السعودية: تحذيرات من التفاؤل بانخفاض أسعار الغذاء في ظل غياب استراتيجية زراعية

رئيس مجلس الغرف: من الضروري تسريع تنفيذ البرنامج الطارئ للأمن الغذائي العربي

TT

حذر مختصون من الاطمئنان إلى التقارير الدولية، التي تفاءلت بانخفاض أسعار الغذاء في العالم، وأنها ليست مضمونة النتائج، مبينين أن المؤشرات التي تدل على انخفاض الأسعار غير مؤكدة على المدى البعيد.

وعزوا ذلك إلى التقلبات التي تسود العالم بين الفينة والأخرى، من حيث الأحداث الساخنة والكوارث الطبيعية، فضلا عن بطء النمو الاقتصادي وانتشار البطالة والجوع في بعض البلاد لا تزال قائمة.

وكانت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، قد أكدت في يوليو (تموز) أن أسعار الغذاء تتجه نحو الانخفاض خلال الأشهر المقبلة، بعد أن وصلت إلى المستويات الدنيا لها منذ أكثر من عام، حيث ارتفعت في صيف 2012 بسبب موجة الجفاف التي ضربت أميركا مؤخرا.

وتوقعت إنتاجا وفيرا من محصول الذرة في أميركا والأرجنتين ومنطقة البحر الأسود، ما من شأنه تخفيض أسعار الغذاء مرهونا بقوة عملة الدولار.

ويأتي ذلك في وقت، يستحث فيه القطاع الخاص العربي الخطى، إلى تحويل مبادرة تحويل الأمن الغذائي العربي إلى واقع محسوس، وذلك من خلال استغلال ما يعادل 10 في المائة من مساحة العالم في مجال الاستثمار الزراعي.

وفي هذا السياق، أوضح المهندس عبد الله المبطي رئيس مجلس الغرف السعودية لـ«الشرق الأوسط»، قائلا «إن القطاع الخاص العربي وضع استراتيجية من شأنها تعزيز الاستثمار في المجال الزراعي في السودان لتحديث الزراعة في مجال الأمن الغذائي».

ولفت إلى أن هناك عشرين توصية أطلقها القطاع الخاص العربي خلال اجتماعه الذي عقده مؤخرا في العاصمة السودانية الخرطوم، شددت جميعها على ضرورة الاستفادة من الموارد الطبيعية والفرص الاستثمارية، التي يتمتع بها السودان في قطاع الزراعة، والتي تعادل 10 في المائة من الأراضي الصالحة للزراعة غير المستغلة في العالم.

وشدد على ضرورة تسريع تنفيذ البرنامج الطارئ للأمن الغذائي، وتنسيق الجهود العربية لتطوير إنتاج المحاصيل الرئيسة من الحبوب والمحاصيل الزيتية والسكر واللحوم.

من جانبه، أكد محمد الحمادي رئيس اللجنة الغذائية وعضو مجلس الإدارة بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض لـ«الشرق الأوسط» أن الأحداث التي تعج بها منطقة الشرق الأوسط ومناطق أخرى في العالم، بجانب الكوارث الطبيعية في بعضها، أضرت بالوضع الاقتصادي والغذائي، ورفعت أسعار المنتجات الغذائية.

وأضاف أن غياب الاستراتيجية على المستوى العالمي عامة والمستوى العربي خاصة، نحو استغلال أمثل لمقومات الإنتاج الزراعي والغذائي والتحوط لانعكاسات الكوارث الاقتصادية والسياسية والطبيعية المحتملة، فضلا عن القائمة أصلا، لا يطمئن إلى استدامة وتوفير الغذاء مستقبلا، بالشكل الذي يدعو للتفاؤل بانخفاض الأسعار وسد رمق الجوعى في أنحاء العالم المختلفة.

وحذر الحمادي من الاستكانة للتقارير الدولية التي تتحدث عن احتمال انخفاض أسعار المنتجات الغذائية، دون التوجه إلى تصميم استراتيجية عربية موحدة، يتشارك في تنفيذها القطاع العام مع القطاع الخاص، لاستغلال أمثل للأراضي الزراعية الواسعة في بعض البلاد العربية وتطوير صناعة المنتجات الغذائية.

وأكد أنه ليس هناك تطمينات أممية كافية، لتحسن الاقتصاد العالمي وتوفر الغذاء بالشكل الذي يجعله متاحا حتى للبلاد التي تعاني من الفقر والمرض والجوع، فضلا عن أسباب أخرى تتعلق بالسياسات الدولية نحو الوضع الأمني في البلاد التي تعاني من الحروب الأهلية، ناهيك عن الحروب الدولية.

ونادى بضرورة إنفاذ المبادرة التي أطلقها القطاع الخاص العربي في الخرطوم مؤخرا، مشددا على أهمية تعاون الحكومات والجامعة العربية في هذا المجال لإنزال هذه المبادرة أرض الواقع، وتوجيه وإنجاح حجم كبير من الاستثمارات في المجال الزراعي والغذائي.

أما الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الرحمن باعشن رئيس مركز الشروق للدراسات الاقتصادية، فأكد أن الحد من الأزمات الغذائية وتداعيات تقلبات الأسعار، يتم بتعزيز التجارة العربية البينية في المنتجات الزراعية والغذائية في إطار منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، مع إنشاء شركات للنقل البري والبحري.

ولفت إلى أهمية توفير التمويل طويل المدى والميسر للمشاريع الزراعية والغذائية، وتحفيز المصارف التجارية لتقديم التسهيلات التمويلية المناسبة، وتعزيز دور مؤسسات التمويل العربية المشتركة لمواكبة الاحتياجات التمويلية للمشاريع، إلى جانب تفعيل دور المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات للتأمين على مخاطر الاستثمار تجاه المخاطر غير التجارية.

وشدد على ضرورة توحيد التشريعات القانونية في مجال الاستثمار في الدول العربية، التي تسهم في جذب المستثمرين والعمل على تكوين قاعدة معلومات استثمارية موحدة واستقرار سعر الصرف، إضافة إلى الاستفادة من التجارب الاستثمارية الناجحة ومعالجة العقبات التي تواجه الاختلاف في التشريعات القانونية بين الدول وتمليك الأرض للمستثمرين، في إطار الاستفادة من التجارب الرائدة وإزالة العقبات التي تواجه المستثمرين العرب.

يشار إلى أن الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربية واتحاد عام أصحاب العمل السوداني بالخرطوم، نظم في الخرطوم مؤخرا مؤتمر الاستثمار في الأمن الغذائي، مشددا على توجيه الاستثمار على أسس مستدامة للارتقاء بالطاقات والقدرات الإنتاجية كما ونوعا.

ونادى باعتماد استراتيجية جديدة، تحقق الارتقاء بإنتاجية الزراعة والتصنيع الزراعي والغذائي وإدخالها دائرة التطوير، مع زيادة مخصصات القطاع الزراعي في الموازنات العامة، بالتركيز على استثمارات البنية التحتية والمرافق ذات الصلة بالزراعة والتنمية الريفية.