حاجة سوق العمل

سعود الأحمد

TT

مع قرارات تصحيح أوضاع العمالة، وما يتوقع أن يشكله هذا التوجه من نقص (وربما عجز) في سد حاجة سوق العمل السعودي. جراء ما نشاهده من هجرة يومية لهذه الأعداد المهولة من العمالة التي تسعى لتصحيح (وبعضها تعجز عن تصحيح) أوضاعها. والتي ليس في الأخير إلا العودة لبلادها. سؤالي: هل لدينا دراسات بحاجة سوق العمل السعودية؟! والسؤال موجه (بخاصة) لوزارة العمل: هل لدى الوزارة إحصائيات مفصلة بأنواع المهن التي تحتاجها سوق العمل السعودية؟ والمهن التي يمكن شغلها حاليا بالعمالة المحلية؟ والمهن التي يمكن شغلها مرحليا بالعمالة المحلية؟ والتي يجب شغلها بأيدٍ وطنية؟ والمهن التي يستبعد (في ظل الظروف الاجتماعية الحالية) أن تشغل بأيدي عمالة محلية؟ وما هي المهن التي ينتظر (مع قرارات التصحيح) أن تصاب بنقص بالغ، وخصوصا التي يحتاجها المجتمع السعودي؟ وما هي البدائل والحلول لدى وزارة العمل لمعالجة هذا الوضع؟ أنا شخصيا بحثت عن أي إحصائيات أو دراسات فلم أجد. وبعبارة أخرى: إذا بحثت كمواطن سعودي أو مقيم عند إفطار رمضان عن خباز، ووجدته مغلقا. ونفس الشيء: لو بحثت عن بنشر أو جزار أو سباك أو كهربائي أو عامل زراعي أو راعي مواشٍ أو حلاق. (إذا بحثت) ولم أجد من يسد حاجتي كمواطن أو مقيم: من المسؤول عن هذا النقص في سوق العمالة؟! هل هي وزارة العمل، أم إدارة الجوازات، أم وزارة المالية، أم وزارة الثقافة والإعلام؟ المفترض أن الجهات التي تعاونت لتتسبب في نقص العمالة عن حاجة السوق ورفعت لواء التصحيح اليوم، وهي نفسها المعنية بتراكم هذه الأعداد المخالفة من العمالة في السابق لتتفاقم المشكلة.. هذه الجهات عليها أن تفكر فيما سيحدث من أزمة إذا نقص المعروض في سوق العمالة؛ لأنها في الحقيقة هي المسؤولة عما سيحصل لسوق العمل.

والمتضرر الأخير هو المواطن.. فالمؤسسة الصغيرة التي اضطرت للإغلاق لأنها ليس لديها القدرة على تحقيق الشروط الجديدة (المجحفة) المتمثلة في فتح سجل تجاري وتسجيل بالغرفة التجارية والحصول وتوظيف سعودي ودفع راتب له وللمؤسسة العامة للتأمينات وتأمين صحي، إضافة إلى رخصة البلدية والشهادة الصحية (وشروط تعجيزية أخرى).. هذه الشروط التي هلت مرة واحدة كمتطلبات للعمل، إضافة إلى العديد من المنشآت الصغيرة سوف تصفى: ألا يدرك البعض أن الذي سيدفع ثمنها في الأخير هو المواطن.

ومن ناحية أخرى.. إذا ارتفعت أسعار السلع والخدمات بسبب نقص العمالة: هل هناك قرارات لتصحيح الرواتب والدخول للمواطنين، لكي نضمن سياسة تحقيق الرفاه المنشود؟! لأن الوضع الطبيعي أننا بانتظار ارتفاع شامل ومفاجئ لجميع الأسعار.

وأخيرا.. حتى لو تم تأجيل القرار مرة ثانية أو مرات.. أعتقد أن هناك ضررا سيصيب سوق العمل السعودية. والسبب أن الموظف الذي استقال أو تقاعد من وظيفته الحكومية وتفرغ لمؤسسة صغيرة أو متوسطة، لا شك أنه سيندم على فعلته وسيعلم أبناءه ألا يخاطروا في المنشآت الصغيرة والمتوسطة.

[email protected]