دعوات إلى تأسيس شركة مساهمة لإدارة تنفيذ المشاريع في السعودية

بهدف حماية مشروعات القطاعين العام والخاص من التعثر

جانب من أحد المشاريع في العاصمة السعودية الرياض («الشرق الأوسط»)
TT

شدد اقتصاديون بضرورة إنشاء شركة مساهمة لإدارة المشروعات الكبرى في السعودية، بغية حمايتها من الوقوع في هوة التعثر والتأخر، لتفادي تفاقم الهدر المالي والاقتصادي بسببها.

وأوضحوا في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، أن تأخر البحث عن حلول لمعالجة إشكاليات مثل هذه المشروعات، يوسع دائرة الفجوات التنموية، مؤكدين على أهمية، تشديد الرقابة على تنفيذ تلك المشروعات.

من جانبه قدر الخبير الاقتصادي عبد الحميد العمري عضو جمعية الاقتصاد السعودية، تكاليف المشروعات التي تحتاج إلى حلول، على مدى نصف عقد مضى، بأكثر من 550 مليار ريال، مستندا في ذلك على تقرير صادر من الغرفة التجارية في الرياض، في الوقت الذي قدرها فيه منتدى خليجي لإدارة المشروعات الهندسية بأكثر من تريليون ريال (266 مليار دولار).

واقترح فكرة مشروع وطني للمساهمة في إيجاد حلول للدفع بهذه المشروعات نحو الأمام، لخصها في الدعوة بتأسيس شركة حكومية عملاقة باسم (مقاولة سعودية)، يتكون رأسمالها من 40 مليار ريال (10.6 مليار دولار). ورأى العمري أن يتم تكليف هذه الشركة، بالإشراف والتصميم والمتابعة والرقابة والتقييم على جميع المشروعات الحكومية دون استثناء، ويمكن لها تنفيذ ما لا يتجاوز 10% من قيمة العقود والمناقصات الحكومية المختلفة. وتقوم شركة (مقاولة سعودية) وفق العمري، بطرح بقية العقود والمناقصات الحكومية التي تمثل 90% منها على بقية الشركات والمؤسسات في القطاع الخاص، وذلك وفق صيغ تعاقدية عالية الشفافية، وتتولى هذه الشركة متابعة ومراقبة مستويات الإنجاز والتنفيذ، والقيام بنشر تقاريرها الدورية، حول جميع المشروعات والمناقصات الحكومية الموكلة إليها. واشترط أن تضم هذه الشركة كوادر بشرية وطنية هندسية أكثر تأهيلا، للقضاء على أغلب الأسباب المتعلقة بتعثر تنفيذ المشروعات، والتقليص من ميزانية الجهات الحكومية - على حد تعبيره.

وقال العمري: «إن هذه الفكرة يعمل بها الآن في الكثير من البلدان، وهي آخذة في الانتشار عالميا، ولعل إمارة أبوظبي صاحبة أكبر مثال على نجاحها، حيث أسست هذه الشركة لهذه الأغراض في عام 2007. تحت مسمى (مساندة)، وقد آتت ثمارا مجدية جدا، وانعكست بصورة بالغة الأهمية على سرعة ودقة والتزام المقاول، في جميع مراحل تنفيذ المشروعات». واتفق الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الرحمن باعشن رئيس مركز الشروق للدراسات مع العمري بضرورة تأسيس شركة مساهمة، مؤكدين أن تبني السعودية لهذه الفكرة، سيحدث نقطة فارقة في هذا الشأن، وسيقضي بصورة فاعلة على الكثير من المعوقات والمخاطر المتعلقة بالفساد المالي والإداري، إضافة إلى رفع جودة التنفيذ والالتزام.

وذهب إلى أن الإسراع في تنفيذ مقترح العمري، يعيد الأموال المهدرة إلى خزينة الدولة، ويمكن توظيفها في إدارة الشركة الوليدة، متوقعا أن الاستغلال السليم لهذه الأموال من شأنه، توسيع أعمالها التي يتوقع أن توفر على الدولة ما لا يقل عن تريليون دولار خلال عشرة أعوام.

وشدد على ضرورة أن تتولى الشركة السعودية المساهمة المقترحة، بعد تأسيسها وبدئها العمل تنفيذ حزمة من المستحقات، منها تسلم طلبات المشروعات المحددة من كل وزارة أو جهة حكومية بعد اعتمادها، على سبيل المثال 100 مستشفى من وزارة الصحة، 500 مدرسة من وزارة التربية والتعليم، وهكذا، وذلك وفقا لمتطلبات تلك الجهات الحكومية.

من جانبه لم يستبعد المحلل المالي عبد الرحمن العطا تحقيق مثل هذه الفكرة، على اعتبار أن مقومات نجاحها متوافرة، في ظل توافر أيد سعودية مهرة ومؤهلة في عدد من الوزارات والمؤسسات الحكومية.

ويفترض العمري طرحها للاكتتاب العام على الجمهور بعد تأسيسها، على أن يخصص من رأسمالها ما لا يقل عن 20% لشرائح المجتمع المسجلة في وزارة الشؤون الاجتماعية، وألا يتاح لها حرية التصرف (بيعا أو شراء) إلا بعد موافقة الوزارة، مؤكدا أن تلك الفئات ستتحقق لها الفائدة المادية، من خلال التوزيعات النقدية الدورية التي ستدفع لهم. وقال العمري: «بهذه المعادلة أو الشراكة الاستثمارية، تتحقق الكثير من الأهداف التنموية والرقابية في هذا الخصوص، خاصة أن الدخل المتوقع منها يقدر بما لا يقل سنويا عن 10% من قيمة مشروعات الحكومة».

وتتولى الشركة وفق العمري، تصميم واقتراح تلك المشروعات حسب المتطلبات المحددة، وتقدير تكلفتها، ومن ثم عرضها بعد ذلك على الوزارة المعنية، منوها بأهمية أن تبين أي جهة حكومية متطلباتها واحتياجاتها من المشروعات التي تقع تحت مسؤوليتها.

واقترح أن تقع مسؤولية التصميم وتقدير التكاليف والتنفيذ والرقابة والمتابعة، وفق الجدول الزمني المحدد على شركة (مقاولة سعودية)، التي يرى باقتطاع مقابلها المادي من القيمة الإجمالية، لتكاليف تنفيذ تلك المشروعات، كمصدر لدخلها الرئيسي.

وتبدأ شركة (مقاولة سعودية) المقترحة، بعد موافقة الوزارة المستفيدة وفق العمري، بطرح تلك المشروعات كمناقصات على القطاع الخاص، ممثلا في الشركات والمؤسسات المختصة، ووفقا لتصنيفاتها المعتمدة من الحكومة، على أن تنفذ من تلك المشروعات، ما لا يتجاوز 10% من قيمة العقود الحكومية المعتمدة خلال العام المالي الجاري. ورأي بأهمية أن تتولى شركة (مقاولة سعودية)، التعاقد مع المقاول المناسب والمؤهل، وفقا لأعلى المعايير الهندسية والفنية اللازمة، والإشراف والمتابعة والرقابة لجميع الأعمال المنصوص عليها في العقد.