الصين تعزز هيمنتها على قطاع النفط العراقي

وسط مخاوف حول الإمدادات والخلافات بين بغداد وإقليم كردستان

أحد حقول النفط العراقية («الشرق الأوسط»)
TT

قالت وكالة «رويترز» للأنباء نقلا عن مصادر في قطاع النفط أمس إن «بتروتشاينا»، أكبر شركة صينية للطاقة، ستشارك «اكسون موبيل» في تطوير حقل «غرب القرنة 1» الضخم في العراق، وإنها تجري محادثات مع «لوك أويل» لشراء حصة في «غرب القرنة 2».

والصين هي أكبر مستثمر أجنبي في حقول النفط الجنوبية في العراق، وقد تعزز صفقة غرب القرنة هيمنتها وتجعل «بتروتشاينا» أكبر مستثمر أجنبي هناك. وتشارك «بتروتشاينا» شركة «بي بي» في حقل «الرميلة»، أكبر حقل نفطي في العراق، وتتولى تشغيل حقل «الحلفاية». وكانت «بتروتشاينا» أول شركة أجنبية توقع عقد خدمات نفطية في العراق بعد أن أطاحت قوات تقودها الولايات المتحدة بنظام صدام حسين. وقال مصدر بالصناعة مطلع على صفقة الشركة مع «اكسون»: «ستشارك (بتروتشاينا) في تطوير الحقل».

وأضاف أن الإعلان عن الصفقة سيتم خلال أسابيع، لكنه رفض الخوض في تفاصيل الاتفاق بين أكبر شركتين مدرجتين للطاقة في العالم من حيث القيمة السوقية. ورفضت «بتروتشاينا» و«اكسون» التعقيب. وتمتلك «اكسون» حصة 60 في المائة في مشروع «غرب القرنة 1» الذي تبلغ استثماراته نحو 50 مليار دولار ويضخ نحو 480 ألف برميل يوميا.

وفي مارس (آذار)، قال جيانغ جي مين، الرئيس السابق لمجلس إدارة «بتروتشاينا»، لـ«رويترز»، إن الشركة مستعدة للتعاون مع «اكسون» في غرب القرنة. وقال مصدر في شركة «لوك أويل» الروسية إن «بتروتشاينا» تجري محادثات مع «لوك أويل» لشراء حصة في «غرب القرنة 2». ورفض المصدر الإفصاح عن حجم الحصة التي يجري الحديث بشأنها. وأضاف المصدر «قال رؤساء (لوك أويل) بالفعل إنهم يفضلون شريكا آسيويا.. شريكا صينيا في المشروع حتى تكون لهم سوق مضمونة لمبيعات النفط».

وكان فاجيت اليكبيروف، الرئيس التنفيذي لـ«لوك أويل»، قد قال إن الشركة تريد شريكا صينيا ليحل محل «شتات أويل» النرويجية في المشروع. ووافقت «شتات أويل» العام الماضي على بيع حصتها التي تبلغ 18.75 في المائة. ومن المتوقع أن ينتج «غرب القرنة 2» الذي تبلغ استثماراته 30 مليار دولار 500 ألف برميل يوميا في 2014. وتنوي «لوك أويل» استثمار خمسة مليارات دولار في المشروع في عام 2013 وحده.

وفي العام الماضي عرضت «اكسون» بيع حصتها في «غرب القرنة 1» الواقع في جنوب العراق بعد نزاع مع بغداد بشأن عقود وقعتها الشركة مع إقليم كردستان شبه المستقبل في شمال العراق، وهي عقود تقول الحكومة المركزية إنها غير قانونية.

وقال مصدر مطلع على عمليات «بتروتشاينا» في العراق في مارس إن الشركتين تبحثان اتفاقا من شأنه أن يسمح لـ«اكسون» بالبقاء كمشغل للحقل الذي تمتلك فيه «رويال داتش شل» حصة تبلغ 15 في المائة. وقالت مصادر في الصناعة إنه من المستبعد أن تشتري «بتروتشاينا» حصة في كلا المشروعين نظرا لحجمهما ونطاقهما.

لكن حقول النفط العراقية هي أكبر الحقول المتاحة للاستثمار الأجنبي في الشرق الأوسط، وهو ما يجعل مقاومة إغرائها أمرا صعبا، لا سيما مع تزايد اعتماد الصين على الواردات. وقال مصدر في الصناعة له اطلاع مباشر على استراتيجية «بتروتشاينا» للاستثمارات الخارجية «(بتروتشاينا) تتعرض لضغط كبير لتعزيز إنتاجها واحتياطياتها». وتابع «نظرا لشروط التعاقد المغرية كان العراق من أبرز النقاط المضيئة لعمليات (بتروتشاينا) الخارجية على مدى الأعوام الثلاثة الماضية».

من جهة أخرى، باشرت شركة «نفط الشمال» العراقية أمس بزيادة معدلات الضخ من حقول كركوك إلى ميناء جيهان التركي بزيادة تفوق 100 ألف برميل لمعالجة التوقف الذي تعرض له الخط خلال الأسابيع الأربعة الماضية نتيجة أعمال التخريب والمشاكل الفنية لمسارات الخط.

وقال مصدر في قسم الإنتاج بالشركة، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) «بدأنا اليوم زيادة الضخ ما بين 400 إلى 425 ألف برميل بعدما كنا نضخ بين 300 إلى 325 ألف برميل وهي بشكل تجريبي لمعالجة النقص في عمليات التصدير نتيجة للتوقفات شبه المستمرة خلال شهر والمشاكل الفنية بالمسار من نضوح وتهالك وللتأكد من مسار الخط في زيادة الضخ فنيا».

وأضاف أن «قدم وتهالك الخط لا يمكن أن يجعله يتحمل زيادة المعدلات إلى شكلها الطبيعي بين 500 إلى 600 ألف برميل، الأمر الذي دفع للتحرك عن طريق وزارة النفط بالطلب من شركات عالمية لمد خط يمتد من مصفاة (بيجي) لتكرير النفط الخام للحدود التركية، بسبب تآكل وقدم وتهالك الخط هناك بسبب الأعمال التخريبية وتهريب النفط». وأوضح أن «الشركة تتوقع زيادة في إنتاجها لأكثر من 670 برميلا تنتجها حاليا بسبب أعمال التطوير لحقول الخباز وعجيل وباي حسن من قبل كوادر فنية عراقية بالشركة».

وفي الأسواق ارتفعت أسعار العقود الآجلة لخام برنت دولارا أمس لتتجاوز 107 دولارات للبرميل نتيجة تعثر إمدادات من بحر الشمال وليبيا وظهور مؤشرات على استقرار الاقتصاد الصيني أكبر مستهلك للطاقة في العالم. وبحسب «رويترز»، قال محللون إن أسعار النفط مدعومة بمخاوف من تأخر إمدادات من بحر الشمال، فضلا عن اضطرابات في دول أعضاء في أوبك بالشرق الأوسط قد يطول أمدها أو تتفاقم.

وارتفعت عقود الخام الأميركي تسليم سبتمبر (أيلول) 1.17 دولار إلى 104.59 دولار للبرميل، بعد أن قال مصدر تجاري إن مزيدا من شحنات خام فورتيس من حقول بحر الشمال ستتأخر بسبب إغلاق خط أنابيب. وبلغ سعر الخام الأميركي 103.87 دولار. وارتفع خام برنت دولارا إلى 107.68 دولار للبرميل بعد أن أغلق في الجلسة السابقة على أدنى مستوياته منذ الرابع من يوليو (تموز). لكنه قلص مكاسبه سريعا ليجري تداوله عند 107.10 دولار.

من جهتها، انتعشت أسعار العقود الآجلة للنفط الخام الأميركي أوائل التعامل في آسيا أمس متجهة صوب 104 دولارات للبرميل مع إقبال المستثمرين على الشراء بعد أن سجل الخام أدنى مستوياته في شهر خلال أطول موجة هبوط له هذا العام. وكانت أسعار عقود خام غرب تكساس الوسيط لأقرب استحقاق تراجعت على مدى خمس جلسات متتالية حتى يوم الخميس وهي أطول موجة هبوط منذ ديسمبر (كانون الأول)، وذلك بفعل المخاوف بشأن مستقبل برنامج التحفيز النقدي في الولايات المتحدة وتوقعات بأن إمدادات النفط في بحر الشمال سوف تتحسن الشهر المقبل بعد انتهاء أعمال الصيانة.

وفي أوائل التعاملات الإلكترونية لبورصة «نايمكس»، ارتفع سعر عقود الخام الأميركي الخفيف لتسليم سبتمبر 55 سنتا إلى 103.95 دولار للبرميل، بعد إغلاقه الجلسة السابقة على أدنى مستوى له عند التسوية منذ 30 يوليو. ويأتي هذا فيما قالت منظمة أوبك أمس إن إنتاجها من النفط يتراجع بسبب اضطرابات في ليبيا والعراق، بينما يسد الإنتاج المتنامي من الدول غير الأعضاء بالمنظمة النقص في الإمدادات.

وذكرت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) في تقريرها الشهري أن إنتاجها في يوليو تراجع 100 ألف برميل يوميا إلى 30.31 مليون برميل يوميا، وفقا لمصادر ثانوية. وقالت إن المنتجين غير الأعضاء في «أوبك» عززوا إنتاجهم بنحو 170 ألف برميل يوميا. وقال التقرير إنه من المتوقع انخفاض الطلب على نفط أوبك العام المقبل بواقع 265 ألف برميل يوميا إلى 29.65 مليون برميل يوميا، بينما من المتوقع أن يزيد المعروض من خارج أوبك على 55 مليون برميل يوميا. وتتوقع أوبك أن ينمو إنتاج النفط من الدول غير الأعضاء بالمنظمة 1.15 مليون برميل يوميا في 2014.

وقال التقرير إنه من المتوقع أن يبلغ إجمالي الطلب العالمي على النفط 90.75 مليون برميل يوميا في 2014، بزيادة 1.04 مليون برميل يوميا على أساس سنوي.

من جهتها، قالت وكالة الطاقة الدولية أمس إن ازدهار إنتاج النفط الصخري الأميركي يحمي العالم من ارتفاعات كبيرة في أسعار النفط في ظل الاضطرابات ومشكلات البنية التحتية التي تؤثر على إنتاج دول أعضاء في منظمة أوبك. وذكرت الوكالة التي تقدم المشورة للاقتصادات المتقدمة بشأن سياسات الطاقة أن العنف وأعمال الصيانة يخفضان إنتاج النفط وصادراته من العراق وليبيا.

وقالت الوكالة في تقريرها الشهري عن سوق النفط إنه من المتوقع أن تنخفض صادرات النفط العراقي بواقع نحو 500 ألف برميل يوميا في سبتمبر بسبب أعمال واسعة النطاق في المنشآت النفطية. وأضافت «على المستوى الرسمي ستنخفض الكميات في سبتمبر فقط لكن نخشى أن يمتد الإغلاق لعدة أشهر نظرا لنطاق هذه الأعمال وضعف التزام العراق بالجداول الزمنية للمشروعات» وقالت «من المتوقع أن تظل الصادرات الشمالية (من العراق) محدودة إلى أجل غير مسمى بسبب عدم إحراز تقدم بين بغداد وحكومة إقليم كردستان في مسألة سداد المدفوعات وشروط العقود». وذكرت الوكالة أن إمدادات النفط الليبية انهارت بسبب تفاقم النزاعات العمالية والاضطرابات الأهلية، وأن الصادرات انخفضت بمقدار الثلث في أوائل أغسطس (آب). وأضافت «الأزمة المتفاقمة - وهي الأسوأ منذ اندلاع الحرب الأهلية في أوائل 2011 - تضعف المؤسسات الحكومية الهشة أصلا وتعوق تدفق الإيرادات الحيوية».