«المركزي المغربي» يوسع آليات تشجيع المصارف على تمويل الشركات الصغرى والمتوسطة

أعطى الأولوية للمشاريع الصناعية والمصدرة واستثنى الشركات العقارية والمهن الحرة

TT

أعلن «بنك المغرب» المركزي عن توسيع الآلية التحفيزية التي وضعها نهاية العام الماضي لتشجيع المصارف على تمويل الشركات الصغرى والمتوسطة عبر منحها «تسبيقات مالية» بسعر تفضيلي ومكافآت إضافية عن المجهودات التي تبذلها في هذا المجال.

وقال عبد الرحيم بوعزة مدير الإشراف والمراقبة لدى بنك المغرب، خلال لقاء صحافي، أمس، بمقر البنك المركزي بالرباط، إن هذه الآلية الجديدة، التي ستدخل حيز التنفيذ ابتداء من سبتمبر (أيلول) المقبل، رفعت سقف القروض الموجهة للشركات الصغرى والمتوسطة، التي يتعهد بنك المغرب بإعادة تمويلها من 15 مليون درهم (1.8 مليون دولار) إلى 50 مليون درهم (ستة ملايين دولار)، ومددت مدة إعادة التمويل إلى سنة قابلة للتجديد بدل ثلاثة أشهر في الآلية السابقة. ويعيد البنك المركزي تمويل هذه القروض بنسبة فائدة تفضيلية تصل إلى 3 في المائة.

وأوضح بوعزة أن المصارف يمكن أن تلجأ للتمويلات المتاحة في إطار هذه الآلية على أساس توقعات القروض التي تعتزم منحها للشركات وليس على أساس القروض التي منحتها فعليا للشركات الصغرى والمتوسطة كما كان في السابق.

وأضاف: «في نهاية السنة سنقوم بجرد القروض التي منحها كل مصرف للشركات الصغرى والمتوسطة، ونقارن مدى التطور الفعلي للقروض الممنوحة مع التزامات المصرف التي استفاد على أساسها من تسبيقات بنك المغرب. عندها نقوم بمكافأة المصارف التي بذلت مجهودا أكبر مما التزمت به، ونعاقب المصارف التي منحت قروضا أقل مما التزمت به عبر فرض نسبة فائدة أكبر على المبالغ التي استفادت منها، إذ يكون عليها أداء 4.5 في المائة بدل 3 في المائة».

وتندرج هذه الإجراءات الجديدة في إطار تدخلات بنك المغرب لمواجهة نقص السيولة في النظام المصرفي المغربي، والتخفيف من آثاره على الشركات الصغرى والمتوسطة. وأشار بوعزة إلى أن بنك المغرب وسع مجال تدخله لإعادة تمويل المصارف عبر توسيع الضمانات المطلوبة لتشمل الأصول الخاصة أيضا، المتمثلة في القروض الممنوحة للشركات، بعد أن كانت تقتصر في السابق على سندات الخزينة. كما مدد مدة هذه التسبيقات من سبعة أيام إلى ثلاثة أشهر ثم إلى سنة في الآلية الجديدة.

وأشار بوعزة إلى أن القروض الموجهة للشركات العقارية والمهن الحرة جرى إقصاؤها من الاستفادة من هذه التسهيلات، مشيرا إلى أن هدف البنك المركزي هو توجيه التمويلات المصرفية نحو القطاعات المنتجة، خاصة القطاعات الصناعية والمصدرة، التي أعطاها البنك المركزي طابع الأولوية عبر منح تحفيزات مضاعفة للمصارف التي تمولها.

وثمن سعد الحمومي رئيس فيدرالية المقاولات الصغرى والمتوسطة لدى اتحاد مقاولات المغرب، هذه الإجراءات الجديدة، مشيرا إلى أن التمويل لا يزال يعتبر أهم مشكلة تعاني منها الشركات الصغرى والمتوسط. وقال الحمومي: «أعتقد أن هذا الإجراءات سيكون لها أثر مهم من حيث توفير التمويلات الموجهة للشركات الصغرى والمتوسطة، خاصة أنها مبادرة مشروطة بضرورة توجيه هذه التمويلات للقطاعات المستهدفة». غير أن الحمومي يرى أن هناك جانبا آخر يجب الاشتغال عليه أيضا، يتعلق بالعلاقات بين صاحب المشروع والمصرفي. وقال: «المصرفي غالبا ما يركز على الضمانات التي يقدمها صاحب المشروع بدل الاهتمام بقيمة المشروع. وهذا يؤدي إلى إقصاء كثير من المشاريع المهمة، بينما توجه التمويلات إلى مشاريع أقل جدوى فقط لأن أصحابها قدموا ضمانات».

من جهتها، قالت لطيفة الشهابي مديرة الوكالة الوطنية لإنعاش المقاولات الصغرى والمتوسطة، إن هذه المبادرة تدخل في سياق كثير من المبادرات التي اتخذتها الحكومة خلال السنوات الأخيرة، والتي تضمنت عدة برامج لتمويل الشركات الصغرى والمتوسطة وترقيتها، منها برامج مساندة وامتياز وتطوير وإنماء ومخطط المغرب الرقمي. وأضافت أن هذه المبادرة تؤكد التوجه الجديد لبنك المغرب، الذي غير من سلوكه بحيث أصبح فاعلا ومنفتحا بعد أن كان في السابق محصورا في دور الرقابة المالية والتتبع.

وأوضحت الشهابي أن ما تحتاجه الشركات الصغرى والمتوسطة هو التأطير من طرف خبراء لكي تعد ملفاتها بدقة واحترافية. وقالت: «سلوك المصارف تغير وأصبحت تنظر إلى المشاريع قبل الضمانات. لكن المشكلة تكمن في قدرة صاحب المشروع على تقديم مشروعه بالشكل المطلوب، وقدرته على الحديث بلغة المصرفي. هذا يتطلب التأطير من طرف خبراء وكفاءات. وهذا ما نحاول توفيره».