تراجع مبيعات السيارات في أوروبا إلى أدنى مستوياتها في 20 عاما

وسط ضعف الطلب بفعل استمرار ارتفاع البطالة والركود الطويل

TT

تراجعت مبيعات السيارات الأوروبية إلى أدنى مستوى نصف سنوي في 20 عاما في النصف الأول من عام 2013، ويشير انخفاضها بنسبة 3.‏6 في المائة في يونيو (حزيران) إلى أنه ليس هناك انفراجة تبشر بتحسن في الصناعة التي تعاني من ضعف الطلب وزيادة الطاقة الإنتاجية.

وتعاني شركات صناعة السيارات الأوروبية منذ أشهر من آثار البطالة وإجراءات التقشف الحكومية في منطقة اليورو، ويسعى بعضها مثل «بيجو» الفرنسية لإغلاق مصانع وتسريح عمال لاحتواء الخسائر الكبيرة.

وشهدت «فيات» الإيطالية أكبر تراجع في المبيعات بين شركات السيارات الكبرى الشهر الماضي، فهبطت بنسبة 6.‏13 في المائة، تلتها «بيجو» بنسبة 9.‏10 في المائة، لكن «فورد» خالفت الاتجاه العام وارتفعت مبيعاتها بنسبة 9.‏6 في المائة.

وبحسب «رويترز» قال كين نو هين مدير القطاع الاقتصادي والإحصائي في اتحاد مصنعي السيارات الأوروبيين الذي جمع البيانات: «حتى إذا حدث انتعاش في النصف الثاني من العام سيكون من الصعب أن يأتي قويا بما يكفي لتعويض النتائج السيئة التي سجلناها هذا العام حتى الآن».

وقال الاتحاد إن تراخيص السيارات الجديدة في دول الاتحاد الأوروبي ودول رابطة التجارة الحرة الأوروبية تراجعت بنسبة 7.‏6 في المائة في النصف الأول إلى ستة ملايين و436743 سيارة، وهو أدنى مستوى منذ عام 1993.

وقد أظهرت بيانات صدرت أمس أن مبيعات السيارات الجديدة في الاتحاد الأوروبي تراجعت إلى أدنى مستوياتها خلال سبعة عشر عاما في يونيو مع استمرار البطالة والركود الطويل في التسبب في إضعاف الطلب الاستهلاكي.

وبحسب وكالة الأنباء الألمانية قال اتحاد منتجي السيارات الأوروبي «إيه سي إي إيه» إن إجمالي التراخيص بلغ الشهر الماضي مليونا و134 ألفا و42 سيارة، بتراجع نسبته 6.‏5% بالمقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي.

ووفقا للاتحاد ومقره بروكسل، يمثل ذلك أدنى مستوى منذ عام 1996. وقال بيتر فوس، وهو شريك مع شركة «إيرنست آند يونغ»: «لا يزال أمامنا طريق طويل لحدوث تعافٍ كبير في السوق». وأضاف أنه «حتى إذا ما تحسن الأمر مرة أخرى بدءا من عام 2014، ستظل أوروبا منطقة أزمة بالنسبة لصناعة السيارات على المدى المتوسط».

وقاد التراجع حدوث انخفاض شديد في كبرى أسواق المنطقة للسيارات، وهي ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا، غير أن بريطانيا خالفت الاتجاه وسجلت زيادة نسبتها 4.‏13%. وأوضح الاتحاد أن أسواق السيارات الجديدة بالاتحاد الأوروبي انكمشت بنسبة 6.‏6% في النصف الأول من العام الحالي مقارنة بالفترة من يناير (كانون الثاني) إلى يونيو من عام 2012. وتأتي البيانات على خلفية تنامي أزمة في صناعة السيارات الأوروبية مع اضطرار وكلاء السيارات وموزعيها إلى تقديم خصومات كبيرة وإغلاق مصانع وشطب وظائف مع وجود طاقة زائدة وتسجيل شركات السيارات خسائر متزايدة.

وسجل معدل البطالة في الاتحاد الأوروبي الأوسع (27 دولة) 11% في مايو (أيار). ويبذل الكثير من الدول الأعضاء بالاتحاد جهودا مستميتة من أجل الخروج من الركود. وأصبحت كرواتيا العضو الثامن والعشرين بالاتحاد الأوروبي اعتبارا من الأول من يوليو (تموز) الحالي.

وتراجعت مبيعات سيارات العلامة الأساسية لشركة «فولكس فاغن» الألمانية، أكبر منتج للسيارات في أوروبا بنسبة 8.‏5% في الشهر الماضي، في حين سجلت شركة «بيجو ستروين» الفرنسية المنافسة هبوطا في مبيعاتها بنسبة 8.‏10%.

ولا يزال حتى الآن الطلب القوي في أكبر سوقين في العالم للسيارات، الصين والولايات المتحدة، يسهم في تعويض الشركات الأوروبية عن التراجع في أسواقها المحلية. وقال اتحاد منتجي السيارات الأوروبي إن مبيعات «فيات» تراجعت بنسبة 5.‏5% بعد انخفاض مماثل في سوق السيارات الجديدة بإيطاليا في يونيو مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي. وتراجع إجمالي التراخيص بنسبة 3.‏10% في النصف الأول من العام. وكان الحال هو نفسه بالنسبة لكبرى شركات السيارات مثل «تويوتا» اليابانية، إذ انخفضت مبيعاتها بنسبة 9.‏3% الشهر الماضي. ‹ ولم يكن معظم شركات إنتاج السيارات الفارهة أفضل حالا، إذ تراجعت مبيعات «بي إم دبليو» أكبر منتج للسيارات الفارهة في العالم بنسبة 9.‏7%. كما حذر المدير التنفيذي للشركة نوربرت راينهوفر في مقابلة صحافية أمس الثلاثاء من أن سوق السيارات الأوروبية تتعرض لأوقات صعبة. وقال لصحيفة «بورزين تسايتونج» الألمانية الاقتصادية إنه «بشكل عام ستنكمش السوق في غرب أوروبا بنحو 5% هذا العام، وستظل تمثل تحديا بالنسبة لشركات السيارات».

علاوة على أن المدير التنفيذي لـ«بي إم دبليو» قال إنه قد لا يحدث تحسن في السوق حتى النصف الثاني من عام 2014. وتراجعت التراخيص الجديدة لسيارات «أودي» الفارهة التابعة لـ«فولكس فاغن» بنسبة 2.‏8%، بينما هوت مبيعات «لكزس» التابعة لـ«تويوتا» بنسبة 4.‏31%. ونجحت شركة «مرسيدس بنز» فقط في تحقيق مكاسب بعدما ارتفعت مبيعاتها بنسبة 7.‏2% الشهر الماضي. وقفزت سيارات «داتشيا» الاقتصادية التابعة لشركة «رينو» بنسبة 17%، ما ساعد الشركة الفرنسية على تسجيل زيادة طفيفة في إجمالي مبيعات المجموعة.

وهناك بعض النقاط المشرقة الأخرى في البيانات، إذ إن اليونان والبرتغال اللتين تقعان في قلب أزمة ديون منطقة اليورو قد سجلتا ارتفاعا في أسواقهما للسيارات. ففي البرتغال انتعشت تراخيص السيارات بنسبة 6.‏17%، كما سجلت اليونان زيادة بنسبة 2.‏2%. لكن في آيرلندا التي اضطرت أيضا إلى طلب برنامج إنقاذ من الاتحاد الأوروبي، انكمشت سوقها للسيارات الجديدة بنسبة 7.‏73%.