تراجع أسعار الذهب بين الفرص والمخاطر

تاجر سعودي: المعدن الثمين تراجع 25% الشهر الماضي بشكل غير مسبوق

شهدت أسعار الذهب تراجعا ملحوظا خلال الأشهر الأخيرة («الشرق الأوسط»)
TT

أظهرت تعاملات الذهب في الأسواق العالمية مع نهاية تعاملات النصف الأول من العام الحالي إمكانية توقف تهاوي الأسعار، ومن ثم تصحيح المسار الهابط بصعود مؤقت، خاصة بعد ظهور نموذج فني يشير إلى إمكانية عكس المسار الهابط.

لكن على الرغم من التوقعات بنشوء ارتداد صاعد فإن اتجاه مسار أسعار الذهب بات مسارا هابطا ما لم تتجاوز الأسعار قمة الـ1393.5 دولار للأونصة، خاصة بعد تسجيل الأسعار لأكبر تراجع فصلي منذ 42 عاما، إثر مخاوف تتعلق باحتمالية أن ينتهي البنك المركزي الأميركي من برنامج التيسير النقدي.

وبهذا الخصوص بين فضل البوعينين، الخبير الاقتصادي والمالي، أن الذهب تحول من سلعة وملجأ للاحتياطات المالية إلى سلعة مضاربية تحرك أسعارها المضاربة في الأسواق العالمية، وقال «هذا ما ساعد على ارتفاعه بشكل لافت حتى شارف على ألفي دولار ثم تصحيح يليه الانهيار».

واعترض البوعينين على تقارير بعض بيوت الخبرة (الشركات الاستثمارية) التي كانت تتوقع أن يصل الذهب إلى ألفي دولار، وقال إن «ما حدث في الأيام الماضية من تهاوي سعر الذهب إلى سعر مسبوق وتسجيله أرقاما لم يسجلها منذ زمن بعيد من خلال الانخفاضات الحادة في فترة زمنية محددة، يؤكد أن هذه الشركات كانت تسوق لنفسها، وتساعد نفسها في التخلص من مخزون الذهب الذي تحتفظ به».

ورأى البوعينين أن الذهب لم يعد لديه ما يحققه خلال الأشهر القادمة، متوقعا ملامسته مستوى ألف دولار، مبينا أنها القيمة الحقيقية له ما لم تكن هناك تدخلات معينة تساعد في ارتفاعه.

من جهته، رأى الدكتور فاروق الخطيب، الخبير الاقتصادي، أن انخفاض الذهب بهذا الشكل مرتبط بجملة أسباب، منها حركات العرض والطلب، وقال «كلما زاد المعروض من الذهب أدى ذلك إلى انخفاض سعره، ويصبح هناك فائض بالسالب ناتج عن عدم الإقبال عليه».

وبين الخطيب خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سبب الانخفاض الذي شهدته أسعار الذهب هذا العام كان الإقبال الشديد على المضاربة في الأسهم والمستندات بين الناس، والذي تسبب في جعل الذهب أقل استثمارا ورواجا بين المضاربين، إضافة إلى كون الذهب يحتاج إلى الحماية والحراسة ليس كالأسهم والمستندات. وعلى الرغم من أن الذهب مرغوب فإن الخطيب رأى أن هذه الرغبة في حدود معينة وضيقة، وأن كثيرا ممن دخلوا في استثمار الذهب عانوا في السابق من آثار سلبية وانخفاض في سعره أدى إلى خسائر كبيرة دفعت بهم إلى الخروج من هذا النوع من الاستثمار.

وأوضح الخطيب أن تذبذب أسعار الذهب طبيعي، لأنه محدود في العالم ومن الصعب التلاعب فيه، واصفا انخفاضه في هذه الفترة بالأمر الطبيعي نظرا للارتفاعات المبالغ فيها التي وصل إليها، وأنه آن الأوان لانخفاضه ووصوله إلى المستوى الطبيعي. وتوقع الخطيب استمرار الانخفاض حتى منتصف يوليو (تموز)، وتسجيل بداية الارتفاع بعد ذلك حتى نهاية العام الحالي والاستقرار عند مبلغ 1600 دولار للأونصة كما كان الأمر في بداية عام 2013.

وبيّن أن كل الدلائل، التي منها حركة سوق الذهب العالمية والعرض والطلب، تشير إلى أن الانخفاض في سعر الذهب سيستمر حتى يصل المؤشر للقاع، متوقعا تسجيل ذلك في بداية شهر يوليو، ومن ثم سيبدأ في الارتفاع في منتصف ذلك الشهر ليصل سعره إلى 1600 دولار للأوقية كما كان في بداية 2013.

من جهة أخرى، تخوف عبد الله العماري، وهو تاجر ذهب في السوق السعودية، من الانخفاض الحاد الذي تعرض له سعر الذهب في الآونة الأخيرة، مشيرا إلى أنه في شهر يونيو (حزيران) انخفض سعر الذهب بنسبة 25 في المائة، وهو أمر لم يحدث في السابق. وأوضح العماري أن هذا الانخفاض الحاد لا يوجد له سبب محدد، وقال «تضاربت الأنباء حول أن بعض البنوك فرضت فوائد على الذهب، وأن بعض الشركات الاستثمارية والبنوك الدولية سيلت كمية كبيرة من الذهب في السوق».

وبيّن العماري أن الانخفاض الحاد الذي تعرض له الذهب جاء معاكسا لتوقعات الاقتصاديين والمحللين الذين تنبأوا بوصول سعر الأوقية لألفي دولار، مشيرا إلى أن المسار الهابط الذي سلكه سعر الذهب عزز حركة البيع في سوق الذهب، وحول حالة الركود إلى انتعاش غير مسبوق، مؤكدا على أن هذه الفترة من أفضل فترات الشراء والاستثمار في الذهب والذي يعتبر استثمارا وملاذا آمنا، مهما حدث في سعره من تقلبات.