونصف العام، وذلك إثر إعلان الاحتياطي الفيدرالي الأميركي نيته الحد في السنوات المقبلة من الدعم الذي يقدمه للاقتصاد الأميركي. وقرابة الساعة 09,50 تغ، بلغ سعر أونصة الذهب 1287 دولارا وهو أدنى مستوى لها منذ سبتمبر (أيلول) 2010، وكانت لا تزال تتعرض لضغوط.

وأوضح مايكل هيوسن المحلل لدى «سي إم سي ماركتس» أن «الذهب الذي كان لفترة طويلة الملاذ المفضل (للمستثمرين) بات في وضع هش بعد تصريحات الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أمس». وكان رئيس الاحتياطي بن برنانكي حذر أول من أمس من أن مؤسسته تعتزم أن توقف بالتدريج الدعم النقدي الكبير الذي تقدمه للاقتصاد الأميركي.

وأضاف برنانكي أن الاحتياطي سيخفض من عمليات ضخ السيولة التي يقوم بها والتي تبلغ قيمتها 85 مليار دولار شهريا، اعتبارا من العام الحالي على أن تتوقف على مراحل في أواسط العام المقبل.

ويبعد هذا الاحتمال بشكل أكبر المخاوف من حصول زيادة كبيرة في التضخم في الأشهر المقبلة مما يؤثر على سعر الذهب الذي يعتبر عادة بمثابة حماية ضد ارتفاع أسعار الاستهلاك.

كما أثرت تصريحات برنانكي بشكل كبير على الأسواق المالية.

وفي أواسط أبريل (نيسان)، سجل الذهب أكبر تراجع له منذ 30 عاما، إذ خسر أكثر من 200 دولار في غضون جلستي تداول وتراجع تحت عتبة الـ1400 دولار للمرة الأولى منذ 13 شهرا خصوصا بسبب احتمال تراجع مخاطر التضخم.

من جانبها هبطت أسعار النفط أمس الخميس إلى أدنى مستوى لها في أسبوع دون 104 دولارات للبرميل تحت ضغط مسح أشار إلى تباطؤ الاقتصاد الصيني إضافة إلى خطة الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) لتقليص برنامجه التحفيزي.

وهبطت أسعار السلع الأولية والأسهم بعد أن أظهرت بيانات من الصين أن نشاط المصانع تراجع في يونيو (حزيران) إلى أدنى مستوى في تسعة أشهر مما يزيد من احتمالات أن يكون تباطؤ اقتصاد أكبر مستهلك للطاقة في العالم أكبر من المتوقع في الربع الثاني.

وانخفض خام القياس الأوروبي مزيج برنت 21.‏2 دولار إلى 91.‏103 دولار للبرميل بحلول الساعة 1004 بتوقيت غرينتش بينما هبط الخام الأميركي الخفيف 18.‏2 دولار إلى 06.‏96 دولار للبرميل. وجرى تداول خام برنت عند 83.‏103 دولار في أدنى مستوى خلال الجلسات منذ 13 يونيو.

وقال لي تشين هواي محلل الاستثمار لدى «فيليب فيوتشرز» لـ«رويترز» «هناك بعض العوامل التي تضغط على النفط اليوم. أكد الاحتياطي الاتحادي أنه من المرجح أن يقلص مشتريات الأصول. وتشير أحدث بيانات مديري المشتريات في الصين إلى تباطؤ في الطلب. وباعتبار الصين ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم فإن أي تباطؤ في الطلب يضغط على الأسعار».

وارتفع الدولار أمس مع تعرض أسواق الأصول العالمية إلى حركة تصحيحية كبيرة بعد أن أكد مجلس الاحتياطي الاتحادي أنه سيشرع في خفض وتيرة التحفيز هذا العام مع تحسن آفاق الاقتصاد. وأمام الدولار المزدهر يصارع اليورو بعد أن أظهرت بيانات مؤشر مديري المشتريات أن القطاع الخاص في منطقة اليورو لم يبدأ في تحقيق انتعاش مطرد بعد.

لكن تركيز الأسواق انصب على تصريحات بن برنانكي رئيس الاحتياطي الاتحادي الذي قال إن البنك سيقلص برنامجه لتحفيز الاقتصاد تدريجيا في ضوء البيانات الاقتصادية ومع تراجع معدل البطالة إلى نحو سبعة في المائة من المستوى الحالي البالغ 6.‏7 في المائة. وصعد مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الأميركية أمام سلة من العملات الرئيسة 6.‏0 في المائة إلى 890.‏81 في أعلى مستوى منذ العاشر من يونيو.

ودفعت تصريحات برنانكي أسعار الأسهم والسندات الأميركية للتراجع بشدة وقادت عائدات سندات الخزانة لأعلى مستوى في 15 شهرا. وأمام الين زاد الدولار نحو 8.‏1 في المائة إلى 18.‏98 ين مقتربا من أفضل مستوياته في أسبوع. ونزل اليورو 5.‏0 في المائة إلى 3223.‏1 دولار متراجعا عن أعلى مستوياته في أربعة أشهر عند 3418.‏1 دولار الذي سجله أول من أمس الأربعاء.

وطالت التأثير الليرة التركية، التي هبطت إلى أدنى مستوى في 18 شهرا عند 9080.‏1 ليرة للدولار أمس وسط مخاوف من أن يعمد المستثمرون العالميون للتخلص من أصول الأسواق الناشئة التي تنطوي على مخاطر بعد أن قال الاحتياطي الاتحادي الأميركي إنه قد يتوقف عن شراء السندات هذا العام.